بقلم / عباس الجمعة
بقراءة واضحة لعملية شبعا ، كان ردا المقاومة من خلال عملية الشهيد سمير القنطار ، فحكومة الاحتلال اعتقدت بان اغتيال الشهيد القائد سمير القنطار ستكسر توازن الردع والرعب مع مقاومة حزب الله وأنها سترسم قواعد جديدة للتوازن والاشتباك، وغاب عنهم أن المقاومة لا يمكن ان تمرر اغتيال الشهيد سمير مرور الكرام ، ومن حيث لا تحتسب ، فقد توقع الاحتلال الرد في الجولان لكن الرد جاء في منطقة شبعا المحتلة في جنوب لبنان ، ما جعل مستوياته الأمنية والعسكرية تعيش حالة من التخبط والارتباك .
ان أبعاد عملية مزارع شبعا هي رسالة واضحة أولاً لكل ما لا يدرك بأن اغتيال المقاومين لا يمكن السكوت عنه ، وان هذه العملية البطولية تؤكد على قدرة المقاومة وهي بمثابة الرد الاولي على عملية اغتيال الشهيد القائد سمير القنطار ورفاقه ثانيا ، كما أن هذه العملية أكدت على أن العدو الصهيوني بات يواجه جبهة مقاومة واحدة وموحدة شمال فلسطين المحتلة، تمتد من رأس الناقورة جنوب لبنان حتى القنيطرة المحررة في الجولان ، ما يعني تشتيت قواه وإرباكه في أي مجابهات قادمة.
ومن هنا نرى ان هذه العملية البطولية في مزارع شبعا والتي تحمل اسم عاشق فلسطين الشهيد القائد سمير القنطار ، وتتزامن مع العمليات البطولية لشباب فلسطين وخاصة الانتفاضة الفلسطينية ، تؤكد على وحدة الفعل المقاوم في مواجهة العدو الصهيوني .
لقد أراد العدو الصهيوني من عملية اغتيال القائد الشهيد سمير القنطار تغيير قواعد الاشتباك، فجاء الرد من الأمين العام لحزب الله في خطابه بذكرى اسبوع الشهيد، بأن الحزب لم يعد يأبه أو يتعامل مع أي قواعد للاشتباك ، وأنه سيضرب العدو في أي زمان وأي مكان ، وان القرار اتخذ وهو بعهدة المقاومين، وأن المقاومة لا تخشى الحرب ، بل ستواجهها وتحقق فيها الانتصار.
في الحقيقة ان قواعد اللعبة اختلفت في زمن المقاومة التي غيرتها بشكل ملحوظ بعد توحيد جبهة الصراع من الجنوب اللبناني المقاوم الى الجولان العربي السوري كما حصل في عملية شبعا في الزمان والمكان المناسبين لتشكل اهم الرسائل العملية للعدو الصهيوني الذي درس كل ألإحتمالات لهذا الرد ، حيث اكدت المقاومة للشقيق والصديق قبل العدو ان المقاومة قطعت الطريق على محاولات العدو الفاشلة بتعديل قواعد الاشتباك بعد اغتيال الشهيد سمير القنطار , حيث اثبت رجال المقاومة في الميدان انهم وحدهم من استوعب قواعد اللعبة , وخبروا اساليب العدو الرخيصة , وكيف يمكن الرد عليه بشكل موجع , لانهم وحدهم , من يستطيع ابداع اساليب الردع بقواعد اشتباكات جديدة تتناسب مع تطورات المرحلة وقواعد اللعبة .
امام هذه العملية الجريئة يمكن الكلام كثيرا عن براعة المقاومة في دقة الاختيار والتنفيذ ولكن أصلا وأساسا في رفع مستوى التحدي ، حيث حسمت كل جدل عن قدراتها وإمكاناتها وعن الاكاذيب التي تعممها الرواية الأميركية والصهيونية عن استنزاف قدراتها في سورية فقد أثبتت المقاومة ما قاله السيد نصرالله حول تنمية وتصاعد الجهد المكرس لمقاتلة إسرائيل بمعزل عن كل ما يدور في العالم والمنطقة وفي سورية ولبنان وهذه المسألة يجب ان ترسخ في فهم التوازنات والمعادلات وإسرائيل تخطيء حساباتها بكل تأكيد ومعها يخطيء حلفائها.
وفي ظل هذه الظروف ندرك بأن عملية المقاومة في مزارع شبعا جاءت تعزيزا للتلاحم السياسي والمعنوي وترميما للثقة سيكون له تأثير كبير في المستقبل وهو ثمرة جهود المقاومين الأبطال ، بعد ان حسمت المقاومة خياراتها بما في ذلك الذهاب لمواجهة مفتوحة على كل الاحتمالات، باعتبار ان المقاومة حق مشروع ولا ينتظر إذنا أو غطاء من أحد سوى مشروعية الحق والأرض وأخلاقية المقاومة، وان عملية الشهيد سمير القنطار تشكل اليوم نقلة استرايجية على رقعة الصراع بالمعنى العسكري والسياسي والنفسي والمعنوي والأمني،الأمر الذي يمنح المقاومة تفوقا سياسيا وأمنيا وأخلاقيا وعسكريا شاملا مقارنة بعملية إسرائيل التي جاءت خلسة من خلال الصورايخ الموجهة لتغتال القائد الشهيد سمير القنطار .
ختاما : لا بد من القول ، فلسطين ترسم بدمائها خط االنضال والمقاومة تشكل عنوان المواجهة من مزراع شبعا حتى الجولان المحتل ، وعلى العرب من محيطهم إلى خليجهم أن يعرفوا أن زمن إسرائيل الجبارة بالمعنى الإستراتيجي قد ولى، فهي لم تعد تخيف ذاك الطفل والشاب والشابة الفلسطينية ولم تتمكن من المواجهة مع المقاومين الابطال على تخوم الحدود العربية المحتلة لهذا نقول انتهى زمن الغطرسة والعربدة، وان زمن الانتصارات قادم على ايدي القابضين على جمر المقاومة والانتفاضة فهم اختاروا الطريق نحو النصر الاكيد .