بصمة حذاء بن أوليال.. "رصاصة" البدء

20160401201803
حجم الخط


«لدينا تطابق»، روى رجال المختبر الشرطي لمحققي جهاز الامن العام «الشاباك» – المخابرات، الذين فحصوا بصمة الحذاء التي وجدت في مخرج قرية دوما. في هذه المرحلة، كما يقدر المحققون، حتى عميرام بن اوليال بدأ يشتبه بالأمر. «حينها وقع لديه تحول ما»، كما روى احد المحققين، «عندما وصلنا اليه الى البيت وصادرنا حذاءه فهم باننا نغلق عليه الدائرة». غير أن بن اوليال لم يعتقل بعد. فالوقت لم يحن بعد. وحتى أمر ابعاد اداري لم يصدر بحقه أيضا. فالتحقيق بدأ فقط يتجسد رويدا رويدا.
لقد كانت بصمة حذاء اوليال رصاصة البدء فقط لسلسلة من الشهادات المدينة ظاهرا ضد نشيط اليمين المتطرف، ابن الـ 21، والتي تحققت من خلال قرائن خارجية – أي ما عثر عليه في الميدان أو «تفاصيل دقيقة» لا يعرفها الا من كان في ساحة الجريمة في ليلة القتل لعائلة دوابشة في 31 تموز.
هذه الشهادات الخارجية اضيفت الى اعترافه بالتهمة واعادة التمثيل التي قام بها، هكذا حيث إن لائحة الاتهام التي رفعت ضده – وكذا ضد ثلاثة نشطاء آخرين من اليمين المتطرف، أحدهم قاصر – لا تستند فقط الى اعترافه، ولا يمكنها أن تشكل سلاحا لمحاميه الذين يدعون بان اعترافه هذا جاء فقط نتيجة ممارسة القوة الجسدية ضده في التحقيق. وروى المحققون بانه «منذ الاسابيع الاولى تركز الاشتباه المركزي على بن اوليال. عرفنا أنه هو المطروح من جملة اسباب ترتبت لنا في التحقيق، وكلما تقدمنا بدأت الامور تتطابق بشكل شبه تام».
وبينما كان بن اوليال يتجول حرا، رغم أن محققي المخابرات قدروا بانه ضالع في القضية، اعتقل القاصر أ. «كان واضحا لنا ان علينا أن نركز جل الجهود في غرفة التحقيق»، روى مصدر كبير مشارك في التحقيق، «درسنا من الماضي كان أن هؤلاء الشبان يسكتون دوما في التحقيق». وجاء التطور المهم بعد نحو اسبوعين من التحقيق عندما بدأ القاصر يقدم روايات كاملة عن احداث اخرى لـ»تدفيع الثمن» شارك فيها مثل احراق كنيسة صهيون، ثقب اطارات سيارات في شرقي القدس واحراق مخزن في قرية عقربة.

الانتظار والاعتقال
بعد أن ربط القاصر أ نفسه باحداث تدفيع الثمن، انتقل المحققون الى بن اوليال. بعد بضعة اسابيع من التحقيق والمتابعة، اكتشف رجال قسم الجريمة القومية في لواء شاي بان الشاب نقل مكان سكنه الى القدس، فازداد شكهم. وروى مصدر شارك في التحقيق فقال: «اعرف هذا الشاب منذ سنوات عديدة، وكان واضحا لي انه لا يوجد أي احتمال لان يجعله شيء ما يترك التلال. فهو شخص متزمت جدا في معتقده، واذا كان قرر ترك التلال فانه يكون قد اجتاز تغييرا ما. يبدو أن شيئا ما دفعه ليفعل ذلك».
اعتقل بن اوليال، خضع للتحقيق بشكل مكثف – بما في ذلك اثناء نهاية الاسبوع – وفي احدى الحالات منعه المحققون من المجيء الى بحث جرى في قضيته في المحكمة كي لا يترك غرفة التحقيق. كانت هذه اياما قاسية، لبن اوليال ولمحققيه ايضا. «كان دوما مطأطئ الرأس ولا يهمه من يدخل الى الغرفة»، روت مصادر كانت مشاركة في التحقيق. «كان عنيدا، وكان واضحا لنا ان حل اللغز لن يأتي الا عندما ننجح في أن ننتزع منه اتصالا بصريا».
الادعاءات التي طرحها محامو المتهمين تستند الى هذه المرحلة من التحقيق، والتي حقق فيها مع بن اوليال والقاصر ضمن نظام «القنبلة الموقوتة» – الذي يسمح للمحققين باستخدام وسائل تحقيق متطرفة لانتزاع تفاصيل من المحقق معه وذلك لان كشف هذه التفاصيل قد يساعد على منع عملية أو فعل ارهاب وعنف ما. وادعى المحامون بانه اتبعت مع المتهمين مناورات مخابراتية قاسية.

