هارتس : استعداداً للكنيست المقبلة.. ما الذي يفعله الوسط- يسار غير تعزيز اليمين؟

ليفي.jpeg
حجم الخط

بقلم: جدعون ليفي

من لديه بديل أيديولوجي ليعرضه عليه أن يحارب اليمين، من له قيادة أفضل ليعرضها فعليه فعل كل ما في استطاعته لكي تستطيع هذه القيادة أن تحكم. الوسط – يسار في إسرائيل لا يملك شيئاً كهذا، للأسف الشديد، لا من هذا ولا من ذاك. مع ذلك، هو يحرم اليمين الليكودي من القيام بهذه الحرب. حرب شرعية، لكن معظمها يرتكز على التعالي. هذه هي الذخيرة التي بقيت في وقت فرغت فيه جعبة السهام، هذه هي الحال عندما لا يكون هناك بديل فكري أو قيادة بديلة. التعالي هو سلاحه الأجوف.

ليس لكتلة الوسط – يسار سبب أو أي مبرر للتعالي على الليكود والاستهزاء بممثليه ومصوتيه. قائمة مرشحي الليكود للكنيست لا تقل في مستواها المتوسط عن المتوسط لمعظم القوائم. الجهاز الذي اختار القائمة هو الأكثر إثارة للانطباع من بينها مقارنة مع القوائم الأخرى، في حجمه ودرجة ديمقراطيته. التعالي على الليكود غير مبرر فقط، بل ويبلور معسكر اليمين ويعززه. لا يوجد مثل مشاعر الدونية والإهانة من أجل شحن معسكر سياسي كامل بمشاعر قوية ضد من يفعلون ذلك به.

الإهانة المكشوفة والخفية التي يواصل عدد كبير من وسائل الإعلام توجيهها للبيبيين هي الوقود لإشعال لن ينطفئ بسهولة. لن ينسوا هذه الإهانة، بالضبط مثلما لن ينسوا الإهانة التي قام بها مباي في الخمسينيات والستينيات. اليمين في الحكم منذ جيل. ولكن النضال ضده ما زال هو الصراع بين الأعلى في نظر أنفسهم وبين الأدنى في نظر الأعلى.

أجرى الليكود الانتخابات التمهيدية، كانت سليمة وشعبية وديمقراطية مثلما يمكن القيام بها في دولة أبرتهايد، وبقدر الإمكان في واقع السياسة الإسرائيلية. لم يتم فرز الأصوات بعد، وخرجت الشعارات: حزب لشخص واحد، قائمة سيئة، جميعهم من الذين يقولون “نعم”. لا حاجة للعودة والتذكير بآلية الانتخاب في “يوجد مستقبل” و”أمل جديد” و”أزرق أبيض” و”إسرائيل بيتنا”. ثمة سبب لطرح سؤال كيف يحدث أن لا تثير سلطة الفرد في هذه الأحزاب، التي فيها أبعاد من عبادة الشخصية، أي انتقاد من ناحية الحريصين على الديمقراطية الفاخرة في إسرائيل.

هناك من يقولون “نعم” أيضاً في هذه الأحزاب بدرجة ليس أقل مما في الليكود. ومن ينحرف عن الصف يتم إبعاده منها دون رمشة عين. سلطة مباي مع المؤتمرات المنظمة سيئة الصيت، كانت نموذجاً للديمقراطية مقارنة بطريقة انتخاب ماكينة الديمقراطية الإسرائيلية ليئير لبيد، وافيغدور ليبرمان، وبني غانتس، وجدعون ساعر، المحاربون الحازمون ضد نتنياهو باسم الخوف على الديمقراطية. ومن ناحية مستوى المنتخبين، ليس لليسار – وسط ما يتعالى به على الليكود. مستوى السياسيين في إسرائيل متدن، وهو على الأغلب مخجل، لكن لا يوجد ما يخجل منه الليكود أمام القوائم الأخرى. هل أمير أوحانا هو شخصية أقل إثارة للانطباع من نيتسان هوروفيتس؟ هل غاليت ديستل اتبريان هي في الواقع عضوة الكنيست الأكثر استخفافاً بها مثلما يعرضونها؟ بماذا تقل عن افرات رايتن؟ وبماذا يقل دودي امسالم عن ميكي ليفي؟ وبماذا يقل داني دنونعن مئير كوهين؟ وهل تزيد ميراف بن آري ولو بشيء قليل عن غيلا غملئيل؟

يا ليت لو كانت لدينا شخصيات شجاعة ومثيرة أكثر للانطباع في القوائم – هذا هو وجه السياسة في إسرائيل – لكن التفكير بوجود قائمة من البيبيين أمام قائمة الإصلاحيين، وأحجار شطرنج أمام الديمقراطيين، وأشخاص لا عمود فقرياً لهم أمام أشخاص لديهم عمود فقري – هي مقارنة مثيرة للغضب ولا أساس لها.

لا تعد الانتخابات القادمة بأي شيء مهما كانت نتائجها؛ إسرائيل ستواصل طريقها. لا حاجة إلى التأثر أكثر من اللزوم من حملات تخويف الليكود. لن تسقط السماء، ولا سبب للأمل بقدوم حكم الوسط، ولن يبزغ الفجر الجديد. ولكن عندما يتعالى معسكر على آخر بدون سبب ظاهر للعيان، فإنه فعلياً يقول: لا أملك شيئاً أعرضه عليكم عدا التعالي.

 

هآرتس