هآرتس: لـ”ميرتس” بعد طلبه الاتحاد مع “العمل” في قائمة واحدة: لماذا تخون طريقك؟

ليفي.jpeg
حجم الخط

بقلم: جدعون ليفي

مع تأسيس قائمات اليسار الصهيوني للكنيست: العمل وميرتس، لم يعد ممكناً الادعاء بعدم وجود فرق بينهما. حزب ميرتس عرض قائمة يبرز فيها من يعارضون الاحتلال، وكأن النضال ضده بالنسبة لهم هو الهدف الأول من بين كل الأهداف. حزب العمل عرض قائمة لا يوجد فيها معارض واحد ناشط ضد الاحتلال. هذا ليس أمراً هامشياً. الاستنتاج هو أنه محظور على القائمتين التنافس معاً كي لا يتم طمس الفرق الأيديولوجي بينهما.
ثمن الذوبان أعلى من المخاطرة، التي هي غير قائمة، والتي تتمثل بالفشل في اجتياز نسبة الحسم. الصهاينة الذين تقض مضاجعهم محاربة الاحتلال أكثر من أي شيء آخر، والذين ما زالوا يؤمنون بالحل الكاذب وهو حل الدولتين، صوتوا لميرتس؛ اليساريون في نظر أنفسهم، الذين يعتبرون الاحتلال أمراً متعباً، مهم ولكنه غير مصيري، يؤمنون بحل الدولتين ولكن لا يوجد شريك، صوتوا لحزب العمل. هذه المقاربات محظور خلطها. لا يوجد مكان لخليط آخر في المعسكر الصغير والمحتضر لليسار الصهيوني، حتى عندما تكون الغاية وجود يسار غير صهيوني في إسرائيل.
الغريب أن ميرتس هو الذي يطالب بالاتحاد. كان من المناسب لحزب العمل فعل كل شيء من أجل الاتحاد مثلما فعل دائماً، أن يخلط مباي مع احدوت هعفودا، وأن يخلطهما مع رافي، ويخلط العمل مع مبام، ولتذهب الفروقات إلى الجحيم. أما في صالح ميراف ميخائيلي فيجب القول بأنها تشاهد هذه الفروقات، وفي غير صالحها يجب القول بأنها تهرب منها هربها من النار.
إن توق ميرتس للاتحاد ينبع من خوف التنفيذ ومن الانتهازية، ولكن هذا كان يجب أن يكون من نصيب ميرتس السابق، مع زهافا غلئون على رأس ميرتس، وموسي راز في المكان الثاني، وغابي لسكي في المكان السادس، الثلاثة الذين كرسوا حياتهم السياسية العامة بصورة تثير الاحترام من أجل محاربة الاحتلال، لا يوجد لميرتس ما يخجل منه في تميزه، وعليه أن يحافظ على ذلك بكل القوة. وإذا اتحد مع العمل فسيفقد شخصيته التي تم تجديدها مؤخراً.

حزب العمل في المقابل يطرح قائمة من الذين لا يرون الاحتلال. لا أحد من مرشحيه الحقيقيين يعرف شيئاً عن الاحتلال وعن حجم إجرامه وظلمه. بل لا يعنيهم أصلاً. ربما كانت المرة الأخيرة التي زارت فيها ميخائيل الضفة الغربية عندما سافرنا معاً لتناول وجبة عشاء في قرية رامين بمناسبة إطلاق سراح أقدم المعتقلين الإداريين في حينه، أسامة برهم. وقد مرت 25 سنة منذ ذلك الحين، والآن ليس لها أو لحزبها كلمة لقولها عن الاعتقال الإداري، ولا حتى عندما يحتضر أحد ضحاياه الشجعان جداً وهو يعاني من الألم.
ميرتس لا يمكنه أن يتنافس في قائمة واحدة مع الذين يتجاهلون الاحتلال. فهؤلاء مثلهم كثير في الكنيست، تقريباً كل الأعضاء اليهود فيها. ميرتس الذي سيتحد مع من يتجاهلون الاحتلال سيخون طريقه. وقد فعل ذلك في السنوات الأخيرة، ومن الجيد أنه استيقظ من ذلك بدرجة معينة. “نوعاما لزيمي وأصدقاؤها هم أكثر يسارية من ميرتس”، كتب نحاميا شترسلر (“هآرتس”، 30/8)، وهدد من صعود اليمين المتطرف إلى الحكم بسبب معارضة ميخائيلي للاتحاد. بالنسبة لشترسلر، اليسار في المقام الأول هو العمل المنظم وليس الاحتلال. أيضاً مقال هيئة التحرير لهآرتس في 29/8 حث ميخائيلي على الموافقة على الاتحاد، وحذر من “مأساة سياسية” وهي عودة نتنياهو إلى الحكم.
من يحبون هذا النوع من قصص الرعب، فهذه بالنسبة لهم اعتبارات لا يستخف بها، لكن هناك اعتبارات أكثر أهمية، وهي الاعتبارات الأيديولوجية. إذا لم يكن هناك مكان لحزب صهيوني يحارب الاحتلال في الكنيست، فعندها لن يعود هناك يسار صهيوني في إسرائيل.
من الصعب معارضة الاحتلال والبقاء صهيونياً. ومن الصعب جداً، إلى درجة المستحيل، أن تكون يهودياً غير صهيوني في إسرائيل. يجب إعطاء ميرتس الاحتمالية الضئيلة لإثبات أن هذا ممكن. إذا اتحد ميرتس مع العمل ولم يعارض عارض الأبرتهايد سوى العرب، فهذا سيسم إسرائيل بأنها أسوأ من جنوب إفريقيا.

هآرتس