معادلة خلل في القيادتين .. السيارة وفلسطين

lFDcS.png
حجم الخط

قلم : حمدي فراج

كلنا ما زلنا نذكر الفتاوى العديدة التي كانت تصدر في المملكة العربية السعودية بشأن تحريم المرأة قيادة السيارة ، فتاوى من كل مستويات "اصحاب" الدين و هيئات "علمائه" ولجان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، حتى ان بعض الكتاب والمستثقفين الذين ليس لهم علاقة بالدين ،كانوا قد ركبوا الموجة و نظّـّروا في أعمدتهم لهذه الفتاوى وهذا التحريم .


من ضمن تلك الفتاوى التي ما أنزل الله بها من سلطان ، ان جلوس المرأة وراء المقود يؤثر على رحمها سلبا وسيؤثر مستقبلا على قدرتها على الحمل والانجاب ، ويكفيها خجلا ان تجلس وراء "المقود" وتحرك "الجير" و تقوّم "الماتور" ، وهذه كلها مفردات مذكّرة .


ومن ضمن المضحكات المبكيات ، انه بعد صدور الامر الملكي السماح للمرأة بالقيادة ، خروج السائقين ومعظمهم من الاجانب في مظاهرات يطالبون بالرضاعة ، رضاعة الكبار من سيداتهم حيث يقودون بهن ، وكأننا نعيش في صدر الاسلام ، حيث لا سوبرماركتات على طول الشوارع ، وحيث لا زجاجات ماء و لا حليب من كل الاشكال والاصناف تعج بها رفوفها وثلاجاتها .


ومن ضمن المبكيات المضحكات ايضا، أنه في الوقت الذي أخذت فيه المرأة السعودية بالتململ ضد هذه الفتاوى الدينية / السياسية ، وخرج البعض منهن الى الشوارع، والبعض قادت سيارة زوجها او ابنها او اخيها ، وسرعان ما تم اعتقالهن ، الا ان الغالبية العظمى من النساء السعوديات كن يرفضن التغيير ويؤثرن الاستسلام للفتوى ، ليس من باب مناهضة المفتي ، بل من باب عصيان الله رب العالمين ، هكذا هي المعادلة قد رتبت ودبجت في أذهانهن .


أحاول ان أجد قاسما مشتركا واحدا بين حال المرأة السعودية التي حرمت من قيادة السيارة تحت مبررات ومزاعم وفتاوى فارغة ، وبين الموقف الفلسطيني الرسمي والشعبي مما يحاك حوله من استعدادات واحلاف اقليمية وعالمية واين سيكون اصطفافه ، مع أميركا واسرائيل واذنابهما ، أم مع من يقفون ضدها ؛ موسكو وبكين و طهران ودمشق . حتى الآن لا يبدو في الموقف الرسمي على الاقل الذي تمثله منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية ، لا يبدو ابدا انهم مع هذا المحور الناهض ، الانساني والتقدمي ، لا ولا حتى على مشارفه ، لكن اذا كان الامر استغرق المرأة السعودية ستين سنة لكي تتخلص من خزعبلات الداعية والطاغية ، فنحن لم يمر علينا اكثر من نصفها منذ وقعنا في فخ اوسلو ، ولسرعان ما نعود الى موقعنا الطبيعي في المنطقة والعالم . وجودنا في موقع آخر ، هو وجود مناقض للنواميس والحقائق والطبيعة والتاريخ ، فهمت القيادة ذلك ام صمت آذانها .


آخر مبكيات مضحكات قيادة السيارة ، قائدة طائرة سعودية في الامارات ، تقول بما معناه انه يسمح لها بقيادة طائرة في السماء وتمنع من قيادة سيارة على الارض ؛ "أكيد هناك خلل ما يجب اصلاحه" في القيادتين ؛ السيارة وفلسطين .