الواقع الجديد في شمال الضفة وتعليمات إطلاق النار

غيورا آيلند.jpeg
حجم الخط

بقلم: غيورا آيلند

 



ثمة استنتاجات ثلاثة في أعقاب الحدث القاسي الذي قتل فيه الرائد بار بيلح، وعلى خلفية التصعيد العام في «يهودا» و»السامرة».
الاستنتاج الأول يتعلق بتعليمات فتح النار. قبل أسبوع دافع الناطقون الإسرائيليون عن أنفسهم أمام مسؤولين أميركيين كبار ادعوا في أعقاب موت الصحافية، شيرين أبو عاقلة، أن تلك التعليمات متساهلة جداً.
أما الآن، بعد الحدث الأخير، فقد انطلق انتقاد داخل إسرائيل على أنها تعليمات متشددة جداً.
أما الحقيقة فهي بسيطة: في ظروف أحداث عملياتية تقع في محيط مأهول، يمكن للجندي أن يرتكب واحداً من خطأين متعاكسين: أن يطلق النار، فيتبين بأثر رجعي أنه أصيب شخص غير مشارك؛ وخطأ فتاك لا يقل عن ذلك هو أن يمتنع عن إطلاق النار فتكون النتيجة مأساوية أكثر.
المشكلة ليست السياسة أو التعليمات من فوق. تعليمات فتح النار في حملة مبادر إليها هي جزء من بند «الطريقة»، وهي تتقرر من القائد الذي يقر العملية (قائد الكتيبة في هذه الحالة). فالقائد يقرر التعليمات وفقاً لصورة الوضع كما يقرأها، ومن شأنه هو وحتى آخر جندي أن يرتكبا واحداً من الخطأين المتعاكسين.
الأمر الثاني، ينفذ الجيش الإسرائيلي في جبهة جنين أعمالاً عديدة لاعتقال مشبوهين بـ «الإرهاب».
يدور الحديث عن نجاح كبير، وليس فقط بسبب عدد «المخربين» الذين اعتقلوا أو قتلوا، بل أيضاً بسبب قلة مبهرة سواء بالمصابين من صفوفنا أم بالمصابين من المدنيين غير المشاركين.
لو كانوا يصادقون للقوات على تنفيذ إطلاق نار مكثف بلا تمييز وقتل مئات المدنيين الفلسطينيين لكنا منذ زمن بعيد في مواجهة واسعة في كل «يهودا» و»السامرة».
يتغير الواقع في شمال «السامرة» في الأشهر الأربعة الأخيرة، لذا يجب القيام بفحص متجدد للسياسة، بما في ذلك فرض الإغلاق على قرى معينة، لكن من المفضل في موضوع مثل تعليمات فتح النار أن يكون عنصراً في سياسة عامة وليس موضوعاً يتأرجح من هنا إلى هناك.
الاستنتاج الثالث، هو التمييز بين الجبهات. عندما تنفذ عملية اعتقال داخل مخيم لاجئين، في جنين أو في نابلس، من الحيوي إنهاء العملية بوقت قصير لأن المحيط معاد.
كل دقيقة ينضم إلى النار مسلحون آخرون يأتون من بعيد، ويكون احتمال التورط كبيراً. بالمقابل فإن الحدث، فجر أول من أمس، وقع في منطقة مفتوحة وقريبة جداً من الجدار الأمني.
في مثل هذا المحيط يجب اتخاذ نهج مختلف. في العام 1992، قبل اتفاقات أوسلو، عندما كانت للجيش الإسرائيلي سيطرة عسكرية مطلقة في المدن الفلسطينية، نفذت في الخليل عملية «وعاء ضغط».
حاصرت قوة للجيش الإسرائيلي بيتاً كان فيه «مخربان» على مدى يومين إلى أن صفاهما بوساطة دبابات، جرافات، ونار من بعيد.
في مؤتمر مع رئيس الأركان، إيهود باراك، بعد بضعة أشهر من ذلك كان هناك ضباط ادعوا أنه من العار أن يتجند «كل الجيش الإسرائيلي الكبير» على مدى يومين كي يقتل «مخربين» اثنين فقط. فرد باراك على النحو الآتي: بالفعل هناك أوضاع يكون فيها من الواجب العمل بسرعة وبالقوة المتوفرة فقط، لكن توجد أوضاع أخرى، مثل هذه الحالة في الخليل، وعندها ثمة أمران مهمان فقط: القبض على العدو أو قتله، ومنع كل خطر على قواتنا.
الحكمة هي أن نعرف كيف نميز بين الوضعين، وأن نتصرف بموجب ذلك.  يربي الجيش الإسرائيلي مقاتليه على «السعي إلى الاشتباك»، وخير أن هكذا.
لا شك بأن هذه القيمة تحققت بكاملها في الحديث الأخير، من مستوى قائد الكتيبة، عبر الرائد بيلح الراحل وحتى آخر المقاتلين، وعلى هذا يستحق تقديراً هائلاً.
ولكن مثلما شرح سقراط قبل 2400 سنة فإن الشجاعة هي ميزة مناسبة جداً ولا يزال من الصواب النظر متى وكيف تطبق هذه القيمة.

عن «يديعوت»