محللون : تصريحات عريقات "مجرد بالونات اختبار" لن تنطلي على إسرائيل .. وعلى القيادة لم الشمل "بالوحدة الوطنية "

عريقات-عباس
حجم الخط

محاولات حثيثة تبذلها القيادة الفلسطينية لإعادة القضية إلى صدارة المشهد العربي والعالمي مع تراجع زخمها لصالح قضايا كانت سابقا تعتبر هامشية، أمام إجماع على الأقل العالمين العربي والإسلامي عليها، لكنها تمضى بهذا الاتجاه بضغوطات على الجانب الإسرائيلي بوقف التنسيق الأمني وقد لوحت بالأمر مرارا، فيما تعلن نيتها خوض معركة دولية مع إسرائيل في الوقت الذي يمضي الرئيس أوباما آخر 400 يوم له بالرئاسة وأوروبا تلهث لمحاربة ما يسمى" بالإرهاب العالمي"، فهل تمضي السلطة في سياستها التصعيدية مع إسرائيل؟ وما تداعيات ذلك على مستقبل السلطة الفلسطينية؟ وهل تجنى ثمار سياستها بعيدا عن وحدة الصف الوطني؟

بالونات اختبار

قبل خطوتها التصعيدية تقول السلطة أنها أخذت الدعم العربي من المملكة العربية السعودية، فيما يشكك البعض في جدية أي دعم من هذا القبيل لانشغالها بملفاتها وتحالفاتها بالمنطقة، مما يضعف جدية أي إعلانات من هذا القبيل.

يقول الكاتب والمحلل السياسي أسعد أبو شرخ "لوكالة خبر" حول إعلان "عريقات" (قطع العلاقات مع إسرائيل تدريجيا) " هذا الإعلان ليس بجديد بدلاله ما نشر له من تصريح على صفحة كاملة في جريدة القدس، شرح فيها ذهابه للإسرائيليين وإلقاء اللوم عليهم بوقف المفاوضات، ورد إسرائيل عليه بالقول لا سبيل أمامكم سوى العودة لطاولة المفاوضات".

وشدد أبو شرخ أن تصريحات عريقات بقطع العلاقات أو التهديد بأن أبو مازن لن يرشح نفسه أو الذهاب للأمم المتحدة لا تعدو أن تكون "بالونات اختبار"، ورسائل لأمريكا وأوروبا وإسرائيل والعرب على حد وصفه.

ونوه أن إسرائيل لن تستجيب لهكذا ضغوطات إلا قال الشهيد خليل الوزير "أبو جهاد" (إسرائيل لا تفهم إلا لغة الرصاص والحجارة والمقاومة)".

وقد أعلن صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أن قيادة الفلسطينية قررت رسميا (قطع العلاقات مع اسرائيل، وأن التأخر بسبب مشاورات داخلية وخارجية، وتم الحصول على دعم عربي كبير لخطوة قطع العلاقات).

ونوه أبو شرخ أن خطوة قطع العلاقات فيما تبقى السلطة محاصرة لن تفيد الشعب الفلسطيني داعيا إلى فعل أي خطوة تمثل أده ضغط حقيقية على إسرائيل".

وتساءل أبو شرخ من الممكن أن تذهب السلطة إلى خطوة وقف العلاقات على أرض الواقع دون الحاجة إلى تصريحات إعلامية، معربا في ذات الوقت عن أمله أن تكون خطوة قطع العلاقات جدية هذه المرة وليست كسابقاتها.

وتابع " يجب أن تتبع هذه الخطوة قرارات تخدم إعادة الزخم لملف الوحدة الوطنية".

من جهته يتفق استاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة الأزهر بغزة إبراهيم ابراش مع أبو شرخ أن " الحديث عن خطوة وقف التنسيق وتسليم مفاتيح السلطة كما قال الرئيس "أبو مازن" لإسرائيل،  ليست بالجديدة ، فالتفكير بحل السلطة ومستقبلها يجري منذ وقف المفاوضات في العام 2010".

