بقلم : د. بكر أبوبكر
كانت شديدة الألم لأنها واجهت مجموعة من وحوش التواصل الاجتماعي، إذ بدلا من أن يناقشوها ويحاوروها أخذوا يطعنون بالموضوع وشخص المادة المطروحة وصولا لناقل الخبر (أي هي رغم صداقة العمر بينهما) في عقلية الإسقاط والربط بين الموضوع وناقله
إذ ألقى هؤلاء حجارتهم في وجهها لأنها عبّرت عن حبها للرئيس الخالد ياسر عرفات وأشارت لمآثره، ولما وصل بهم الأمر لشيطنته وشيطنتها كان قرارها رغم صداقة العمر أن حجبتهم من حسابها على التواصل لاجتماعي وأرسلت لي تستشير فقلت:
بارك الله بك أختي الكريمة، هناك نوعيات من الاشخاص عديدة جدا لا سيما وان تعريفات الشخصية فاقت السبعين تعريفا فما بالك بالتصنيفات الكثيرة لأنماطها أو أنواعها، ولكن دعيني اتخذ مسارا سهلا فمن الشخصيات هناك: 1-المنطقية العقلانية 2-العاطفية الخيالية الانفعالية ،ومنها "الشخصية الثالثة" وهي 3-المغلقة العقل المقولبة ذات الحُكم المسبق.
امكانية التغيير في كل الناس محال، المتاح ان يتقاطع المرء مع الناس المنطقيين الذين يزنون كلماتهم ويتعاملون مع المواقف بمنطق الايجابي والسلبي.
لا تقديس لشخص حتى الرسول صلى الله عليه وسلم فهو انسان غير مقدس، والصحابة رضوان الله عليهم يخطئون ويصيبون، ولكن هناك "الفئة الثالثة" من الشخصيات التي ليس امامها إلا تقديس الفكرة او الموقف او الشخص أو شيطنة الفكرة أو الموقف او الشخص بمعنى ان العقل القطعي الاوحدي لا يرى امكانية تعدد الصواب ابدا ولا يرى امكانية تجاور الحق والباطل في نفس المساحة (يقول الله تعالى عن النفس الانسانية:ألهمها فجورها وتقواها) والجهاد يكون هنا في هذه المساحة.
والغلو=المغالاة في التاريخ ما زالت آثاره حتى اليوم فترين من يقدس حكايات بالتاريخ لم تصح ويقدس اشخاص منزها اياهم عن اي عيب او متهما اشخاصا نافيا عنهم اي ايجابية ولك في غلاة السنة وغلاة الشيعة المثل الكبير.
واستنادا لما سبق فان من تعاملت معهم من الحالات المغلقة العقل التي لا ينفع الحوار معها والتي قال فيهم الامام الشافعي (ما جادلت عالما إلا غلبته وما جادلت جاهلا إلا غلبني) وفيهم بيت الشعر لكل داء دواء يستطب به//إلا الحماقة أعيت من يداويها.
هم ممن قال الله تعالى بهم ما معناه انها لا تعمى العيون والأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور ﴿46﴾-الحج)وقال ما معناه لهم اذان لا يسمعون بها وعيون لا يرون بها وقلوب لا يفقهون بها (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ( 179 )-الأعراف).
وفي آيات القرآن الكريم سيل متصل في ذلك لمن في قلوبهم "وقرا" او قلوبهم "غلف" الذين لم يكفوا عن السخرية والاستهزاء وتحقير الرسول صلى الله عليه وسلم ما يعني ان هذه الفئة العمياء القلوب=العقول من الناس متوفرة بكثرة وفي هذه الايام تحفل منصات التواصل الاجتماعي بهم....
فلا تأبهي بهم فمن وثق بالله سبحانه وتعالى، وبطلبه منا جميعا ان نتفكر ونتأمل ونعقل ونتبيّن لا يهتم لهؤلاء ولا يهتم لمن يجعلون رقابهم بين ايدي هؤلاء فهم من قال بهم الرسول الكريم انهم "الامّعات" جمع امعة الذين يسيئون او يحسنون كما يريد الناس يميلون حسب اتجاه الريح.
لك ان تقرأي عن صلاح الدين الأيوبي كمثال الأعاجيب سلبا وايجابا ولك ان تقرأي نفس المثال عن السلطان العثماني عبدالحميد الثاني كنماذج فمنهم من يجعل كل منهما قديسا ومنهم من يجعله شيطانا وفي الحالتين خروج عن الحقيقة وهكذا عن معظم مشاهير التاريخ
اضف لذلك ان الكثير من امتنا لأنهم اصبحوا خارج التاريخ لم يعودوا يؤمنوا الا بنظرية المؤامرة التي أقعدتهم عن العمل بانتظار الفرج ممثلا بالمنتظر من الله دون عمل.
ياسر عرفات كُتبت فيه مئات الكتب وأدق تفاصيل حياته منشورة بكل اللغات وان لم يكن ابوه المدفون في خانيونس- فلسطين شاهدا فهل تشهد له امه ام زوجة ابوه المصرية واخوته ام من جايلوه من زملائه أوتلاميذه الكُثر، اما عن حياته كما هي حياة غيره فيها صعود وهبوط وايجابيات وسلبيات مثل جميع البشر
الحقد الاعمى اضافة لما سبق يعمي العيون والجهالة تورث الحقد والعقل المغلق لا يرى بغيره إلا الشرور والمنتكس عاطفيا من شخص لا يراه إلا أفعى والمعبأ فكرانيا (=ايديولوجيا) بالشر يقتل مباشرة وهؤلاء على قلتهم من الواضح انك صادفتيهم
ان تعمل حظر=block لهم فهذا قرار ليس خاطئا ابدا فأنت وأنا وكل منا يجب ان يعيش في جو يحبه ويحترم عقله وليس في جو ارهاب وتشاتم واتهامات
لن نحمل الضغينة والحقد والكره لأحد لان المحبة والإنسانية تجمعنا ولان مساحة الحوار المفتوحة بيننا تفترض الاحترام المتبادل واحترام العقل وعدم التعدي عليه وتفترض ان نعترف ببعضنا البعض وتفترض ان تتجاور افكارنا بمودة ونتقبل اختلافاتنا دون فظاظة (وَلَوْ كُنتَ فَظاًّ غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ- 159 ال عمران ) كما يقول الله جل وعلى عن نبينا الكريم
أنت بتأثرك الشديد فيما حصل تثبتين انك انسان محترم سوي يرفض الاساءة ويرفض اغتصاب العقل ويرفض الأكاذيب ولا يتلاقي مع النوع الثالث من الشخصيات ابدا
استمري على منهجك الذاتي الشجاع ولا تدخلي قلعتك من يسمم الماء فيها ابدا فمفاتيح قلبك وعقلك بيديك والله معنا