تتسابق الجامعات الفلسطينية في قطاع غزّة على جذب طلبة الثانوية العامة "توجيهي"؛ باعتبارهم الجمهور المستهدف لها، عبر طرح تخصصات جديدة تبعد عن سوق العمل؛ فحينما تطرح الجامعات والكليات -البالغ عددها 16 جامعة وكلية في غزّة- عبر صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي التخصصات الجديدة ومنها تغيير الألفاظ في الكليات الأدبية وإيجاد تخصص فرعي يدور في فلك التخصص الأساسي، ناهيك عن بعض التخصصات الغير مُرخصة من وزارة التربية والتعليم.
ولا تزال الجامعات تفتح أبواب استقبال الطلبة في تخصصات يصفطف الخريجين منها في طابور البطالة، دون توعية الطالب وتقديم العون له، وبذلك تدور عليهم الدائرة وينضموا في نهاية المطاف لصفوف العاطلين عن العمل.
وكانت وزارة التربية والتعليم، قد أعلنت يوم أمس السبت 30 يوليو 2022، عن نتائج الثانوية العامة التوجيهي 2022 في كافة المحافظات الفلسطينية، حيث بلغ عدد المتقدمين في كافة الفروع (85) ألف طالب/وطالبة مشتركاً، وكان عدد الناجحين منهم 58107، بنسبة بلغت (68.12%).
"قدرة.. رغبة.. فرصة"
"قدرة، رغبة، فرصة"، بهذه الكلمات لخصت الطالبة حنين أشرف، 18 عامًا، الحاصلة على معدل 88.6% بالفرع العلمي من مدرسة أحمد شوقي، غرب مدينة غزّة، مخططها في اختيار تخصصها الجامعي الذي سيُحدد مستقبلها المهني.
وقالت الطالبة حنين أشرف، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "أنّها تعتزم الدراسة في كلية الصيدلية؛ لتوفر القدرة المادية والرغبة؛ وكذلك احتمالية توفر فرصة عمل في المستقبل"؛ مُردفةً: "رغم كثرة الخريجين؛ لأنّني سأكون طالبة مميزة في الجامعة كما كنت في المدرسة".
أما الطالبة زين سليم، 18 عامًا، الحاصلة على معدل 77% بالفرع العلمي، من مدرسة بشير الريس، غرب مدينة غزّة، كشفت عن مخططها لدراسة التمريض، مُضيفةً: "قطاع غزّة بحاجة لتخصص التمريض؛ بسبب طبيعة الأوضاع السياسية والميدانية التي أوجدها الاحتلال، حيث لا يمر عام دون تصعيد أو حرب؛ لذلك المشافي بحاجة إلى الممرضات".
وأكملت زين في حديثها لوكالة "خبر": "هناك الكثير من التخصصات التي لا يحتاجها سوق العمل كالهندسة والطب والكليات الأدبية كالتعليم الأساسي وغيره؛ لذلك أنصح زميلاتي وزملائي بدراسة ما يطلبه سوق العمل".
المستقبل.. للعمل عن بعد
من جانبه، أكّد الطالب يحيي عثمان، 18 عامًا، الحاصل على معدل 78%، فرع تكنولوجيا، على اهتمامه بما يطلبه سوق العمل؛ بدليل دراسته التوجيهي في فرع التكنولوجيا، بعيدًا عن الأفرع التقليدية كالعلمي والأدبي؛ حتى "يختصر الطريق على نفسه" على حد وصف.
وأردف يحيى، في حديثه لوكالة "خبر": "سأدرس هندسة الحاسوب؛ لأنّها الأكثر طلبًا في سوق العمل، بالإضافة لتوائمها مع قدراتي وميولي".
وتابع: "سأعمل خلال سنوات دراستي الجامعية؛ على اكتساب مهارات العمل عن بعد؛ حتى أتمكن من مشاركة أهلي في مصاريف دراستي الجامعية؛ فالعمل عن بُعد هو بوابة المستقبل المفتوحة للخريجين".
أما الطالبة، وجدة الصفطاوي، 18 عامًا، الحاصلة على معدل "54" بالفرع الأدبي، من مدرسة أحمد شوقي غرب مدينة غزة، قالت لمراسلة وكالة "خبر": " إنّها حسمت قرارها بدراسة تخصص "الملتميديا" في الكلية الجامعية؛ وذلك بعد تشجيع شقيقها الذي يدرس التكنولوجيا على الالتحاق بهذا التخصص العملي".
واستطردت وجدة: "سأسعى للعمل عن بُعد؛ لذلك اخترت هذا التخصص الأكثر طلبًا؛ لأنَّ التخصصات الأدبية غير مطلوبة في سوق العمل في الوقت الراهن".
"أخي وزوجته درسا المحاماة، ولم يجدا عمل رغم حصولهما على معدلات عالية ومزاولة المهنة؛ فأخي يعمل في التجارة وزوجته ربة منزل؛ لذلك نصحاني بالتوجه لدراسة التكنولوجيا؛ رغم رغبتي بدراسة المحاماة" بهذه الكلمات، استهلت الطالبة إيمان صالح، 18 عامًا ، الحاصلة على معدل "88" بالفرع الأدبي، من مدرسة أحمد شوقي الثانوية للبنات غرب غزّة، حديثها لوكالة "خبر" عن التخصص الجامعي الذي ترغب بدراسته.
وأضافت: "أيّ تخصص له علاقة بالتكنولوجيا أقرب لسوق العمل؛ لذلك سأبحث عن الجامعة الأفضل في هذا التخصص؛ لأنَّ العمل عن بُعد هو هدفي المستقبلي".
إصرار على للتخصصات التقليدية
الطالبة تسنيم الشوا، 18عامًا، الحاصلة على معدل 88.6% بالفرع العلمي من مدرسة بشير الريس الثانوية للبنات، بيّنت في حديثها لوكالة "خبر"، عن تغيير مخططاتها في دراسة طب الأسنان؛ لأنَّ معدلها الجامعي لا يخدمها، وهو ما دفعها للتفكير بدراسة الصيدلة.
واستدركت: "أعلم أنَّ قطاع غزّة به اكتفاء من تخصص الصيدلية؛ لكِن لدي إيمان بقدراتي على إحداث تغيير وبصمة، وربما يختلف سوق العمل خلال الخمس سنوات القادمة".
"أجد نفسي في حيرة من أمري، ولا أعلم أيّ تخصص سأدرس؛ بعد النتيجة التي حصلت عليها"، بهذه الكلمات تحدثت الطالبة داليا خضير، 18 عامًا، الحاصلة على معدل 81% بالفرع العلمي من مدرسة بشير الريس الثانوية للبنات.
وتابعت الطالبة خضير في حديثها لوكالة "خبر": "لا أجد نفسي في أيّ تخصص له علاقة بالتكنولوجيا، لذلك ربما أتوجه لدراسة التحاليل الطبية أو التمريض أو الدراسات الاجتماعية؛ لكِني سأبحث عن التخصصات الجديدة التي ستطرحها الجامعات في غزّة"، مُشيرةً إلى أنَّ المعدل عامل مُهم في التحكم باختيار التخصص بعيداً عن الميول وتوفر فرص العمل.