"إسرائيل اليوم" : الأهداف المركزية لرحلة بايدن في الشرق الأوسط

حجم الخط

بقلم: أبراهام بن تسفي

 

 




بعد أقل من ثلاثة أسابيع، في 13 تموز، ستهبط طائرة "إير فورس 1" في مطار بن غوريون، وهكذا تنطلق الحملة الأولى للرئيس الـ 46 إلى الشرق الأوسط. ومع أن زيارات الرؤساء الأميركيين إلى البلاد المقدسة أصبحت أمراً شبه اعتيادي منذ وطأت قدم الرئيس الأميركي، ريتشارد نيكسون، لأول مرة أرضها في 16 حزيران 1974، ومع ذلك تعد هذه سابقة. إذ إن نظيره الأساس في القدس سيكون يائير لابيد، الذي سيترأس الحكومة الانتقالية البديلة حتى الانتخابات التي على الأبواب.
رغم حقيقة أن الحديث يدور عن "إوزة عرجاء" من لحظة دخوله إلى بلفور، ومن المشكوك فيه جداً أن ينجح في نيل شرعية جماهيرية لمكانته الجديدة حتى موعد الانتخابات، اختار بايدن ألا يغير مسار جولته. وهكذا سيحظى لابيد، بحكم استعداد الرئيس اللقاء به باعتراف أميركي رسمي وكأنه رئيس وزراء "معياري" وذو إمكانية حكم ناجعة في كل المستويات وليس رئيس حكومة انتقالية.
أغلب الظن، فإن الرواسب العميقة للضغينة والشك التي تراكمت بين نائب الرئيس (في إدارة أوباما) بايدن، وبين رئيس الوزراء في حينه نتنياهو، والقرب الزائد من نتنياهو لعدو بايدن المرير، ألا وهو الرئيس السابق ترامب، هي التي كانت في أساس قرار إطلاق رسالة تأييد لواحد من قائدي "كتلة التغيير".
رغم حقيقة أن الساحة الأميركية – الإسرائيلية مليئة بمحاولات أميركية "لاجتياز الخطوط" والتأثير على نتائج الانتخابات للكنيست، فإن هذه هي المرة الأولى التي يعمل فيها الرئيس ومحيطه القريب لمنح إسناد لحكومة انتقالية في ذروة أزمة سياسية حادة وعلى خلفية الانتخابات المقتربة. ناهيك عن أن الرئيس لن يجلب معه إلى القدس رزمة هدايا في شكل مؤتمر شرم الشيخ لمكافحة الإرهاب (الذي عقده الرئيس كلينتون في آذار 1996 بهدف مساعدة الحملة الانتخابية لشمعون بيريس)، فإن الزيارة ستتضمن مع ذلك غلافاً دولياً داعماً. فالحديث يدور عن صيغة متجددة ومعدلة لـ "حلف المحيط" من أواخر الخمسينيات والذي يشارك فيه هذه المرة (ممن سيجتمعون في قمة افتراضية في أثناء الزيارة) زعماء الهند والإمارات، وذلك حين سيلعب القائد الأميركي دور الشريك الكبير ومقاول التنفيذ.

زيارة مليئة بالوعود
فضلاً عن ذلك، يمكن التقدير بأن الزيارة ستكون مليئة بالوعود تجاه إسرائيل، بما في ذلك الإعراب عن الاستعداد لتعميق التعاون الإستراتيجي معها على المستوى الاستخباري والتكنولوجي، بما في ذلك المساعدة في تطوير منظومات دفاع جوي متطورة تساعدها على التصدي في المستقبل لتحديات أمنية من جهة طهران، ومن ضمن ذلك الامتناع عن طرح خطط جديدة للتسوية في المجال الفلسطيني (ما سيخيب أمل رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن الذي سيجتمع معه بايدن في ختام زيارته إلى البلاد).
وترتبط هذه الإغراءات والحلويات أيضاً بالاستئناف القريب للمفاوضات الجديدة مع إيران في المسائل النووية، وتستهدف تهدئة إسرائيل في ضوء إمكانية التوقيع قريباً على "اتفاق فيينا الثاني".
التهديد الإيراني، الذي يحوم في خلفية الرحلة إلى القدس، يرتبط بحبله السري أيضاً مع مدماكه السعودي، الذي يشكل درة التاج للرحلة كلها. فالإدارة لا تسعى فقط لتبديد قلق دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، من هجران أميركي لها في ضوء الخطر المحدق من جهة إيران، لا سيما في ضوء استئناف المفاوضات معها في المسألة النووية، بل تسعى أولاً وقبل كل شيء إلى البدء من جديد بمنظومة العلاقات مع السعودية على أساس ودي أكثر. وذلك بعد الجمود العميق الذي تميزت به بداية ولاية بايدن وفي ضوء ارتفاع أسعار النفط في أعقاب العقوبات التي فرضت على تصدير النفط الروسي بعد غزو أوكرانيا.
وساهم هذا الارتفاع في الأسعار إلى ارتفاع شاهق للتضخم المالي الحالي الذي لن يكون ثمنه السياسي على بايدن محتملاً إذا لم يوقف بسرعة.
وهكذا وبينما يواصل وضعه السياسي في الاستطلاعات بالتدهور؛ حيث يصل اليوم إلى 36 في المئة فقط، يسعى الرئيس الـ 46 إلى المشاركة في قمة جدة ومحاولة الدفع قدماً بمسيرة التطبيع بين السعودية وإسرائيل. وذلك حين يكون الهدف الحقيقي للزيارة هو تحسين الوضع البشع لحزبه قبيل الانتخابات الوسطى للكونغرس في تشرين الثاني.
كل شيء بالطبع شريطة أن يقر خصمه اللدود حتى وقت قريب، ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، زيادة أخرى في إنتاج الذهب الأسود، ما سيهدئ سوق الطاقة ويخفف من أزمة بايدن السياسية. في ضوء الظروف السياسية، الاقتصادية، والطاقات الجديدة تحول بن سلمان من شخصية غير مرغوب فيها إلى هدف منشود لمغازلة الرئيس الذي لا يتردد الآن في الوصول حتى الرياض وجدة. بعد وقت غير بعيد سيتبين إذا نجح الرئيس في تحقيق الأهداف المركزية من رحلته إلى الشرق الأوسط عامة وإلى السعودية خاصة، فيحسّن بذلك مكانته في جبهته الداخلية. من غير المستبعد أن يأتي حبل النجاة لحزبه من واشنطن بالذات، وذلك في أعقاب قرار المحكمة العليا في مسألة الإجهاض، والذي سيكون من ناحيته أنبوب تنفس حيوي.

عن "إسرائيل اليوم"