شكَّل الأول من إبريل 2021، نقطة فاصلة في الفعل المُقاوم ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي بشمال الضفة الغربية؛ وتحديدًا مدينة جنين ومخيمها؛ بالإعلان عن تشكيل "كتيبة جنين" التي أسسها الشهيد جميل العموري الذي اغتيل في اشتباكٍ مسلح مع قوات الاحتلال في 10 يونيو 2021 بمدينة جنين، وهو صاحب المقولة الشهيرة "لا تُطلقوا رصاصكم في الهواء"؛ ليتحول إلى كابوس على دولة الاحتلال.
فكرة "كتيبة جنين" وُلدت فعليًا في التاسع من سبتمبر يوم الهروب الكبير لأسرى نفق الحرية الستة من سجن جلبوع، حيث جسَّد الأسرى الستة الوحدة الوطنية بانتماء خمسة أسرى للجهاد الإسلامي والأسير زكريا الزبيدي لحركة فتح، وعلى الرغم من انتزاع الأسرى حريتهم لمدة لا تتجاوز الـ5 أيام إلا أنَّ نواة "كتيبة جنين" انتقلت إلى شباب المدينة ومخيمها وكذلك إلى مدينة نابلس.
ويُحاول الاحتلال مّنذ إبريل 2021، تصفية "كتيبة جنين" وعدم انتقال النموذج إلى مدن فلسطينية أخرى من خلال محاصرة المقاومين يوميًا بالقتل والإعدامات الميدانية وهدم بيوتهم وخطفهم واعتقالهم في جنح الظلام؛ لكِن فكرة "كتيبة جنين" تتمدد وتزداد شراسة في مقارعة الاحتلال.
فجر اليوم الخميس، تمكن مقامون من إصابة ضابط إسرائيلي واثنين من المستوطنين أثناء تأمين قوات الاحتلال اقتحام المستوطنين منطقة مقام سيدنا يوسف عليه السلام في مدينة نابلس، الواقع في مناطق "أ".
وفي وقتٍ لاحق، أعلنت كتيبة نابلس بسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، اليوم الخميس، أن مجاهديها تمكنوا في تمام الساعة العاشرة من مساء يوم الأربعاء 29-6-2022م، من نصب كمائن محكمة لقوات الاحتلال التي اقتحمت شرق مدينة نابلس برفقة قطعان المستوطنين والذين قاموا بأداء صلوات داخل قبر يوسف.
وقالت الكتيبة :"استهدف مقاتلونا قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين بزخات من الرصاص في أعنف اشتباكات مسلحة شهدتها المدينة، حيث كمن مجاهدونا في الكتيبة لقوات الاحتلال المقتحمة للمنطقة الشرقية، فكان الاستهداف لها بشكل مباشر حيث سقط عدد من الإصابات بشكل محقق في صفوف قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين."
وأعلنت سرايا القدس - كتيبة نابلس، أن هذه العملية تأتي رداً على استشهاد المجاهد البطل محمد ماهر مرعي ابن كتيبة جنين، والذي ارتقى شهيداً على أرض جنين البطولة والفداء فجر أمس الأربعاء.
وأوضحت أنَّ لدى مجاهديها من التوثيق لهذه العملية ما يُثلج الصدور، وسيتم الإعلام عنها حال سمحت الظروف الأمنية بذلك، مُردفةً: "سَنُبقي جذوةَ الصراع مشتعلةً بإذن الله ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً."
بدوره، أكّد الكاتب والمحلل السياسي من جنين، عدنان صباح، على أنَّ ما يُميز الفعل المقاوم لكتيبة جنين، أنّها ليست موجودة في مكان وليست محصورة في أشخاص؛ وإنّما هي لقب لكل المقاومين، مُستدركاً: "وقد تكون خليتها الصلبة من مقاومين جنين هي الأساس؛ ولكنها قادرة على تفعيل كل شباب فلسطين ضمن العمل المقاوم".
ورأر صباح، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، أنَّ الحاضنة الشعبية لفكرة "كتيبة جنين"، مصدر قوة في تحويلها إلى ظاهرة شعبية حقيقية، مُضيفاً: "لكِن مطلوب من المقاومة دعم مقاومي كتيبة جنين، من خلال تثقيفهم بحماية أمنهم الشخصي وأمن المقاومة بكل الطرق الممكنة؛ لأنّهم ذخيرة الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال".
واعتقد أنَّ معركة "سيف القدس" كان لها دوراً مُهماً في صنع القرار الميداني والعسكري وتشكيل هذا الإنجاز؛ خاصةً في ظل انغلاق الأفق السياسي وإمعان الاحتلال في جرائمه ضد أبناء شعبنا وتواصل عمليات الاستيطان والمصادرة وانتهاك قرارات الشرعية الدولية بما فيها حق شعبنا في تقرير مصيره.
وأشار إلى أنّ "كتيبة جنين" جاءت للرد على مزاعم الاحتلال بأنَّ ما يجري في الضفة من مُقاومة لا تتعدى كونها أعمال فردية؛ لتُفاجأه الكتيبة بالتنظيم والبأس والشجاعة في المواجهة؛ لذلك يعمل الاحتلال على تصفيتها لمنع انتقال الروح القتالية لمدن فلسطينية أخرى.
وختم صباح حديثه، بالتأكيد على استغلال الاحتلال انشغال العالم بالحرب الأوكرانية؛ لتصفية المقاومين في جنين ونابلس وكافة المدن الفلسطينية؛ مُتابعاً: "لكِن شعبنا لديه القناعة الكاملة بأنّ الاحتلال ليس لديه الرغبة في السلام وليس لديه قناعة في الاعتراف بحقوق شعبنا؛باستثناء بعض التسهيلات الاقتصادية؛ لذلك مضى في خياره في مقاومة الاحتلال".