سيلٌ من الإدانات الرسمية والشعبية رافقت محاولة اغتيال نائب رئيس الوزراء الأسبق الأكاديمي في جامعة النجاح الوطنية، د. ناصر الدين الشاعر، وذلك أثناء تواجده في قرية كفر قليل بمدينة نابلس في الضفة الغربية المُحتلة.
وعقب الحادثة، كشف المتحدث باسم الشرطة الفلسطينية، العقيد لؤي ارزيقات، عن إصابة الدكتور الشاعر بعد إطلاق النار عليه من قبل مجهولين في نابلس، مُوضحاً أنَّ الشرطة والأجهزة الأمنية باشرت إجراءات البحث والتحري عن الفاعلين.
وبحسب مصادر محلية، فإنَّ الشاعر أصيب بعدة رصاصات في قدميه، وجرى نقله إلى مستشفى رفيديا لتلقي العلاج، وهو في وضع صحي مستقر.
إدانات رسمية وفصائلية وأكاديمية
وقال الرئيس محمود عباس، في بيانٍ له: "إنّه لن يتم السماح بمثل هذه الأعمال المرفوضة"، مُعلناً عن إصدار أوامر للأجهزة الأمنية بالتحقيق الفوري في الحادثة، والقبض على الجناة وتقديمهم للعدالة، إضافةً إلى مهاتفة الشاعر والاطمئنان على سلامته.
كما أدان مجلس الوزراء "الاعتداء السافر" على الشاعر، مُؤكّداً على أنَّ توجيهات صدرت من الرئيس ورئيس الوزراء محمد اشتية للأجهزة الأمنية بالتحرك الفوري للبحث والتحري عن الفاعلين، لتقديمهم للعدالة.
وفي السياق ذاته، استنكرت حركة "فتح" الحادثة، مُشيرةً في بيانٍ لها إلى أنَّ عملية إطلاق النار على الدكتور الشاعر، خارجة عن عادات وتقاليد وأخلاق شعبنا.
واعتبرت حركة "حماس" الحادثة بمثابة "محاولة اغتيال آثمة وغادرة"، داعيةً إلى التحقيق الفوري لمحاسبة الفاعلين مهما كانت مواقعهم.
أما الجبهة "الشعبية" فقد دعت إلى فتح تحقيقٍ عاجلٍ في هذه الجريمة النكراء التي ارتكبتها مجموعة خارجة عن الصف الوطني، وتقديم مقترفيها إلى يد العدالة والقانون بأسرع وقتٍ ممكن، مُحذّرةً من آثار تكرار مثل هذه الحوادث الخطيرة على المجتمع الفلسطيني.
كما أدانت جامعة النجاح الوطنية عملية إطلاق النار تجاه المُحاضر فيها بكلية الشريعة، مُطالبةً الأجهزة الأمنية بالإسراع بالوقوف أمام مسؤولياتها واتخاذ المقتضى القانوني بحق الفاعلين بالسرعة القصوى.
لا رصيد للإدانات دون إجراء عملي
بدوره، قال النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، حسن خريشة: "إنَّ هذه الحادثة تجعلنا نشعر بالألم والحسرة على ما وصلت له الأوضاع الفلسطينية الداخلية، في ظل تحكم بعض ممتلكي السلاح غير الشرعي وأصحاب الفتن والفلتان الأمني بحياة المواطنين في الضفة الغربية".
وأضاف خريشة، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ الاحتلال على علم بالاسم الرباعي لحامل السلاح ونوع سلاحه وعدد الطلقات الموجودة به؛ وبالتالي وجود هذه الفئة يهدف لجر شعبنا للفتنة الداخلية و لمزيد من العنف والإحباط المتنامي".
وتابع: "الدكتور ناصر الدين الشاعر، عبارة عن شخصية أكاديمية وسطية ويتحدث عن حلول للمشاكل الداخلية وللانقسام الفلسطيني؛ وبالتالي أنّ يتم إطلاق الرصاص عليه بهذا الشكل يعني أنّ الهدف هو اغتياله، كما أنَّ هؤلاء المسلحين معروفين للقاصي والداني".
وأكمل: "الرئيس عباس ورئيس الوزراء استنكروا الحادثة؛ لكِن لا رصيد لهذه الإدانات، دون إجراء عملي يتمثل في ضبط الجناة وسلاحهم ومصارحة الشارع الفلسطيني بحقيقية ما حدث"؛ مُردفاً: "كل محاولات الاغتيال السابقة للدكتور عبد الستار قاسم رحمه الله والدكتور وصفي قبها رحمه الله وكذلك حسن خريشة وخضر عدنان؛ يتم التعامل معها وفق مبدأ طي الصفحة في اليوم التالي".
ودعا الحركة الوطنية، إلى إعلاء صوت المطالبة بضرورة اجتثاث الفلتان والسلاح الذي يُستخدم في الأفراح والجنازات وترويع المواطنين، مُستدركاً: "كل ذلك يُبيّن أنَّ هذه الخلايا النائمة تعمل لبعض المستفيدين من استمرار الانقسام، ما يعني ضرورة وجود إجراءات جدية وموقف واضح من الحادثة".
السلطة تتحمل المسؤولية
أما عن الجهة التي تتحمل مسؤولة حادثة إطلاق النار، قال خريشة: "نحن نعيش تحت ظل حكم سلطة فلسطينية تمتلك 13 جهازاً أمنياً وبالتالي مسؤولية توفير الأمن للمواطنين تقع على عاتقها".
وأكّد على أنَّ الخروج من هذه الأزمة يأتي من خلال إنفاذ القانون على الجميع وعدم محاباتهم، وكذلك يكمن في ضرورة التوجه لصندوق قاعدة الاقتراع مرة أخرى، لأنَّ هناك مقولة مفادها "كلما ضاقت قاعدة الحكم زادت الديكتاتورية والفساد".
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح، فريد أبو ضهير: "إنَّ حادثة إطلاق النار على الدكتور ناصر الدين الشاعر، أضيق مما نتوقع وتتعلق بإشكالية جامعة النجاح في يونيو/ حزيران الماضي، والتي كان للدكتور دور في تهدئة الأمور وتطييب الخواطر"، مُضيفاً: "لكِن يبدو أنَّ بعض الأشخاص الغير محدد انتمائهم متضررين من نتائج لجنة التحقيق؛ وقاموا بتحميل الدكتور المسؤولية واعتبروه محرض الطلاب على أحداث الجامعة".
وأردف أبو ضهير، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "يوجد للموضوع ارتدادات؛ حيث يوجد في الضفة جهات كثيرة مسلحة صغيرة لا تحتكم للقانون أو جهاز أمني محدد في الضفة".
واستدرك: "يوجد مجموعات منفلتة قد تكون محسوبة على جهاز أمني، مع وجود بعض القيادات الصغيرة التي تجمع بعض المسلحين"، مُتابعاً: "حركة فتح أدانت الموضوع وطالبت بالتحقيق والمحاسبة، والشارع يُطالب بالكشف عن الموضوع ويحاسب كل شخص، لأنَّ الفلتان من العقاب سيؤدي لتكرار الحادثة".
وختم أبو ضهير حديثه، بالتأكيد على أنَّ "المخرج من الأزمة، بضبط الأمور الأمنية في الضفة، وذلك في ظل التساؤل عن أسباب وجود هذا السلاح بين أيدي هذه المجموعات المنفلتة، مع الإشارة إلى ضرورة الإسراع في وتيرة المصالحة والوحدة المتعثرة.