معادلة.... أمير الصيداوي المقدسي النابلسي الفلسطيني

lFDcS.png
حجم الخط

بقلم : حمدي فراج

 

يكاد المرء لا يصدق ما تناقلته وسائل الاعلام الفلسطينية والعربية ، عن العبرية بالتأكيد ، من أن شابا فلسطينيا اصاب تسعة اسرائيليين بعشر رصاصات في غضون عشر ثواني ، ليتبين بعد ذلك ان سلاحه لم يكن أكثر من مسدس عادي ، بمعنى انه لم يكن سلاحا اوتوماتيكيا يطلق مقذوفاته بالجملة و يمكن لها بالتالي ان تصيب اكثر من شخص في الرشقة الواحدة . و هنا كان يمكن لموسوعة غينيتس ان تدخل على الخط لولا ان الموضوع سياسي و نضالي ضد الاحتلال الاسرائيلي ، و ما الذي تمثله اسرائيل للموسوعة وآبائها واصحابها في الغرب عموما .


لم تكن السرعة والدقة و عدد المصابين و المدة المستغرقة هي الامر الوحيد الذي يمكن التوقف عنده ، بل المكان الذي تم فيه تنفيذ العملية ، مدينة القدس التي اعتمدها الرئيس الامريكي الاسبق دونالد ترامب عاصمة موحدة لاسرائيل ، في أكثر بقعة هامة و مقدسة لدى الاسرائيليين ، و في أكثر ايام الاسبوع قدسية يوم السبت ، باب المغاربة الذي يقود الى حائط البراق ويطلق عليه اليهود زعما "المبكى" المزروع زرعا بأحدث انواع الكاميرات ، وحيث الحراسة المشددة التي ربما توازي و تعادل حراسة سجن جلبوع الذي اخترقه الاسرى الابطال الستة في العام الماضي ، و ما زالت تداعياته و تحقيقاته جارية حتى اليوم .


لم تنته مآثر هذا الفلسطيني عند هذا الحد ، بل استطاع مغادرة الموقعة ، و الذهاب الى حيث اراد لمدة ست ساعات ، كان يمكن ان تمتد لستة ايام و ستة اشهر و ست سنوات لولا انه قام بتسليم نفسه لاسباب تتعلق على ما يبدو بايثاريته المرتفعة حين سمع ان قوات الجيش والشرطة والمخابرات والكلاب تعيث في منزله و تروع عائلته و تعرضها لخطر الانتقام . 

 

استقل على ما يبدو سيارة أجرة و اوصلته الى مركز شرطة ، و هناك سلّم نفسه ، مبقيا على المسدس ، و على حياة السائق ، ربما لأنه كان فلسطينيا ، او انه يهوديا فقيرا يكسب عيشه بعرق جبينه ، فاليهود إجمالا لا يعملون في الاعمال الدنيا ، او ان تكون رصاصاته قد فرغت .


أما مأثرة "امير الصيداوي" الاخرى ، فهي ما قيل انه لدى تنفيذ العملية صرخ باسم "ابراهيم النابلسي" الذي استشهد قبل ثلاثة ايام في نابلس ، و ترك وصية نوعية و حبا جارفا لأمه ، التي بدورها تركت تأثيرا عظيما في الشعب ، لا يقل ابدا عما تركه ابنها ، من بين ما قالته ان ابراهيم لم يكن مطاردا من الاحتلال و جنوده ، بل كان مطاردا لهم ، و قالت اننا خنساوات فلسطين سنهزم الاحتلال بصبرنا ، لم تقل بسلاحنا ، و لم تقل ما غنته جوليا بطرس بغضبنا "اين ستهربون من شدة الغضب" بل بصبرنا ، و قالت انها حملته مرتين ، مرة في أحشائها ، و مرة في نعشه ، و غداة التشييع ذهبت للمشاركة في صلاة الفجر العظيم بأحد مساجد المدينة ، في صلاة نضالية كفاحية . لكنها تنبأت كما لو كانت نبية ان مئات الابراهيميين سيأتون من بعده ، و كان أمير الصيداوي "المقدسي" أول هؤلاء الابراهيميين .
بالمناسبة ، و لمن لا يعرف ، هناك منطقة في القدس اسمها صيدا .