هارتس : إسرائيل بجيشها وقضائها: المستوطنون في الضفة الغربية “على حق دائماً”

حجم الخط

بقلم: نتاع بن فورات واريك اشيرمان

الشخص المسلح ببندقية من سيارة الأمن التابعة للمستوطنة، شاهد عشرات الشباب، بعضهم كانوا ملثمين ومسلحين بالعصي والحجارة. في الوقت الذي كانوا يستعدون فيه لمهاجمتنا. نحن الذين جئنا لقطف الزيتون مع سكان قرية صوريف، اتصلنا بقوات الجيش التي غادرت المكان في وقت أبكر. وقد حذرنا مما سيحدث، وطلبنا منهم العودة. لكنهم لم يعودوا، وبعد نحو أربعين دقيقة، تم تشغيل الصافرة في سيارة الأمن، وأعطيت الإشارة للهجوم علينا. مقال هاجر شيزاف وصف معظم ما حدث (30/8/2022).

في الأشهر التي مرت منذ ذلك الحين، تعلمنا ما الذي يسمح بعنف المستوطنين. نفس العنف الذي تعهد وزير الدفاع بني غانتس باستئصاله، ولكنه فعلياً يشجعه. شاهدنا على الأرض المستوطنين المهاجمين وهم يعودون رويداً رويداً إلى المستوطنة وإلى البؤرة الاستيطانية المجاورة، يسيرون بدون إزعاج من الجنود ومن رجال الشرطة وكأنهم لم يفعلوا أي شيء يستحق إلقاء القبض عليهم. الوحيد الذي تم اعتقاله هو عينان تنجل، الذي كان سيئ الحظ وشوهدت نقط من الدم على العصا التي كان يحملها.

ثمة “تصميم” مشابه، وهو تصميم القوات على الأرض الذي أظهرته أيضاً الوحدة التي أجرت التحقيق. عشرات الصور والأفلام بجودة عالية، التي سلمناها للمحققين لم تساعد في العثور على المعتدين. نشاطات تحقيق أولية لم يتم تنفيذها. الوحيدون الذين تم تشخيصهم تم اعتقالهم والتحقيق معهم، وهم بعض الفلسطينيين الذين قمنا بقطف الزيتون معهم. شريك تنجل في الضرب بالعصي (الذي كان على العصا التي كان يحملها مسمار ونجحت الشرطة في تجاهله) اعتبر “مجرماً مجهولاً”.

رفض تنجل، الوحيد الذي تم اعتقاله، التعاون مع المحققين، ما أعطاه جزاء مضاعفاً. فالحصانة التي منحها لشريكه (الذي وجهه في عملية الاعتداء وامتنع عن الإدلاء بمعلومات شخصية عنه) فادته هو أيضاً. فحقيقة أنه متهم وحيد سهلت على المحكمة أن تجعل النيابة تتوصل معه إلى صفقة مخففة، التي سيتم في إطارها شطب بنود من لائحة الاتهام الأصلية. وما يحمل دليلاً خاصاً هو شطب الاعتداء الجماعي من وصف الوقائع، وهذا ظرف مشدد له أهمية عقابية، وقرار النيابة العامة بألا تنسب له دافعاً أيديولوجياً.

الاعتداء ضده لم يكن بالإمكان تنفيذه من قبل مهاجم واحد. فقد احتاج الأمر إلى أكثر من عشرة راشقي حجارة، واثنين انقضا بالعصي من أجل ترك مصابين في أوساطنا، مع أضرار جسدية ونفسية ما زلنا نعيش معها. ولأن دولة إسرائيل اختارت ألا تطبق القانون على المهاجمين وامتنعت عن اتهامهم بالاعتداء الجماعي، فهي نفسها بالتحديد التي يمكن اتهامها بذلك. لأن الموجود هنا في نهاية المطاف ليس عجزاً، بل تعاون بين سلطات الدولة والمستوطنين الأكثر عنفاً.

هذا لا يعتبر استنتاجاً متسرعاً. مثلاً، مع الرد الذي حصلنا عليه من الجيش، فإن المشغل لنفس الشخص المسلح، الذي تم تشغيل صافرة الإنذار من سيارته ووجوده، هو الذي سمح بالاعتداء: “لم يتبين أن سلوك قوات الأمن في الحدث لم يتجاوز المعايير المتوقعة من موظف أمن في المستوطنة”، كتبت رئيسة قسم العمليات في مكتب المستشار القانوني في الجيش، النقيب حن شملو. المنتقدون للتعاون بين المستوطنين والدولة، لم يكونوا ليستطيعوا صياغة ذلك بصورة أفضل.

يجب معرفة أن هناك هدفاً بأنه لعنف المستوطنين. فهو ليس عرضاً منفرداً، بل جزء من أسلوب هدفه دفع الفلسطينيين إلى ترك أراضيهم. وإذا قامت النيابة والمحكمة بدور الدفاع في هذه الحالة، فما الذي يمكن أن نتوقعه في مئات الأحداث الأخرى التي كان فيها المعتدى عليهم فلسطينيين لا يحظون بالترف الذي نحظى به نحن بصفتنا مواطنين إسرائيليين، يتحدثون لغة النظام ويحصلون على مرافقة محام.

بعد أسبوع تقريباً ستقرر المحكمة ما إذا كانت ستنضم للشرطة والنيابة وستصادق على الصفقة التي عقدت مع محامي تنجل. بعد فترة قصيرة من ذلك، سيصادف موسم قطف الزيتون وستستأنف الاعتداءات. في حالات نادرة، سيصل الأمر إلى تغطية إعلامية. عندها سيكون هناك سياسي يدين الأمر لفظياً. مزارعون ونشطاء سيتم ضربهم، أراض ستصادر، وهذا سيناريو معروف مسبقاً. الرد الوحيد الذي يمكن تقديمه على ذلك هو تعزيز وقوفنا إلى جانب المزارعين الفلسطينيين.

 

هآرتس