«السكودا» السوداء
في نهاية التحقيق اعترف بن اوليال بالتفاصيل – وبفعله هذا، أدان نفسه ظاهرا بقدر أكبر، إذ إنه عرض «تفاصيل معلومات دقيقة». فهكذا مثلا روى بان قتل ابناء عائلة دوابشة نفذه بزجاجة حارقة صنعها من زجاجة بيرة ذات لون اخضر. هذه التفصيلة كانت تتطابق مع ما عثر عليه في الميدان، إذ إنه فور الاحراق وجد المحققون شظايا زجاجة خضراء في الساحة – ولكنهم لم يقولوا هذا لبن اوليال. وبالتالي فانه يكون قدم بمبادرته معلومات فقط من كان في ساحة الجريمة يمكنه أن يعرفها، وهكذا سحب ظاهرا البساط من تحت الادعاءات التي تطرح الآن بانه ليس مذنباً وانه قدم افادة عابثة تحت ضغط تحقيق المخابرات.
بعد ذلك اقتيد بن اوليال الى منزل عائلة دوابشة كي ينفذ اعادة تمثيل لليلة القتل، وهو تمثيل في اطاره ايضا كشف تفاصيل دقيقة في التحقيق.
«في البداية لم يشخص المكان، ولكن عندما دخلنا واقتربنا من بيت عائلة دوابشة بدأ يقدم تفاصيل عن المكان»، قال مصدر شارك في التحقيق. «فقد وصلت مثلا سيارة السكودا السوداء للتابعة لابناء عائلة دوابشة وروى كيف حاول الوصول الى البيت من جهة معينة ولكنه اصطدم بكومة من القمامة واضطر الى التراجع. وبعد ذلك روى كيف أنه تناول علبة الرش ورش الشعارات، قبل ان يبدأ بالبحث عن نافذة يمكن القاء الزجاجة الحارقة منها. وروى كيف أنه رأى الستار في النافذة الثالثة وعندها ازاح الستار ورشق الزجاجة».

الفرار والسقوط
فور ذلك قدم بن اوليال تفصيلا مدينا ظاهرا آخر. فقد روى كيف أنه بعد أن اشعل النار في البيت شق طريقه سيرا الى خارج القرية، وفي الطريق تعثر وسقط. هذا الوصف كان مطابقا لشهادة اخرى كانت لدى المحققين: فجيران ابناء عائلة دوابشة رووا لمحققي المخابرات بانهم رأوا شخصا يفر من المكان، ويتعثر في الطريق. وهكذا مرة اخرى، قدم بن اوليال معلومات ما كان يمكن لاحد ان يعرفها غير من كان في ساحة الجريمة، وعزز القرائن الخارجية لتهمته اضافة الى اعترافه.

نهاية التحقيق
انتهى التحقيق في القتل في قرية دوما صباح أول من أمس برفع لائحتي اتهام الى المحكمة المركزية في اللد – واحدة ضد بن اوليال تتناول ثلاث جرائم قتل، جريمتين لمحاولة قتل، جريمتي الاحراق والتآمر لتنفيذ جريمة بدافع عنصري؛ ولائحة اتهام ضد القاصر أ، تتناول التآمر لتنفيذ جريمة، ستة اتهامات بتنفيذ سلسلة من جرائم الاحراق، الحاق اضرار عن عمد بدوافع عنصرية، اهانة الدين بدافع عنصري وغيرها.

عن «يديعوت»