تأملات في واقع متغير

حجم الخط

بقلم صلاح هنية

 

 

 

تدب الحياة في شوارعنا وكأننا كنا في غياب طال، وعُدنا الى مواقعنا مع انطلاق العام الدراسي، هذا بحد ذاته يترك آثاراً متعددة على الحياة اليومية، وقد تكون كل الاستعدادات والجاهزية غير كافية.
تتغير اتجاهات المرور، فأنا كنتُ أسير خلال العطلة الصيفية في اتجاه مرور يؤدي بي إلى عملي ومؤسستي، اليوم أُضيفت اليه مسارات متعددة بحكم إيصال أبنائي إلى مكان وزوجتي إلى مكان وأنا الى مكان، وهذا متغير مهم لا نقيم له غالباً وزناً.
الحكاية باختصار أن كل الأُسر الفلسطينية مضطرة أن تخرج من منزلها الساعة السابعة صباحاً وتعود الساعة الثالثة عصراً في شوارع البلد، هذا هو المعطى القائم أمامنا على مدار أيام في الأسبوع باستثناء العطل.
وتستمر الأفراح بأشكال مختلفة ومتنوعة تبدأ من سهرة في الشارع، الى قاعات أفراح يتعطل السير في محيطها، الى موكب زفة السيارات وما يرافقها، الى زفة العريس وزفة اخراج العروس، كل هذا ويتكرر السؤال ذاته، الأزمة والازعاج، وفجأة نتذكر أن قاعات الافراح أُقيمت دون مواقف وفي موقع واحد متقارب وبذات الحالة، وتلقائياً يجب ان تتذكر الا تذهب صوب هذا التجمع للقاعات، وإن ذهبت مدعواً عليك ان تضع خطة بديلة، إما ان نذهب خمسة مدعوين في سيارة واحدة أو تقف بعيداً وتمشي على قدميك، وعدة سيناريوهات يكون من سبقك قد أبدع في استخدامها، فأغلق أمامك فرصة الخطة البديلة لعدم تعدد الخيارات.
فجأة تدب الحماسة بعدد من الشباب لطرح القضايا بصورة تعفيهم وتعفي آباءهم وأمهاتهم ومحيطهم من المسؤولية، ويلقونها في ملعب آخر ولا يقرون أنهم جزء من المشكلة، وقد يكونون جزءاً من الحل ولكنهم لا يقرون بذلك، وهناك من ينسى نفسه أنه كان مسؤولاً قبل ثلاثين عاماً وكانت الفرص المتاحة آنذاك أكبر، ولكن جل انشغاله آنذاك انه يمنح الولاء لشخص أنعم عليه بموقعه الذي كان فيه ولا يقيم وزناً لمهام الوظيفة واستحقاقاتها.
إذا أضاءت الإشارة الضوئية أحمر نغضب لماذا لم تنتظرني لأمرّ، فأنظرُ صوب دورية الشرطة على المفترق فأقول ( تعالوا مشوا الجهة اللي أنا عالق فيها ) وإلا فإن الشرطة لا تعمل على تخفيف الأزمة!!!!!، إذا استمرت سهرة العرس حتى الثانية عشرة وعشر دقائق تقوم الدنيا ولا تقعد، ولا نلوم أحداً إلا إنفاذ القانون بوقف السهرة، وكأن أهل السهرة ومحيطهم ليسوا مسؤولين ويصبحون غير ملومين ( الشرطة لم توقفهم!!!!).
باب المدارس الحكومية والخاصة مفروض آخرين غيرنا نحن اصحاب المسألة أن ينظمنا ويهيئ لنا مكاناً باب المدرسة بالضبط أن ننزل اطفالنا وابناءنا ونقبلهم ونحمل لهم الحقيبة، ونصبّح على حارس المدرسة ومن ثم نقود سيارتنا، وكل هذا نحن لسنا مخطئين، هناك جهة أخرى يجب ان تفعل لنا شيئاً، ممكن مثلاً المدرسة تتيح ملعبها للالتفاف داخله فنخفف الأزمة، فيهب أولياء الأمور هذه ليست مسؤولية المدرسة ولها حرمتها!!!!، باص ( أنا ما ببعت أولادي بالباصات، بضمنش الباصات!!!).
اذهبْ صوب جامعة بيرزيت إبان انتظام الدوام فيها واتركْ الإضرابات وغيرها تجد مئات المركبات على الطريق وعلى مدخل الجامعة، ولا نريد الا حلاً سحرياً من خارج هذا المشهد وتكراره جعلنا نراه طبيعياً وعادياً.
في مواقع أعمالنا اين نوقف سياراتنا، وهذا مخصص لمدير المؤسسة وذاك لنائب المدير وذلك للمسؤول المالي، فنصطف في الشارع ونبدأ برفع الصوت أين نذهب، ونوجه نداءنا لذات الجهات لتجد حلاً خلاقاً، ولا أختلف أن هناك جهات أقدر على إيجاد الحلول، ولكن لا تغلقوا أمامها كل نوافذ الحلول المطروحة.
كل الناس يريدون أن يذهبوا صوب المطاعم والكوفي شوب شريطة أن يجلسوا في مكان مفتوح، وهذا الكل يرى أن عدد المركبات التي تمر أمام المطاعم كبير جداً يجب ضبطه!!! والمشاة أعدادهم كبيرة، ماذا يفعلون حتى هذه الساعة المتأخرة!!!!!!!!
البلد مسؤولية مشتركة لنا جميعاً بتفاوت حجم المسؤولية، ولكن بتفاوت حجم المسؤولية والحديث في القضايا العامة غالباً يحتاج أن يكون هناك مختصون ليطرحوا الرأي، وهذا جميعه بحاجة الى آذانٍ صاغية.