تلك هي الحقيقة الصادمة؛ فالإبداع هو الإتيان بفكرة غير مسبوقة مجاوزة حدود التطور الطبيعي، و هو ما يطلق عليه في المجال الصناعي (اختراعا).
فإذا ما قام أحد النابهين بتحسينات أو تعديلات جزئية داخل الإطار التقليدي في مجال الصناعة، بغية زيادة إنتاج الآلة القائمة أو تحسين أدائها أو جودة منتجها؛ فلا يمكن بحال اعتبار ما أتى به اختراعا، بل هو مجرد تحسين أداء...
فإذا ما طبقنا هذا على الفنون الأدبية، وجب ألا نطلق على الكتابة داخل إطار فن أدبي تقليدي عملا إبداعيا، ذلك لأن تلك الكتابة تلتزم بإطار محدد سبق وجوده، ومعايير و ضوابط وضعها غيره، بل و سبق أن كتب داخل هذا الإطار الآلاف بل ربما الملايين من الكتاب...
قد يستنكر البعض فيسأل: ماذا لو أن الكاتب أتى بأفكار غير مسبوقة مصاغة و فق ضوابط تقليدية؛ فكيف تنزع عنها صفة الإبداع؟
للإجابة أعود لما أنجزه الماهر في مصنعه من تطبيق لأفكاره غير المسبوقة التي تؤدي لتحسين منتج آلته التقليدية، فلا يُعد ما فعله إبداعا، إلا إذا أبدع هو آلة جديدة بقواعد و أسس غير مسبوقة تجاوز الإطار التقليدي...
فالإبداع لا يكون في تطوير المنتج ذاته مهما بلغت براعته (رجاء مراجعة ما كُُتب عن التناص)، و لكنه يكون في الآلة التي أتاحت إنتاجه وفق ضوابط و شروط وضعها المبدع.
أخيرا و ليس آخرا:
إذا كان الاستسلام لمألوف الأوصاف التي ترسخت عبر الزمن، هو أمر ضد الفكر المبدع ذاته؛ أفلا يستحق الأمر قليلا من التأمل لإبداع وصف جديد نصف به كتابات الأدباء غير كلمة (إبداع)؟!.
أهالي شمال غزة يُشيعون جثمان الشهيد مجدي غباين
25 سبتمبر 2023