الجوع الاخوي ... ويبقى النهر لمجراه أمينا

lFDcS.png
حجم الخط

بقلم : حمدي فراج

 

 

فشلت كل المحاولات في اطلاق سراح الاسير المريض ناصر ابو حميد ليموت في أحضان عائلته، وبالتحديد ، والدته القوية الشامخة الصلبة. وهاهي ادارة مستشفى "اساف هروفيه" تخلي مسؤوليتها الطبية عنه لدخوله مرحلة الموت السريري .
وها هما الشقيقان من الخضر احمد وعدال موسى يطويان الشهر الاول من اضرابهما عن الطعام احتجاجا على اعتقالهما الاداري ، دون ان ينجح "جوعهما الاخوي" في نسج خيمة تضامن واحدة معهما في ربوع الوطن "من رفح الى جنين" ، ولا حتى في مسقط الرأس، رغم انهما أعادا الى ذاكرتنا شبه المثقوبة، اضراب الشقيقين المناضلين "البلبولين" محمد ومحمود ابناء الشهيد احمد البلبول ، فهما ايضا من الخضر، نعم مسقط الرأس والتربة الحمراء الغنية بالخير والعطاء والمناضلين .
وها هي حالة أخرى يصعب تغاضيها والقفز من فوقها قفز الطحالب او التعامي عنها تعامي النعام ، هي حالة الاسير جواد الجواريش من بيت لحم والمحكوم بالمؤبد منذ عشرين سنة، يعلن اضرابه المفتوح عن الطعام ، لماذا ؟ - لأن الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط ترفض ان تجمعه بشقيقيه الآخرين عرابي وعبد الله المحبوسين اداريا منذ سنة ونصف .
قبل اربعة ايام فقط، اتهمت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية الجيش بأنه يتبنى سياسة الكذب في مقتل شيرين ابو عاقلة الذي خرّج سبع روايات كاذبة عن مقتلها خلال اربعة أشهر، ابتدأت بتحييد "مخربين"، هي والزميل علي السمودي ، ثم إثارة موضوع الرصاصة، وأخيرا الاعتراف الضمني بقتلها "بالخطأ" ولا داعي لفتح تحقيق جنائي .
لن يتفاجأ أحد في موضوع ناصر ابو حميد، بمن في ذلك جمعيات الاسرى والوزير حسين الشيخ بما يمثل ان يقضي ناصر خلف القضبان ، ولكن ما الذي يمنعهم من احتجاز جثمانه مع مئات الجثامين المحتجزة ؟
وهل يمكن ان يفتحوا حوارا مع جواد جواريش بشأن السماح بلقاء شقيقيه قبل مرور خمسين او ستين يوما على إضرابه ، بل من يضمن ان لا يطلبوا منه تقرير "إثبات أخوّة"عن طريق فحص "دي أن أيه" ، مثلا .؟
وإذا كان الجيش يعتمد الكذب وفق "هآرتس"، فماذا نقول عن السياسيين الموصومين اصلا بالكذب والمداهنة ؛ نتنياهو ولابيد وليبرمان وغانتس وبينيت وبن غفير ؟؟؟.
لقد ذهب ليبرمان مؤخرا ابعد مما ذهبت "هآرتس" وصف الجيش بالكذب ،حين وصف نتنياهو بأنه "حثالة بني البشر" ، فاذا ما اجتمع هؤلاء مع اولئك على الكذب والحثالة ، ماذا يتبقى صادقا وصالحا في دولتكم ؟
اما نحن، وبدون دولة، نراها بلادا مقدسة، قدسيتها جاءت من انسانها، ذكرا وانثى ، بسيطا حميما كريما اصيلا، من يغشاها عنوة يكون حقيرا لئيما غشيما، حتى لو استعان بالبعض من حثالاتها .. ويبقى النهر لمجراه أمينا ، فنكون نحن النهر حينا، و المجرى حينا آخر .