تحليل: بعد تطبيع العلاقات.. هل تُغلق تركيا مكتب حماس إرضاءً لإسرائيل؟

حماس في إسطنبول
حجم الخط

غزّة - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

بعد أيامٍ من إعلان تطبيع العلاقات بين تركيا وإٍسرائيل في 17 أغسطس الجاري، زعمت القائمة بأعمال السفارة الإسرائيلية في أنقرة، "إيريت ليان"، يوم أمس، أنَّ أكبر عقبة تواجه التوجه الإيجابي هو وجود مكتب لحركة حماس في إسطنبول، وأنَّ "إسرائيل" تتوقع من تركيا إغلاق هذا المكتب وترحيل النشطاء من أراضيها، لأنَّ حركة حماس منظمة إرهابية، وفق زعمها.

حماس في ردٍ عملي على رفضها لقرار إغلاق مكتبها في إسطنبول، أعلنت عن استقبال رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، وأعضاء من المكتب السياسي في إسطنبول، لرئيس حزب السعادة التركي،"تمل كاراملا أوغلو رئيس"، حيث جرى خلال اللقاء استعراض آخر مستجدات اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس المحتلة وغزّة.

وتتمتع تركيا وحركة حماس، بعلاقات وطيدة، مُنذ فوزها في الانتخابات التشريعية عام 2006، وقد منحت العشرات من أسرى حماس جوزات سفر تركية وسمحت لهم بالإقامة بعد إبرام حركة حماس صفقة "وفاء الأحرار- شاليط" عام 2011.

لكِن حماس تخشى من التضييق على عناصرها وأنشطتها في الأراضي التركية بعد تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل؛ فهل ستشهد الأيام القادمة تضييق الخناق على تواجد حماس في تركيا من عدمه؟.

اعتداء على السيادة التركية

بدوره، استبعد الكاتب والمحلل السياسي، مصطفى الصواف، استجابة تركيا لطلب الاحتلال الصهيوني، إغلاق مكتب حماس في إسطنبول أو ترحيل كل أعضاء حماس المتواجدين فوق الأراضي التركية؛ لأنّه يُشكل تعدياً على السيادة التركية والسياسات الداخلية أو الخارجية لها، مُعتقداً أنَّ تركيا لن تقبل بأي تعدي على سيادتها.

وقال الصواف، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ العلاقة بين تركيا وإسرائيل واضحة المعالم، وذلك في ظل التوافق بين الجانبين على عدم استخدام الأراضي التركية لأيّ أعمال عسكرية"، لافتاً إلى أنَّ حديث الإعلام العبري في هذا الشأن - أي طلب تركيا من عناصر حماس في 23 إبريل الماضي مغادرة أراضيها- لا أساس له من الصحة.

وأضاف: "إنَّ أحاديث الإعلام التركي؛ تهدف إلى إثارة النعرات والتشكيك في الإدارة التركية؛ رغم أنَّ العلاقة بين حماس وتركيا أعلى وأكبر مما يتصوره الاحتلال ويتصوره الآخرون؛ بدليل أنّه لم يغادرها أياً من أعضاء حماس؛ ما يدحض رواية الإعلام العبري؛ وذلك على الرغم من عدم وجود توافق على تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل".

وأكمل: "إنَّ العلاقات بين تركيا والكيان الصهيوني، قائمة منذ إنشائه بعد نكبة عام 1948، وهي ليست بالجديدة، لكِن يوجد صعود وهبوط في العلاقات بين الطرفين من خلال تبادل طرد السفارات"، مُضيفاً: "لا أحد يستطيع أنّ يفرض على تركيا أنّ لا تُقيم علاقات مع الكيان الصهيوني؛ لأنَّ النظام التركي هو أدرى بمصالح بلاده؛ لذلك العلاقة بين تركيا وإسرائيل لن تتأثر، رغم الرفض الذي أبدته حماس لتطبيع العلاقات بين تركيا والاحتلال".

أمنيات إسرائيلية فقط

من جهته، اتفق الكاتب والمحلل السياسي أحمد رفيق عوض، مع سابقه، باستبعاد قيام تركيا بإغلاق مكتب حماس في إسطنبول؛ لأنّها معنية بعلاقات جيدة مع الفلسطينيين، كما أنَّ طلب إسرائيل من تركيا، جاء بطريقة التمني وليس الشرط؛ في ظل حاجة الطرفين لتلك العلاقة لأسباب اقتصادية وأمنية وإقليمية.

وأوضح عوض، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، أنّه خلال زيارة الرئيس محمود عباس الأخيرة لتركيا في 23 أغسطس الجاري، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إنَّ تطبيع العلاقات مع "إسرائيل" لن يؤثر على العلاقة مع الفلسطينيين، مُردفاً: "تركيا تُريد للعلاقة مع الفلسطينيين أنّ تستمر؛ لأنّها تُريد أنّ تبقى فاعل في الإقليم، ولا يتم ذلك إلا من خلال دور فاعل لها مع كل مكونات الشعب الفلسطيني -السلطة الفلسطينية وحركة حماس-".

تطبيع تركيا مع إسرائيل.. ترشيد سلوك حماس

وبالحديث عن احتمالية طلب تركيا من عناصر حماس مغادرة أراضيها، بعد التطبيع مع إسرائيل، رأى عوض، أنّه "في حالات سابقة، عندما تحسنت علاقات تركيا مع  مصر، قامت ببعض الخطوات التي تُرضى مصر مثل تخفيف دعمها للمعارضين المصريين؛ وبالتالي من الممكن أنّ تقوم تركيا ببعض الإجراءات الخفيفة التي لا تمس بجوهر العلاقة مع حماس".

وتابع: "قد تلجأ تركيا لتخفيف وجود عناصر محسوبة على الجناح العسكري لحركة حماس، أو ربما تضييق الخناق على بعض المؤسسات الأخرى غير المكتب السياسي، أو الحد من بعض نشاطات حماس في تركيا؛ لأنّ تركيا ترغب بعلاقات جيدة مع إسرائيل لأسباب مختلفة".

وعن إمكانية اختلاف الدعم التركي لحماس بعد تطبيعها العلاقات مع إسرائيل، بيّن عوض، أنَّ الدعم التركي أخذ الأشكال التالية "سياسي ومالي ولوجستي؛ بمعنى تركيا تسمح لأعضاء من حماس بالتواجد والعمل في تركيا"؛ مُشيراً إلى أنَّ الدعم التركي لحماس سياسي متعلق بالاحتواء والتغطية والدعم المعنوي والسياسي واللوجستي، وهذه أوجه دعم قد تتقلص ولا تتعلق بالجانب العسكري على الإطلاق.

ولفت إلى أنّه في حال قيام تركيا بالتضييق على حماس، فإنَّ الحركة  ستتضرر؛ لأنَّ تركيا ساحة مهمة بالنسبة لها، كما ستُحرم من التوازن في الإقليم، خاصةً مع تضييق دول عربية الخناق على حماس بوضعها على قوائم الإرهاب وسجن عناصرها؛ وبالتالي ستكون هوامش الحركة قليلة.

وختم عوض حديثه، باستبعاد إغلاق تركيا المكتب السياسي لحماس في إسطنبول؛ وذلك بسبب رغبة تركيا وكذلك قطر لأسباب مختلفة بإبقاء العلاقة مع حماس؛ مُبيّناً أنَّ من بين تلك الأسباب، قرب الدولتين من السياسية الأمريكية في المنطقة، وبالتالي لعب دور مهم في ترشيد سياسية حماس.