التقي القادة العرب في مصر بمدينة العلمين مؤخراً وللمرة الثالثة خلال فترة ثلاث شهور الأولى كانت قبل القمة العربية لأمريكية يوليو المنصرم في الرياض والثانية كانت اثناء القمة التي اعتبرت حدث مهم في الإقليم والتي فحصت فيها امريكا مدي تطور مصالحها وقوة علاقاتها مع دول الإقليم من خلال محاولتها اخراط دولة الاحتلال في منطقة الخليج العربي كعضو في تحالف دفاعي أولا ومن ثم عضو في حلف استراتيجي سياسي واقتصادي وامني كبير يضم اكثر من تسع دول عربية وهي الدول التي تربطها مع دولة الكيان اتفاقيات سلام واتفاقيات تطبيع ثانيا .اليوم بعد مضي شهرين علي تلك القمة يعود خمسة قادة عرب للاجتماع من جديد وكأن لديهم برنامج لقاء دوري تشاوري في ملفات المنطقة التي من شانها ان توفر الامن والاستقرار للجميع وتساهم في نمو اقتصادي وامني مشترك مع دولة الاحتلال الا ان الملف الفلسطيني يثبت انه الملف المركزي بقضاياه الكبري والتي يعتبر فكفكتها امر بالغ التعقيد وبالتالي يعود الملف بكل قوة من جديد ويفرض علي القادة العرب بحث حل الصراع علي أساس حل الدولتين قبل محاولة ادماج الفلسطينيين في أي تحالفات إقليمية .
لم تغيب رؤية الفلسطينيين المتكاملة لحل الصراع عن طاوله البحث في أي اجتماع عربي علي مستوي القمة , مصر والأردن تدركها علي راس التحديد وهذا يعود للروابط السياسية والاستراتيجية الكبيرة التي تربطهم بالقيادة الفلسطينية وخاصة انه يوجد حالة تشاور مستمر مع القيادة الفلسطينية بين الفينة والأخرى وبالتالي فان الرؤيا الفلسطينية لحل الصراع أصبحت ثابت من الثوابت التي تقف في طريق أي خطة ازدهار ونمو سياسي واقتصادي بالمنطقة بالشراكة الامريكية والإسرائيلية ,لا يستطع القادة العرب تجاوزها والعمل باي شكل من الاشكال مع أي شركاء دوليين سواء كانت اوروبا او أمريكا مع تجاهل الرؤيا الفلسطينية التي هي بالأساس قائمة علي حل الدولتين ومبنية علي أساس المرجعيات الدولية والإقليمية لحل الصراع وأهمها مبادرة السلام العربية 2002 , ولعل ما تسعي اليه القيادة الفلسطينية اليوم هو انقاذ حل الدولتين من التقويض بفعل المخططات الصهيونية الاستيطانية التي تتصاعد يوما بعد اخر وتقضم من الأرض الفلسطينية ما يجعل التواصل بين مدنها واطرافها امر شبه مستحيل ,ولعل اخطر ما يواجه الفلسطينيين اليوم هو مضي دولة الاحتلال في فرض وقائع على الأرض تؤكد بان دولة الاحتلال تسعي الي تصفية الصراع علي الطريقة الإسرائيلية دون اعتراف بالفلسطينيين كشركاء للسلام الذي هو أساس للسلام الاقليمي الذي تسعي اليه إسرائيل .
ان من اهم التوجهات المطلوبة عربيا هو العمل مع الشركاء الدوليين كالولايات المتحدة ومجموعة ميونخ الرباعية باعتبار مصر والأردن أعضاء لإقناع تلك الدول بلعب دور مركزي في الضغط علي دولة الاحتلال للكف عن تنفيذ المخططات أحادية الجانب فيما يتعلق بالصراع والقبول بالجلوس على طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين على أساس حل الدولتين. المجموعة الخماسية تدرك اليوم ان دولة الاحتلال تريد علاقات تطبيعيه كاملة معهم دون ان تتقدم في ملف حل الصراع علي أساس قرارات الشرعية الدولية والمرجعيات الخاصة بعملية السلام وهم امام سياسة احتلالية غير واضحة وهذا ما لمسته مصر مؤخرا بان دولة الاحتلال تريد العمل مع العرب كأدوات لتصفية الصراع مع للفلسطينيين من طرف واحد وادركت ان دولة الاحتلال توظف وساطة مصر لصالحها وهذا ما اغضب مصر كثيراً ووتر العلاقات لدرجة ان المخابرات المصرية بدأت بالفعل بتقليص دور الوساطة بين دولة الاحتلال والفلسطينيين الي ادني مستوي, لكنها حافظت علي سياسة وقف المواجهات والصدامات المسلحة بين الفلسطينيين والإسرائيليين لان مصر تعرف ان هذه المواجهات المسلحة دائما تعرض الامن القومي المصري للخطر من ناحية وتؤلب الشارع المصري علي القيادة المصرية من خلال اثارة الشارع المصري لان هناك روابط ديموغرافية وروحية واجتماعية بين المصرين والفلسطينيين خاصة في غزة. يستحيل اقناع الفلسطينيين بالاندماج في التحالفات التي ترعاها وتوجهها أمريكا والتي تكونت لصالح انخراط دولة الاحتلال بالمنطقة دون ان ينتهي الاحتلال ويقر الجميع بحق تقرير مصير الفلسطينيين ودون وجود دور امريكي فاعل وحقيقي للجم الاحتلال الإسرائيلي الذي يسابق الزمن لفرض وقائع من طرف واحد لحل الصراع. الذي بات مهما وتدركه المجموعة الخماسية ان انخراط للفلسطينيين في أي تحالفات إقليمية أمريكية إسرائيلية عربية مرهون بمدي تقدم الولايات المتحدة الامريكية في تطبيق حل الدولتين وما يلزم على الأرض من إجراءات توقف فيها دولة الاحتلال كل ممارساتها التي تستهدف أولا واخير القضاء علي امل الفلسطينيين بالعيش في دولة كاملة السيادة، مستقلة ترتبط جغرافيا وسياسيا مع دول الإقليم والعالم.
إن اعتقد قادة المجموعة الخماسية ان بإمكانهم اقناع الفلسطينيين واغرائهم القبول بالجلوس علي طاولة المفاوضات مع دولة الاحتلال علي أساس التطبيع الإسرائيلي العربي والانخراط في الاتفاق الابراهيمي المشين عليهم ان يدركوا ان امامهم ما لا نهاية من الاجتماعات ,وما لانهاية من السنوات ليتأكدوا ان الفلسطيني الذي يمكن ان يقبل بما يطرح سراً الان علي الفلسطينيين لم يولد بعد , وهو حل مختزل لحل الدولتين بوصاية امنية واقتصادية عربية إسرائيلية أمريكية مشتركة وهذا بالتأكيد لا ينهي الصراع ولا يعيد الامن والاستقرار المفقود منذ عقود للمنطقة ولا يجعل من اتفاقات التطبيع التي تسعي اليها دولة الاحتلال مع الدول العربية اتفاقات فاعلة وناجزة وعلي دولة الاحتلال وحليفتها واشنطن ان يدركوا ان أسلوب اختزال الصراع وتفكيكه امر مستحيل وما هو الا تعقيد للصراع ما من شانه ان يزيد الفلسطينيين عناداً لانهم ادركوا ان مفتاح كل شيء في الإقليم أصبح مرهون بحل الصراع على أساس حل الدولتين.