تزايدت التصريحات الرسمية الإسرائيلية، في الأسبوع الفائت، حول ضرورة تعزيز التنسيق الأمني الفلسطيني - الإسرائيلي. جاء ذلك بعد فشل أجهزة الأمن الإسرائيلية، في القبض على منفذ عملية ديزنغوف في تل أبيب، رغماً عن معرفتها بالفاعل. تتحدث أوساط أمنية إسرائيلية، بأن الفاعل تمكن من الفرار والوصول للضفة الغربية، وترى تلك الأوساط، بأن أجهزة الأمن الفلسطينية، قادرة على معرفة ذلك، وعلى إلقاء القبض عليه وتسليمه للسلطات الإسرائيلية. يأتي ذلك، ترافقاً وتالياً، لطرح سيناريوهات متعددة، لمرحلة ما بعد السلطة، وكاحتمالات انفراطها!!!
من خلال ما يدور في إسرائيل، حول واقع السلطة ومستقبلها، وسيناريوهات ما بعد انفراطها، يلحظ المتابع، والمتابع الإسرائيلي، خاصة، مدى ارتباك المستوى الرسمي الإسرائيلي، إزاء الموقف من السلطة الفلسطينية، ومدى اهتزاز رئيس الوزراء نتنياهو، إزاء هذا الموضوع الدقيق والحساس في آن.
التنسيق الأمني أساساً، جاء وفق رزمة ترتيبات سياسية وأمنية، لا يمكن فصل بعضها عن بعض، وكان الهدف من ورائه، ان تسير المسارات بشكل متوازٍ، لتصل الأمور حد النهاية في العام ١٩٩٩، وهذا ما لم يحدث، واستمرت المفاوضات واستمرت المسارات المرافقة، ومنها التنسيق الأمني.
الآن، وبعد أن تعثرت المفاوضات، وتوقفت نتيجة التعنت الإسرائيلي، واستمرار الاستيطان، وما يحمله الجدار من عزلة وتفتيت الأرض الفلسطينية، والحيلولة دون إقامة الدولة الفلسطينية، المستقلة ذات السيادة، بقيت بعض مسارات المفاوضات، ومنها التنسيق الأمني، الذي قرر المجلس المركزي لـ م.ت.ف، إيقافه ودرست اللجنة التنفيذية آليات هذا الوقف، وهددت إسرائيل، بانهيار السلطة .. في ظل ذلك، جاءت مقدمات الانتفاضة الثالثة، عبر عمليات فردية، تمثلت في الطعن والدهس، واستخدام النار .. وتم إعادة طرح سؤال مركزي ومهم، على المجتمع الإسرائيلي، هل يمكن انهيار السلطة، وماذا سيحمل المستقبل، بعد هذا الانهيار. وهل يمكن إعادة النشاط والزخم، للتنسيق الأمني، في ظل ما تعايشه السلطة؟!! وما يعيشه الشعب الفلسطيني، من انسداد الآمال المستقبلية؟!!
بداية، لا يمكن بأية حال من الأحوال، العودة للمفاوضات دون تحديد المرجعيات اللازمة لذلك، ودون تحديد جدول زمني، يكفل عدم تكرار المفاوضات العبثية، التي أرادت لها إسرائيل أن تطول، دون ان تؤدي الى اية نتائج... وهو ما اسماه الفلسطينيون بالمفاوضات العبثية، لا بد لمسار المفاوضات، إن أرادت إسرائيل، العودة اليه، من تغيير واضح وشامل لقواعد اللعبة، بحيث تؤدي كل خطوة من خطاه، الى نتائج ملموسة يدركها الشعب إدراكا ملموساً مباشراً.
وبالتالي، فمن نافلة القول أن يبقى التنسيق الأمني، على هشاشته وضعفه، مهدداً بآليات قد تقرها اللجنة التنفيذية، لـ م.ت.ف، بشأن وقفها، او التخلي عن بنود مركزية وأساسية فيها.
العودة، لبعض قواعد اللعبة التفاوضية السابقة، وعلى رأسها التنسيق الأمني، باتت تحتاج الى وضع أسس واضحة، وعلنية، تتوافق عليها الفصائل الفلسطينية، كي تكون مساراً متوازياً مع مسارات كثيرة، الهدف الأساس لها، إجلاء الاحتلال الإسرائيلي عن الأرض الفلسطينية، عبر جدول زمني محدد، ووفق مرجعيات دولية، في المقدم منها، مقررات مجلس الأمن.