مئات المقالات والدراسات كتِبت حول سبل خلق علاقة زوجية ناجحة طويلة الأمد، لكن قلة منها لامست الحقيقة أو أعطتنا العلاج الناجع والخلاصة المفيدة.
من قال إن العلاقات، من الأساس، أمر سهل؟ هذه مغالطة بحد ذاتها. فالعلاقة الزوجية تمر بصعوبات كثيرة في مرات، ولعل هذا ما يفسر لماذا تنتهي ما نسبته 50 في المئة من الزيجات بالطلاق.
حتى أكثر العلاقات ثباتاً تحتاج منا الاهتمام والعمل والرعاية المتواصلة.
فيما يلي 5 نصائح ذهبية لعلاقة زوجية طويلة الأمد.
ليست العلاقات مجرد أخذ فقط، بل هي عطاء كذلك. إذا كنت تجدين نفسك غير معطاءة بالقدر الكافي، أو تشعرين بالغيظ كونك تقدمين الكثير دون أن تتلقي سوى القيل بالمقابل، فهذه إشارة لعلاقة زوجية غير متكافئة؛ إذ هنالك طرف يأخذ أكثر مما يعطي.
في بعض الأحيان، يخفق أحد الزوجين حين يؤمن بأن الحب قادر على حلّ المشكلات التي ستستجدّ لاحقاً، وبأن الطرف الآخر إذا كان يحبك حقيقة سوف يتخلّى عن استقلاليته وكيانه تماماً ويلبي كل رغباتك، ويصبح طوع يدك. يجب أن نتذكر أن كل شخص لديه شخصيته ولديه رغباته واحتياجاته الفريدة من نوعها. وكوننا عثرنا على شخص نود أن نمضي معه عمرنا أو ما تبقى منه لا يعني أن نتخلى عن استقلاليتنا وهويتنا الفردية بسبب الزواج.
غير أن هذا لا يعني ألا نقدم تنازلات في سبيل إنجاح العلاقة. لكن التنازلات لا تمضي في طريق واحد، فعلى كلا طرفي العلاقة أن يعطي كما يأخذ.
التواصل
يعدّ التواصل والحوار والنقاش من أسس إنجاح العلاقة الزوجية. فإذا لم يجد الشريكان أرضية مشتركة للتعبير بصدق عن مشاعرهما واحتياجاتهما، فإن هذه العلاقة على الأغلب لن تستمر طويلاً، أو ستظل متزعزعة، يشوبها الخلاف والتوتر والبرود العاطفي. على الشريكين أن يوجدا طريقة للتحاور بانتظام وانفتاح وصدق ومباشرة.
ولا يعني هذا بالضرورة أن عليكِ انتظار مشكلة ما أو خلاف لتخبري زوجك مثلاً أنك تشعرين بالضيق والانزعاج لأنه يرمي ملابسه على الأرض أو على الكنبة بدلاً من تعليقها في الخزانة أو على المشجب. من المهم أن تتواصلي مع زوجك وتتفاهمي وإياه حول هذه الأمور الصغيرة وغيرها أولاً بأول ولا تسمحي للأشياء ومشاعر الاستياء والغيظ والنقمة أن تتفاقم وتتعاظم. عليكِ إفهامه متى تشعرين بالحاجة لذلك، وبطريقة هادئة ومحترمة بعيداً عن التوتر والسلوك العدائي.
اختيار معاركنا بعناية
بعد الزواج، غالباً ما يكتشف الشريكان أن الأمر أصعب مما كانا يتخليان. يمكن للحب أن يُنجح أموراً عدة، لكن تبقى هناك التحديات اليومية للتقريب بين طبائع شخصيتين مختلفتين، وبين نمطيّ عيش مختلفين سابقاً وأصبحا الآن متّحدين.
يتعين على كلا الزوجين تحضير نفسيهما لهذه التحديات من خلال اختيار النقاط الخلافية التي يرغبان بتحويلها إلى معركة عاصفة. على سبيل المثال، هل ترغبين فعلاً أن تشعلي معركة بسبب غطاء معجون الأسنان أو حول تنظيف حوض الاستحمام؟ أليس من الأفضل أن تدخري طاقتكِ لنقاشات أكثر أهمية، كتلك التي تتعلق بالأمور المالية والأطفال والوظيفة؟!
التعبير عن احتياجاتنا
في معظم الحالات نميل إلى أن نضع أنفسنا في المقام الثاني بعد رغبات شريكنا في العلاقة الزوجية واحتياجاته. وغالباً ما ينتهي بنا المطاف وقد اتفقنا على أمور محورية مثل مكان العيش، والأمور المتعلقة بالوظيفة والأطفال وما إلى ذلك، لكن علينا أن نسأل أنفسنا ما إذا كنا نرغب فعلاً بهذا أم أننا اخترنا الأمر لمجرد أن الآخر يرغب به.
علينا أن نضع في اعتبارنا دوماً أنه من الصعب – إن لم يكن مستحيلاً – وجود شخصين يملكان الرغبات والأمنيات والاحتياجات ذاتها. وعليه، يجب أن نتوقع أن تسير طموحاتنا وآمالنا في طريقين مختلفين. من المهم عندها أن نعبر عمّا نريده في اللحظات الحاسمة، التي يصل فيها الاختلاف مداه، شريطة أن نناقش الأمر بذهن مفتوح وبرقي، وأن نعبر عن رؤيتنا للأمر بصراحة، ومن ثم البحث مع شريك الحياة عن سبل تقريب وجهات النظر واتخاذ قرار يرضي الطرفين.
عدم التقليل من أهمية الثقة والصدق
يملك الأشخاص توجهات عدة وقناعات مختلفة، لكن ثمة اتفاق حول قيم بعينها كالصدق والثقة والنزاهة والإخلاص. لماذا؟ لأن الشريك الذي نختاره عند اتخاذ الزواج أو الارتباط هو الذي سنشاطره العلاقة طويلة الأمد من دون التشكّك للحظة.
قد لا يكون الشريك الذي اخترناه صادقاً تماماً في بعض الأشياء الصغيرة أو التافهة. هذا أمر طبيعي، كلنا نكذب في بعض الأمور، التي لا تعد خطيرة تماماً. لذا، يجب ألا تقف مثل هذه الأشياء في طريق سعادتنا أو تجعلنا نتخذ قراراً حاسماً بإنهاء الزواج. الكذب الأبيض موجود، وهو كذب غير ضار ومقبول وقد ينقذ الزواج أحياناً، ويجعل “المركب تمضي” كما يقولون. نحن نحتاج جميعاً إلى الكذب “البسيط” وغير المؤذي لتسيير بعض الشؤون اليومية العابرة، لكن الكذب بشأن الأمور الكبيرة أمر آخر.
إن العلاقات القوية والمتينة أشبه ما تكون بالحوار الجيد الذي تخوضه مع شخص تحبه وتثق به؛ فهذا النوع من الحوار ممتع وآسر، وقد ينطوي على مفاجآت أحياناً. لكن من أجل مواصلة الحوار الفاعل والبنّاء، علينا أن نسمع ما يقوله الآخر، ويتعين علينا احترام وجهة نظر شريك الحياة، حتى وإن كنّا لا تتفق معه.