قدرات إسرائيل العسكرية لن تحلّ معضلة غزة

افرايم-غانور.jpg
حجم الخط

بقلم: افرايم غانور

 

 



أثبتت أحداث الأيام الأخيرة مرة أخرى أن قطاع غزة هو أحد المشكلات الكبيرة التي تثقل علينا منذ سنوات عديدة، ولم يوجد لها حل. فما الذي لم يقل ولم يكتب عن المشكلة الغزية الجاثمة على ظهر إسرائيل كحمل ثقيل منذ عشرات السنين. ثمة من يتساءلون: لماذا لم ينقل رئيس الوزراء الراحل، مناحم بيغن، قطاع غزة إلى مصر في إطار اتفاقات السلام التي وقعت مع مصر في العام 1977؟ فالمصريون سيطروا عليه حتى 1967.
كان هذا خطأ تاريخياً. في ذاك الاتفاق أصر المصريون على أن يحصلوا على بضع عشرات الأمتار في منطقة طابا، أما عن غزة، رفح، خان يونس وكل ما في محيطها – مساحة 356 كيلومترا مربعا – فقد تخلى المصريون.
لم يتخلوا فقط بل عندما طرحت في إطار مباحثات السلام مشكلة غزة وعرض على المصريين استرجاعه إلى أحضانهم، ادعت مصر: "لا يمكن إجبار أحد على قبول هدية هو غير معني بها"، وهكذا بقينا مع القطاع، وبقي ورم خبيث آخذ في النمو.
منذ قيام الدولة استوعب قطاع غزة عشرات آلاف اللاجئين العرب ممن هربوا إلى هناك.
مخيمات اللاجئين المكتظة، بلا شروط عيش أولية، أصبحت "دفيئة"، وخلقت كراهية ورغبة شديدة في الثأر من دولة إسرائيل الشابة التي زعم أنها سلبت بيوتهم وأملاكهم. بتأييد وبرعاية الحكم المصري، الذي تحكم في القطاع، ولد في حينه "الفدائيون"؛ "إرهابيون" فلسطينيون هدفهم الانتقام من إسرائيل واستعادة كرامتهم وأراضيهم من خلال أعمال قتل، تخريب، سلب وتشويش الحياة في إسرائيل.
في بداية الخمسينيات كاد لا يمر يوم لم يعمل فيه أولئك "الفدائيون" ضد جنود ومدنيين. غير مرة وصلوا حتى قلب الدولة. ورداً على هذا التهديد أقامت الدولة في حينه حزام الدرع والأمن حول قطاع غزة: كيبوتسات ومواقع الشبيبة المقاتلة (الناحل) مثل ناحل عوز، كفار عزة، إيرز، كيسوفيم، عين هشلوشا، زيكيم، كيرم شالوم، نير عوز، ميفلاسيم.
كانت هذه درعا حية في وجه "الإرهاب". بالتوازي، رد الجيش الإسرائيلي في حينه بعمليات ضد معسكرات الجيش المصري في القطاع. وأدت هذه الأعمال إلى هدوء مؤقت في قطاع غزة ساد هناك من 1956 حتى 1967 حين طرد المصريون من هناك مراقبي الأمم المتحدة عشية حرب "الأيام الستة".
السنوات التي سيطرت فيها إسرائيل في القطاع – من 1967 حتى 1993 – كانت قاسية، رافقتها أعمال "إرهاب" ضد الجيش الإسرائيلي وضد المستوطنات اليهودية في غوش قطيف.
بعد إخلاء المستوطنات اليهودية في إطار فك الارتباط عن قطاع غزة، إلى جانب سيطرة "حماس" على القطاع، بدأ عصر "إرهاب" الصواريخ وبناء الأنفاق نحو بلدات الغلاف، ما جعل سكان الغلاف رهائن لدى "حماس"، التي تملي جدول الأعمال في الدولة.
مع كل الاحترام لقدرات إسرائيل العسكرية فإنها لم تنجح في تغيير الواقع الصعب لسكان الجنوب.
السؤال الذي يجب أن يطرح في هذه الأيام من حملة "بزوغ الفجر" هو: ماذا بعد؟ حان الوقت لتغيير القرص، وفهم أن حملة عسكرية وقبة حديدية لن تحلا مشكلة غزة.
هذا برميل بارود سيواصل الانفجار. لحل هذه المشكلة مطلوب زعامة إسرائيلية تفكر بحلول أصيلة.

عن "معاريف"