أما المواجهة مع "حماس" فقصة أخرى..

طال ليف رام.png
حجم الخط

بقلم: تل ليف رام

 

 



منذ صباح أول من أمس، بعد تصفية قائد المنطقة الجنوبية في قطاع غزة في "الجهاد الإسلامي" الفلسطيني، خالد منصور، كان في القيادة الأمنية والسياسية في إسرائيل إجماع على أنه تحققت كل أهداف الحملة وغاياتها، وأنه ينبغي السعي إلى إنهائها، قبل أن تتدحرج إلى حملة أوسع لم تسعَ إسرائيل إليها في تعريف أهداف الحملة.
في إسرائيل غير معنيين بالسماح لـ "الجهاد" بأن يقرروا واقعاً جديداً يحاول فيه فرض معادلة تربط بين النشاط العملياتي الاعتيادي لإسرائيل ضد نشطاء "الإرهاب" التابعين للتنظيم في الضفة وبين المس بسير حياة سكان الجنوب.
بعد تصفية المسؤولين الكبيرين في "الجهاد الإسلامي"، قائدي المنطقتين الشمالية والجنوبية في القطاع تيسير الجعبري وخالد منصور، فإن إزالة تهديدات العملية في الجنوب وإطلاق رسالة واضحة بموجبها تحققت إنجازات الحملة، التي كانت مقوننة جداً من ناحية عسكرية،– فإن قرار السعي لوقف النار كان سريعاً.
في الأيام القليلة أيضاً كان الثمن الذي جبي من "الجهاد الإسلامي" عالياً، ولحق به ضرر ذو مغزى من الناحية العملياتية ومن ناحية الوعي. فضرب "المخربين" كان جد مركزاً ودقيقاً، مع قليل جداً من المصابين غير المشاركين بنار الجيش.
وكل ذلك وفي وقت قصير جداً بشكل ناعم ومع معلومات استخبارية نوعية، فيما بقيت "حماس" خارج الصورة، وكانت المبادرة بيد إسرائيل. يدور الحديث مع معطى ذي أهمية كبيرة.
لم تدّعِ إسرائيل الخروج إلى المعركة كي تحل المشكلة المركبة لقطاع غزة، والحملة الحالية ليست قريبة من حل المشاكل المركبة التي تطرحها منظمات "الإرهاب"، وعلى رأسها "حماس"، المرة تلو الأخرى على إسرائيل في قطاع غزة. لكن في إطار الأهداف المتواضعة التي وضعت، فإن نوعية التنفيذ، والمعلومات الاستخبارية، والدقة، والخطاب بين المستويات المهنية، والجيش، و"الشاباك"، والقيادة السياسية، دارت حتى هذه المرحلة بشكل نوعي ومهني وجدير بالتقدير.
إلى جانب ذلك، ثمة واجب أيضاً للحفاظ على القدر السليم وعدم المبالغة بتقدير زائد. فالقدرات العسكرية لـ "الجهاد الإسلامي" ليست قدرات "حماس"، وبالتأكيد ليست قدرات "حزب الله". والإنجازات في الحملة الجديرة بالتقدير يجب أن تقطع في السياق الصحيح، ولنتذكر أن "حماس" تتخذ سياسة حذرة جداً من الدخول في مواجهة مع إسرائيل، ليس فقط بسبب الردع خلال حملة "حارس الأسوار"، العام الماضي، وسياسة العزل اللامعة لإسرائيل، بل أيضاً انطلاقاً من مصلحة داخلية، لأن المواجهة مع إسرائيل لا تخدمها في هذه المرحلة. أما الهدوء الذي ساد في السنة الأخيرة في القطاع فقد استغلته لإعادة بناء قدراتها العسكرية، وزيادة القوة حتى المواجهة التالية مع إسرائيل.
"حماس" هي الأخرى بالطبع تعاني من دونية واضحة في قدرتها العسكرية أمام الجيش الإسرائيلي. ومع ذلك فإن قدرة إدارة منظومة النار لديها، القيادة والتحكم اللذين يمكناها من إدارة النار بنجاعة بمديات وبصليات أكبر بكثير من قدرات "الجهاد الإسلامي" تطرح على إسرائيل تحدياً آخر في التصدي لتهديد الصواريخ من غزة مما في حملة يطلق فيها "الجهاد الإسلامي" وحده النار.
من هنا ينبغي أيضاً أن نتذكر أنه في المعركة مع "حماس" ستكون نسبة نجاح "القبة الحديدية" أدنى من المعطى غير المسبوق في نوعيته في الحملة الحالية.

عن "معاريف"