دعوة الصين لعقد مؤتمر دولي للسلام أكثر تأثيراً لمعالجة القضية الفلسطينية، أمر في غاية الأهمية ويؤكد قدرة الصين على التأثير على القضايا الدولية العالقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، حيث قدم السيّد قنغ شوانغ، نائب المندوب الصيني الدائم لدى الأمم المتحدة، في آخر اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في الشرق الأوسط، ما يشمل القضية الفلسطينية مبادرة صينية واضحة الدلالات تدعو من خلالها لعقد مؤتمر سلام دولي أكبر وأكثر موثوقية وأشد تأثيراً لاستئناف عملية السلام ومعالجة القضية الفلسطينية استناداً لقرارات الشرعية الدولية، يُدعى فيه الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن وجميع الأطراف المعنية في عملية الشرق الأوسط للمشاركة في استكشاف السبل والوسائل الفعالة لحل القضية الفلسطينية حلاً سياسياً وعادلاً بمفهوم العدالة لفلسطين التي نؤمن بها بشكل مشترك.
الموقف الصيني ما زال يعتبر بأن عملية السلام في الشرق الأوسط، لا تزال في توقف تام، وأن قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة لم تُنفذ منذ فترة طويلة في ظل الرعاية غير النزيهة للولايات المتحدة الأمريكية لعملية السلام، كما أن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني تُنتهك باستمرار بفعل الدعم الأمريكي المتواصل للاحتلال.
ووفق المبادرة الصينية فان القضية الفلسطينية هي جوهر قضية الشرق الأوسط المتعلقة بالسلام والأمن الإقليميين، ولا ينبغي تهميشها أو نسيانها، حيث أكد المندوب الصيني ضرورة عكس الوضع على الأرض، مشيرًا إلى أن إسرائيل تواصل توسيع أنشطتها الاستيطانية في الأراضي المحتلة، وبالتالي تواصل تقليص المساحات التي يعيش عليها الشعب الفلسطيني، وتقويض التواصل الجغرافي بين الأرض الفلسطينية المحتلة واحتمال قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة،
حاثاً (إسرائيل) على الالتزام بالقانون الدولي، وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2334، والوقف الفوري لجميع الأنشطة الاستيطانية.
إن المبادرة الجديدة التي طرحتها الصين لتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، تشكل خطة متكاملة وتوفر إطار واقعي للمجتمع الدولي وكل الأطراف ذات الصلة، للدفع نحو تحقيق الأمن والاستقرار على مستوى هذه المنطقة المتوترة من العالم، انطلاقاً من تحقيق السلام العادل والشامل بحل القضية الفلسطينية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية وبرعاية دولية متكافئة.
اننا ندعو الأصدقاء في الصين لتحويل المبادرة، لمبادرة دولية تتبناها مجموعة (بريكس)، التي تقودها الصين وروسيا في ظل انسداد أفق العملية السياسية ولكسر الاحتكار الأمريكي والمنحاز والداعم لدولة الاحتلال، فنفوذ الصين العالمي ليس فقط اقتصادياً وعسكرياً، بل سياسياً أيضا، يجعلها قادرة على طرح هذه المبادرة وخلق حراك سياسي دولي فلعل ومؤثر في منطقة الشرق الأوسط وعلى أساس قرارات الشرعية والقانون الدولي.
المبادرة الصينية تطرح أفكاراً راسخة وواضحة حول الدفع بعملية السلام في الشرق الأوسط والالتزام بحل الدولتين، باعتباره من أهم المبادئ والثوابت التي يتعين على المجتمع الدولي الالتزام بها.
اننا نثمن المبادرة الصينية في هذا التوقيت الاستثنائي والذي يأتي مباشرة بعد الزيارة الخائبة للرئيس الأمريكي الى المنطقة والتي لم نراهن عليها أبداً ولم نتوقع لها أية نتائج ايجابية وفق فمهما العميق والمسبق للسياسات والمواقف الأمريكية التي عبرت عنها الادارات الأمريكية المتعاقبة في دعمها واسنادها لإسرائيل – الدولة القائمة بفعل الاحتلال- ونرحب كل الترحيب بالمبدرة الصينية التي تؤكد بما لا يقبل اللبس أبداً بأن القضية الفلسطينية حاضرة دائمة على أجندة القيادة والدولة الصينية ووزارة خارجيتها وعلى أجندة دائرة العلاقات الخارجية للحزب الشيوعي الصيني، ونأمل بأن تبقى حاضرة وبقوة تحقيقاً للعدل وانتصاراً لتضحيات شعبنا الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره وتحقيق أهدافه الوطنية العادلة واقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
نتطلع لدور أكبر للصين في المنطقة، وأن يتعزز الاهتمام بشكل أكبر، تطويراً لعلاقاتنا السياسية وعلاقات الصداقة القوية بين الشعبين الفلسطيني والصيني، واسناداً لنضالنا العادل في مواجهة الظروف والتحديات التي تواجه شعبنا وقضيتنا في ظل الهيمنة الأمريكية المعادية والمتواطئة مع مشاريع الاحتلال الاسرائيلي، غير الشرعي، وغير القانوني، الجاثم على أرض دولة فلسطين المحتلة والمعترف بها عضواً في الأمم المتحدة.
نأمل أن تتوج المبادرة الصينية كمبادرة تتبناها مجموعة بريكس، وأن تضافر الجهود الدولية وكل الأطراف المحبة للسلام في الشرق الأوسط لاستئناف المسار السياسي بما ينسجم مع القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، ونأمل أن يعي المجتمع الدولي قيمة ومضمون المبادرة الصينية، وأن يعمل على دعم الصين والمبادرة التي طرحتها، حيث نتوقع من بعض الدول خطوات ملموسة وفعلية اتجاه تبني هذه المبادرة واتخاذ التدابير الضرورية من أجل اعادة القضية الفلسطينية لمكانها المستحق في المحافل الدولية، ليتم ممارسة الضغوط الدولية المشتركة للدعوة لعقد مؤتمر سلام دولي أكبر وأكثر موثوقية وأشد تأثيرا لإنهاء الصراع العربي الفلسطيني – الاسرائيلي بما يضمن تحقيق الحقوق الفلسطينية التي أقرتها الأمم المتحدة عبر قراراتها الدولية والتي لم تقابل سوى بالرفض والتعطيل من قبل دولة الاحتلال والادارة الأمريكية وبعض الدول الأخرى التي لا يمكنها أن تتحرر من هيمنة وسطوة هذا النفوذ الامبريالي الذي لا يريد لعملية السلام الشامل والعادل والمتوازن أن تتحقق.