بشكلٍ مُفاجئ أعلن الناطق باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام، أبو عبيدة، عن تدهور صحة أحد الأسرى الإسرائيليين المُحتجزين لدى الكتائب، مُشيراً في ذات الوقت إلى أنّه سيتم نشر تفاصيل أوفى عن الملف خلال ساعات.
هذا الإعلان وضع دولة الاحتلال "الإسرائيلي" في حالةٍ من الغموض والشكوك بشأن صحة جنودها المحتجزين لدى كتائب القسام؛ وذلك في ظل عدم معرفتها بهوية الأسير المريض ولا حتى طبيعة حالته الصحية؛ الأمر الذي دفع مسؤول إسرائيلي إلى أخذ التصريحات على محمل الجد.
لكِن بالنسبة للفلسطينيين فقد أحيًت تصريحات أبو عبيدة، الأمل في نفوسهم بإمكانية تحقيق صفقة تبادل جديدة مُشابهة لـ"صفقة وفاء الأحرار" التي أُنجزت عام 2011.
وفي العام 2019، وخلال تصعيد إٍسرائيلي غزّة، تخلله قصف لمبانِ وعمارات، أعلنت كتائب القسام، إصابة عدد من الأسرى الإسرائيليين بصورة مباشرة، دون كشف مزيد من التفاصيل.
ورسميًا، لدى كتائب القسام أربعة أسرى إٍسرائيليين، وهم الجندي "شاؤول آرون" والضابط "هدار جولدن" وقد تم اعتقالهم خلال معارك شرقي مدينتي غزّة ورفح صيف العام 2014، إضافةً للإسرائيليين "أفيرا منغستو" و"هشام السيد".
فيما ألمحت "القسام" مراتٍ عدة إلى أنَّ عدد الأسرى الإسرائيليين المُعلن، أقل من الحقيقي ممن هم بحوزتها، دون ذكر توضيح بهذا الخصوص.
جدال سياسي
بدوره، رأى المختص في الشأن الإٍسرائيلي، باسم أبو عطايا، أنَّ توقيت إعلان أبو عبيدة، له علاقة بما يجري في دولة الاحتلال من خلاف سياسي، مُرجحاً أنَّ يكون التصريح فيه من الحقيقة ما فيه؛ بمعني ربما يكون أحد الأسرى في حالة حرجة؛ خصوصًا يُمكن الحديث عن الأسيرين الذين تم اعتقالهما خلال المعركة "شاؤول آرون" و"هدار جولدن".
وأضاف أبو عطايا، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "بالتالي فإنَّ الأمر بهذا الشكل سيُشكل خطورة كبيرة وسيُحدث حالة من الغضب والجدال السياسي؛ حيث إنَّ التوقيت مهم في ظل محاولات حل الكنيست والصراع داخل الساحة الحزبية الإسرائيلية".
وبالحديث عن كيفية تعامل الاحتلال إنّ كان الأسير الذي تدهورت حالته الصحية من ذوي البشرة السمراء أم من اللذان أصيبا في عدوان 2014، قال أبو عطايا: "إنَّ تعامل الاحتلال مع الملف سيختلف؛ تبعاً لطريقة أسره ولون بشرته وجنسيته"، مُردفاَ: "عند الحديث عن شاؤول آرون أو هدار جولدن، فإنّه سيتم الضغط على الرأي العام في دولة الاحتلال؛ باعتبار أنّه تم أسرهما خلال المعركة مع غزّة".
وأكمل: "بالتالي فإنَّ الأمر سيكون له تأثير كبير على القيادة السياسية التي كانت تُمسك بزمام الأمور أثناء عدوان 2014 على غزّة، أمثال نفتالي بينت وشاؤول موفاز، وبذلك يترتب عليهم دفع ثمن غيابهما والسعي لإعادتهما".
وأردف: "أما الحديث عن الأسيرين الذين دخلا إلى غزّة بطريقة أخرى؛ يعني أنَّ القيادة السياسية في دولة الاحتلال لن تُغامر بإعادتهم، وسيكون الأمر أقل ضغطًا على المستوى السياسي".
و استدرك: "لكِن في حال الحديث على شاؤول آرن أو هدار جولدن، يعني ذلك أنَّ الاحتلال كان يكذب في حديثه عن أنَّ الجنود المحتجزين لدى حماس جثث"، مُضيفاً: "دولة الاحتلال تُفكر الآن من هو الأسير المريض وهم في حالة غضب وجدال سياسي".
المسافة الفاصلة 00.فرصة للوسطاء للتحرك
وبشأن دلالة ترك أبو عبيدة مسافة بين تصريحه المقتضب حول تدهور صحة أحد الأسرى، وإعلانه كشف تفاصيل أخرى خلال الساعات القادمة، أوضح أبو عطايا، أنَّ المساحة الفاصلة التي تركها دون الإدلاء بالتصريح الآخر، هي من ستُوجد حالة الضغط النفسي والسياسي لدى الاحتلال وستدفع الشارع للضغط على الاحتلال للتحرك".
وبيّن أنَّ هذه المسافة التي تركها "أبو عبيدة"، هي من ستُعطي القيادة السياسية "الإسرائيلية" الفرصة للاتصال بالوسطاء من أجل التحرك بسرعة للإجابة على تساؤلاتهم، لمعرفة ما الذي لدى المقاومة في غزّة، ولماذا تم تحريك الملف، وما هو الثمن ومن هو الأسير.
واستدرك: "وبالتالي سيترتب على التصريح الآخر، كيف يُمكن أنّ تتحرك دولة الاحتلال، وفي أيّ اتجاه يأتي الإعلان الآخر"، مُعتقداً أنّه إذا استمرت حالة الجمود ولم تتحرك دولة الاحتلال؛ فلن يتم الإدلاء بتصريح توضيحي آخر.
وأشار إلى ضرورة دفع الاحتلال ثمن المعلومة القادمة، حيث إنَّ المقاومة ترفض كشف تفاصيل وافية عن أوضاع المحتجزين لديها، مُرجحاً أنَّ يكون الثمن عالٍ جداً، حال تعلق الأمر بصحة أحد الجنديين الذين أُسرا خلال عدوان 2014، والتحرك باتجاه عقد صفقة مع المقاومة يكون جزءًا من اللعبة السياسية مع دولة الاحتلال.
وأكمل: "المقاومة دفعت اليوم للبرنامج الانتخابي القادمة للأحزاب الإسرائيلية وملف الأسرى ملف مهم، لمن يُريد أنّ يُخاطب الجمهور الإسرائيلي بقدرتهم على إعادة هؤلاء الأسرى من غزّة".
ولفت إلى أنَّ السؤال الذي يطرح نفسه، هو هل ستكون الحكومة الانتقالية وحكومة تسيير الأعمال التي سيقودها يائير لابيد، قادرة على دفع الثمن، مُعتقداً في ذات الوقت أنّه لابيد سيكون الأقدر على دفع الثمن؛ لأنّه سيُحمل المسؤولية لنتنياهو وموفاز؛ ولم يكن شريكاً زمن أسرهم.
وفي ختام حديثه، استبعد أبو عطايا، أنّ يُجازف يائير لابيد بدفع الثمن -أيّ إنجاز صفقة تبادل-؛ لأنّه في حال حل الكنيست لن يتمكن من الذهاب لإنجاز صفقة تبادل.