يديعوت : الاتفاق المتبلور: إسرائيل تحصد ثمن فشلها في التصدي للتهديد الإيراني

عاموس جلعاد.jpeg
حجم الخط

بقلم: عاموس جلعاد

 

 



قبل نحو ربع قرن عرضت شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" على رئيس الوزراء حديث العهد في حينه، بنيامين نتنياهو، صورة حادة لتهديد إيراني إستراتيجي على إسرائيل. في حينه أيضا، مثلما هو اليوم، تميز النظام الإيراني بحماسة دينية لإبادة دولة إسرائيل. ورسمت هذه الرؤيا المعادية الاتجاه لتنمية القدرات لتحقيقها.
تبنى نتنياهو تقدير الاستخبارات، وحدد التهديد الإيراني بأنه المسألة المركزية لمعالجة عامة وشاملة في المجالات الأمنية، العسكرية، السياسية، الاستخبارية، وغيرها. وعلى مدى السنين، عملت أسرة الاستخبارات العجب في بلورة وعرض صور نوعية ومفصلة حول تطور التهديد في أربعة محاور مركزية: الأول، تطوير قدرة عسكرية نووية؛ الثاني، تطوير قدرات بالستية موجهة نحو السكان الإسرائيليين واهداف استراتيجية متنوعة؛ الثالث السيطرة على دول فاشلة، مثل لبنان؛ والرابع، تطوير قدرات لضرب إسرائيل – عسكريا وباليستيا - من داخل الدولة ذاتها.
اما إسرائيل، بالتوازي، فطورت علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة ومع دول عربية، ضمن امور اخرى، على اساس القاسم المشترك للتهديد الإيراني. في نقطة زمنية معينة، ولأسباب لا بد سيبحث فيها المؤرخون بعمق، نشأ في وردية رئيس الوزراء الأسبق نتنياهو وضع ملح نجح فيه النظام الإيراني في تطوير قدرات مبهرة في سلسلة مسارات ضرب محتملة لإسرائيل. المسار الأول، والأخطر هو السلاح النووي، فقد طورت إيران سراً قدرات تسمح لها بتطوير سلاح نووي تبعاً لقرارها.
تميزت اسرة الاستخبارات في وصف التهديد، لكن حكومات نتنياهو لم تحرص على بناء جواب مناسب لتهديد يدمج سلاحاً يعد تهديداً وجودياً مع نظام متطرف خط على علَمه ابادة إسرائيل. صحيح أن الاتفاق النووي، الذي وقعته إيران مع الولايات المتحدة ومع القوى العظمى، كان سيئا لكن في الشرق الاوسط حيث تختار بين السيئ والاسوأ كان هو الاحتمال الافضل لوقف تطور التهديد.
ساهمت إسرائيل، حسب المنشورات، في إقناع ترامب وإدارته بأن تلغي الاتفاق من طرف واحد. منذئذ نما التهديد، وهو لن يتوقف ألا باتفاق آخر، سيئ هو أيضا، لكنه اقل سوءاً من تقدم إيراني نحو سلاح نووي.
المسار الثاني هو التهديد الباليستي – تملك إيران قدرات مذهلة في حجمها من الصواريخ، المقذوفات الصاروخية، الطائرات المسيرة، وغيرها.
المسار الثالث هو تهديد الارهاب – وهنا توجد قصة نجاح مهمة لشعبة الاستخبارات "امان"، وجهاز المخابرات "الشاباك"، ومؤسسة العمليات الخارجية الخاصة "الموساد" في منع عمليات قاسية ضد إسرائيل على مدى السنين.
إن المعارضة اللفظية الحادة لنتنياهو للاتفاق مثيرة للحفيظة؛ لأنها تعد بخيار عسكري لم يبنه في فترة كان يمكنه فيها ان يفعل ذلك. وبالتالي كيف يمكن أن نصدق بأنه سيفعل هذا في المستقبل؟ فضلا عن ذلك، فإن تصريحات رئيس الوزراء لبيد، التي بموجبها إسرائيل لن تحترم الاتفاق اذا ما وقع بالفعل، مقلقة. ففي مثل هذه الحالة، سيدعم العالم الولايات المتحدة إيران – رغم كونها دولة ارهاب – ستنضم الى اسرة الدول، وإسرائيل هي التي ستكون منعزلة.
يمكن الافتراض بأن إسرائيل لن تنجح، رغم التبجحات المختلفة، في منع التوقيع على الاتفاق. وعليه، كقوة عظمى إقليمية، علينا أن نعمل على تطوير القدرة العسكرية للجيش الإسرائيلي في مسيرة متسارعة، في ظل تعزيز وتعميق التعاون الاستخباري والاستراتيجي مع الولايات المتحدة. وتطوير العلاقات الاستراتيجية مع الدول العربية دون وهم في أن ينشأ حلف ناتو موازٍ، ولكن انطلاقاً من الفهم بأنه لا يمكن الاعتماد فقط على الأميركيين. الى جانب هذا، فان الحصانة القومية حيوية اكثر من أي وقت مضى، وبدون هذا العمود الفقري سيتضرر الأمن القومي أيضاً.

عن "يديعوت"