ماذا تريد دولة الاحتلال من السلطة؟

تنزيل (14).jpg
حجم الخط

بقلم صادق الشافعي

 

 

 

المقاومة الفلسطينية تفرض حضورها وفعلها بشكل متواصل على واقع الاحتلال وقواته العسكرية والأمنية. يحصل ذلك بشكل عام وبأشكال مختلفة في جميع أراضي الوطن المحتل. ولكنه يتركز في الأشهر الأخيرة بشكل خاص في شمال الضفة الغربية، وفي منطقتي جنين ونابلس بالذات.
ويتميز هذا الحضور بطابعه العسكري وبقوة فعله وتأثيره وبدرجة فعاليته وحجم الخسائر التي يوقعها في قوات الاحتلال.
(يعترف جهاز الشاباك بدولة الاحتلال بأن «الهجمات على جنودنا ارتفعت الى 30% مقارنة بالعام الماضي).
كما يتميز حضور المقاومة هذا بأنه يزداد انتشاراً وفاعلية وتأثيراً. ويتميز ايضا بأنه لا يقتصر على تنظيم فلسطيني مقاوم واحد بل يشارك فيه أكثر من تنظيم وكذلك عمليات فردية قد لا تكون بقرار تنظيمي كما توضح البيانات والتصريحات والتسريبات المعلنة والقادمة من أكثر من مصدر.
وبالتوازي، فان تأثر دولة الاحتلال من هذا الحضور المقاوم وفاعليته، وزيادة ونوعية الخسائر التي يلحقها بها، وتسارع ازدياده حجماً وعمقاً، كل ذلك يزيد من شدة وعمق تأثرها به.
ويزيد من شدة ونوعية التأثر كونه يحصل ويتصاعد أيضا ودولة الاحتلال على بُعد أيام معدودة من انتخابات تشريعية حامية الوطيس، خصوصاً وان واحداً من عناوين هذه الانتخابات وسمة من سماتها الأساسية هو تسابق القوى المتنافسة فيها على مستوى ودرجة تصلبها في كل الأمور التي تتعلق بدوام واستمرار وتوسع احتلالها واستيطانها للأرض الفلسطينية، وزيادة قمعها لأهل الأرض وأصحابها الفلسطينيين.
دولة الاحتلال، كما هي طبيعتها العدوانية والقمعية والتوسعية لا تملك سوى القوة المفرطة نهجاً وأسلوباً وتطبيقاً في التصدي والتعامل مع قوى الشعب الفلسطيني وحضوره المقاوم الموصوف، وهي لا تقصر في ذلك أبداً بل هي تفرط وتتوسع فيه، ويشهد على ذلك عدد الشهداء والجرحى والمعتقلين الفلسطينيين المتصاعد باستمرار. ( دولة الاحتلال أعلنت عن 607 حالة اعتقال في شهر آب فقط).
ولكنها بالإضافة الى كل ذلك وبالتوازي معه، فإنها تلجأ الى مناورة مكشوفة تماما بإعلان دعوتها ومطالبتها السلطة الوطنية الفلسطينية الى القيام بما تدعي انه مسؤوليتها في الحفاظ على استتباب الأمن في المناطق التي تقع نظريا فقط ـ وبعيدا جدا عن الواقع المعاش - تحت ولايتها. وبما يعني ان تقوم هي أي السلطة الوطنية الفلسطينية بالتصدي وربما الاشتباك مع مقاومي ومناضلي القوى والتنظيمات والجمهور الفلسطيني المقاوم تحت عنوان الحفاظ على الأمن في أي منطقة ينشطون فيها وذلك تحت خديعة الادعاء انها صاحبة الولاية على تلك المناطق.
وهي – دولة الاحتلال وأجهزتها- اول من يعلم يقينا زيف هذا الادعاء كونها هي من سلب السلطة الفلسطينية بقوة الامر الواقع أي محتوى قيادي حقيقي، واول من جردها - بالقوة- من كل حقوقها الولائية، ومن إمكانية القيام بكامل واجباتها الطبيعية في المناطق التي هي تحت ولايتها حسب الاتفاق المسبق بين الطرفين.
وهي- دولة الاحتلال - من يطلق الاستيطان ويحرره من كل وأي قيد وشرط، فينطلق يقضم بنهم من الأراضي الفلسطينية ويقيم عليها مستوطناته بشهية لا تشبع، وطموحات لا تعرف الحدود، ولا التوقف. ووصل الامر بدولة الاحتلال في تضييقها على السلطة الوطنية الفلسطينية وسلطاتها وحقوقها الى التضييق المالي بحجز جزء هام من حقوقها ومواردها المالية التي يعطي اتفاق باريس لدولة الاحتلال مسؤولية تحصيلها وتوريدها للسلطة. وهو ما يعمق الأزمة المالية للسلطة، ويضعف من قدرتها على القيام بمسؤولياتها.
أن كل سياسات دولة الاحتلال ومسلكيتها الرافضة والمانعة للتوصل الى حلول واقعية لحالة الصراع القائمة، على الأقل بالمنظور الذي يراه ويتبناه المجتمع الدولي بشكل عام.
 فدولة الاحتلال - بتوافق كل قواها السياسية والمجتمعية تقريبا - ترفض لجهة المبدأ فكرة ومقترح حق الفلسطينيين في قيام دولة مستقلة وذات سيادة لهم على ارض وطنهم كما يتبناها معظم المجتمع الدولي.
وبالمقابل فإنها تتمسك في ممارستها اليومية بسياسة الاستيطان والتوسع والقمع. وتدعو السلطة ان تكون شريكا في هذه السياسات.
وبعد، أليس من السخرية أو السريالية أن تطلب دولة محتلة من سلطة من تقوم باحتلاله أن تكون أداتها أو تنوب عنها – او تشاركها على الأقل- في التصدي لأهل الوطن ولقواهم الذين يقاومون احتلالها؟