وأكد ابراش "لوكالة خبر" أنه " قد حذر أكثر من مسؤول فلسطيني في منظمة التحرير من تخوفات حال وقف التنسيق الأمني، فإن إسرائيل بدورها توقف التنسيق الاجتماعي والاقتصادي والإنساني، لذلك التنسيق مستمر بدون تغير حتى اللحظة".

انهيار السلطة .... حقيقة الأمر

منذ نشأتها عام 1994م، اختلفت الرهانات على السلطة ووظيفتها، فتحاول إسرائيل جعلها أداة لتخفيف عبء الاحتلال، فيما يحاول الوطنيون الفلسطينيون جعلها مقدمة لكيان سياسي فلسطيني وهو ما عملت إسرائيل على اغتياله.

وبشأن استبعاد سيناريو انهيار السلطة بالقول أنها مصلحة أمريكية إسرائيلية يقول إبراهيم ابراش " عندما وجدت السلطة تنفيذا لاتفاقيات أوسلو كانت محل مراهنات متعارضة من سلطة تخفف عبء الاحتلال وأداة لقمع أي انتفاضة إلى محاولات الوطنيين تحويلها إلى سلطة حقيقية وإضفاء طابع سياسي عليها".

وأضاف أن " بفرض مطار وميناء فلسطينيين ووزارات ومؤسسات لكن عندما شعرت إسرائيل أن الراحل أبو عمار في طريقه لتحقيق الحلم الفلسطيني قامت باغتياله".

وأكد إبراش أن "الرئيس "أبومازن" صرح في خطاب له قبل أيام أنه لا يفكر بحل السلطة وهي منجز وطني "

وشدد أن التخوف يبقي من انهيار السلطة  بقرار إسرائيلي بعدم قدرتها على تلبية التزاماتها أو تصاعد الانتفاضة، الأمر الذي يطرح تساؤلات عن مستقبل السلطة إذا انهارت أو تم العمل على انهياراها.

فيما يشدد أبو شرخ أنه في المرات السابقة التي احتجزت فيها إسرائيل أموال السلطة كانت هناك أصوات من داخل الكونجرس وإسرائيل تطالب بعودتها للوظيفة التي تلعبها السلطة في تحفيف عبء الاحتلال على إسرائيل.

وقد صرح عريقات أن السلطة ستبدأ معركة دولية مع إسرائيل هذا الشهر باتجاه مشاريع قرارات هامة لمجلس الأمن للتصويت عليها لصالح القضية والمشروع الوطني الفلسطيني.

يؤكد أسعد أبو شرخ أن العالم مشغول الآن كلُ بقضاياه فإدارة أوباما تعد أيامها الأخيرة، فيما فرنسا وبريطانيا تلهثان لمحاربة ما يسمى بالإرهاب العالمي الذي يعمل على تدمير العالم العربي والإسلامي.

ودعا أبو شرح إلى اعتبار المعركة ليست سياسية ودبلوماسية بل المعركة على أرض فلسطين، مشددا أن الخطوة الأهم لتنفيذ قرارات المجلس المركزي هو لم شمل الشعب الفلسطيني، من خلال اجتماع الإطار القيادي الموحد في غزة لرفع الحصار عن غزة التي تركت وحيدة تصارع بثلاث حروب دامية".

وقد اجتمع المجلس المركزي التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية يوم الخامس من آذار العام الماضي، وأخذ توصيات بوقف التنسيق الأمني.

بدوره يقول إبراهيم ابراش أنه يمكن إعادة القضية إلى لواجهة الأحداث ورد الاعتبار للقضية الفلسطينية، لكن بقيادات ونهج جديد لا يمثله عريقات"

وتابع "نحتاج لنظام سياسي جديد ونخب  جديدة ترجع القضية إلى صدارة المشهد، وتنقذ الحالة الفلسطينية"

ويبقى السؤال الأهم هل تعود القيادة إلى الشعب الفلسطيني وتأخذ بأولوياته للانطلاق باستراتيجية وطنية موحدة للعودة لصادرة المشهد العربي والإقليمي والدولي، وإعادة الزخم لقضية لا يختلف العالم الحر على عدالتها.