بعد نموذج غزة والضفة - الشباب لم يعد يريد دولة فاشلة بل يريد وطن

zenIj.jpg
حجم الخط

بقلم د. ناصر اللحام

 

 

 النخبة المثقفة هي اول من تشعل فكرة الثورة (تشعل فكرة الثورة وليست تشعل الثورة ). وهي ذاتها اول من تنهزم وتتراجع وتهرب، وهي تجيد التبريرات دوما لأي انسحاب.

أهالي الشهداء واسر الأسرى والضحايا والمهجرين وأصحاب المنازل المهدمة والذين قدّموا حياتهم من أجل القضية تراهم اّخر من يتراجع ويبقون هم القابضون على الجمر حتى في أصعب اللحظات .

في السنوات الأخيرة، بدأنا كصحفيين نلاحظ أن الجيل الجديد بات أقل تمسكا بمفهوم السلطة أو الدولة. وقد تحوّلت الفكرة الى عبء ثقيل لا فائدة منه. والأسباب التي يمكن ان تساعدنا في فهم الامر عديدة أهمها الانقسام الذي صار مؤبدا ومقرفا. والإحباط السياسي المستمر. و" الشعور" بالفساد في جميع المعاملات وأوجه الحياة في ظل غياب عدالة اجتماعية وعدالة توزيع. وقتل إسرائيل لجميع فرص إقامة دولة وسيادة من خلال تكاثر أسراب المستوطنات ومن خلال الاقتحامات المستمرة والاعتقالات وتحجيم أجهزة الامن الفلسطينية واعتقال عناصرها وضباطها وتعمّد اهانتها خلال الاجتياحات والوصول الى باب المقار الأمنية والوزارات ما أفقد المواطن الإحساس بمفهوم السيادة .

الى جانب ذلك هناك خطة منظمة ومحكمة لتدخل الإدارة المدنية للاحتلال في حياة المواطن، وتدخل منسق الاحتلال في تصاريح العلاج والعمل والتنقل ولقمة العيش. ما خلق انفصاما أمنيا وسياسيا لدى الموطن الذي يسير في نفس الشارع وتوقفه دوريتا شرطة مختلفتين ( في نفس الشارع تجد دورية شرطة فلسطينية – وأخرى إسرائيلية – واحيانا كثيرة تجد مسلحين مقاتلين فلسطينيين ).

يضاف الى هذا . تفشي الانقسام في النقابات والمؤسسات ووسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وحتى داخل دور العبادة والمدارس والجامعات ، وتردي الاخلاق السياسة ، وانحطاط الذباب الالكتروني ، وفقدان السيطرة ، وتبرير التراجع امام العدو ، والهجوم المتوحش على الشريك السياسي.. كلها سلوكيات جعلت المواطن يفقد الثقة بشعارات الأحزاب السياسية، والتي يتمتع قادتها واولادهم وعوائلهم بامتيازات خاصة .

والحق يقال أن تراجع الانتماء لمفهوم السلطة او الدولة في غزة او الضفة. لا يقف هنا فقط، وانما يتزامن معه نهوض شعور وطني قومي كبير نحو مفهوم الوطن.

يتراجع إحساس المواطن الفلسطيني بشعار السلطة. ولكن يتقدم احساسه بالوطن ومفهوم الانتماء للوطن . وهذه إشارة إيجابية يبنى عليها الكثير . وتحتاج الى كلام كثير لأنها مفتاح فهم تفكير شبابنا بالمستقبل القريب وفي أي انتخابات قادمة .