"صبرا وشاتيلا" ثلاث أيام شربت الأرض فيها الدماء حتى ارتوت

1573287329-4826-9.jpg
حجم الخط

بقلم وليد العوض

 

 

 اليوم السادس عشر من ايلول قبل اربعين عاماً ومع ساعات غروب يوم الخميس وعلى امتداد ثلاثة أيام  طوال وطوال جداً ، وقعت مذبحة العصر -مجزرة صبرا وشاتيلا- مقدماتها مؤلمة وقائعها اكثر ايلاماً أما احداثها الدامية فما مازلت منقوشة على جدار القلب تسكن ثنايا الضلوع محفورة في ملفات الذاكرة تستحضر الدمع المتحجر في المُقل كما تستحضر لحظات الغضب المتطاير كاللهب  ، يومها قبل اربعين عاماً كانت دبابات العدو  الاسرائيلي  التي اقتحمت بيروت بعد رحيل الصورة ،، تصب حكم قذائف مدافعها وصواريخها على بيوت المخيمين المتهالكة ، القناصون  المتمركزون على اسطح العمارات الغاليه في دوار السفارة الكويتية، الازيز الخافت من كواتم الصوت في ساعات المجزرة الاولى يحصد الرؤوس دون ضجيج وبلطات المجرمين سواطيرهم وخناجرهم تبقر البطون  تحت وابل من قذائف الانارة التي غطى بها جيش الاحتلال سماء المخيمين، زجاجات الخمر  المتناثرة على طاولات القتلة قرب ملجأ ال مقداد في منطقة الحرش ،،  الجنازير والحبال التي التفت على عجل حول مجموعات اطلق الرصاص على رؤوسهم دون رحمة  ،وجثث الشهداء تختلط مع إطارات السيارات على مدخل المخيم قرب حاجز اجنادين،، وصرخات الاطفال وانين الجرحى على حافة الموت قبل ان تحلق ارواحهم لتصل عنان السماء ،

رؤوس الاطفال واطرافهم المقطوعة وملقاة في برك من الدم خلف دكان الدوخي ، والفتيات بعمر الورود المقتولات بوحشية وسادية العصر،  وأكوام

الشهداء الذي قضوا يتكومون في خنادق طويلة وطويلة بطول الألم وعميقة بعمق الحزن وتراب ينهال على عجل لطمس معالم الجريمة في مقبرة جماعية ، بين هذا وذاك شباب لم تتجاوز اعمارهم  العشرينات واعدادهم العشرات  استبسلوا  عن جد عن جد حتى نفذ الرصاص قاتلوا بشجاعة حتى لا تكون المجزرة أفضع وأوسع ، كلها مشاهد ما زالت حاضرة  تسكن اعماق الذاكرة وسويداء القلب لن تمسحها السنين الطوال ، فكيف يمكن للمرء ان ينسى لحظات موته وحياته في آن ،

لمثل الذكرى لا يمكن الغفران  ولا يمكن النسيان  أيضاً ... فهناك هناك كنت شاباً وهناك بين الازقة رحل احبة واصدقاء شجعان . لن أنسى تلك اللحظات المحفورة في ذاكرتي ما حبيت انها ثلاث أيام قاسية وصعبة ومُرة أيضاً،  فيها شربت الارض الدماء حتى ارتوت  فقد كان  الماء بالدم مخلوطا كما الخبر بالدم مغموساً.