عادت العلاقات بين حركة حماس والجمهورية السورية بعد سنوات من القطيعة، على اثر مساندة الحركة للقوات السورية المعارضة للحكومة وعلى رأسها الجيش الحر، حيث استضاف قبل 11 عاما رئيس حركة حماس إسماعيل هنية أشخاص من المعارضة في مكتبه بغزة، وفع آنذاك علم الجيش الحر.
وعلى شكل اعتذار رسمي، أعربت حركة حماس عن تقديرها للجمهورية العربية السورية قيادةً وشعباً، لدورها في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، متطلّعةً إلى أن تستعيد سوريا دورها ومكانتها في الأمّتَين العربية والإسلامية، مبديةً دعمها لكلّ الجهود المخلصة من أجل استقرار وسلامة سوريا، وازدهارها وتقدّمها.
ونشرت حركة حماس، الخميس الماضي، بيان صحفي عبر وسائل الاعلام بعنوان أمّة واحدة في مواجهة الاحتلال والعدوان، حيث أكدت مُضيّها في بناء وتطوير علاقات راسخة مع الجمهورية العربية السورية، في إطار قرارها باستئناف علاقتها مع سوريا الشقيقة، خدمةً لأمّتنا وقضاياها العادلة، وفي القلْب منها قضية فلسطين، ولا سيّما في ظلّ التطوّرات الإقليمية والدولية المتسارعة التي تحيط بقضيتنا وأمّتنا، مُجدّدةً تمسّكها باستراتيجيتها الثابتة، وحرصها على تطوير وتعزيز علاقاتها مع أمّتها ومحيطها العربي والإسلامي، وكلّ الداعمين لقضيتنا ومقاومتنا.
ودانت الحركة بشدّة، القصف الإسرائيلي المتكرّر على سوريا، وخاصة قصف مطارَيْ دمشق وحلب أخيراً، مؤكدةً وقوفنا إلى جانب سوريا في مواجهة هذا العدوان على حد تعبير البيان.
وقال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله إن بيان حماس حول سوريا موقف سليم وخطوة صحيحة ومهمة جداً ويجب أن تتوحد كل قوى المقاومة ويتجذر محورها، مشددا على أن البيان الأخيرحولإعادةترتيبوتعزيزالعلاقاتمعسورياموقفمتقدمجداًونحترمهذاالخيار.
وذكر نصر الله "سوريا قيادةوشعباًستبقىالسندالحقيقيللشعبالفلسطينيوهيتتحملالتضحياتمنأجله، أولويةفلسطينوقضيتهاوالمواجهةمعالعدو هي التي ستحكم كل المواقف كما جاء في بيان حماس"..
وعلى ما يبدو فإن قرار العودة إلى الحضن السوري لم يكن بالأمر السهل على قيادة الحركة، حيث اندلعت خلافات بسبب هذا القرار، فقد شجع هذا القرار عدد من قيادات الحركة وعلى رأسهم خالد مشعل وموسى أبو مرزوق ومحمود الزهار إضافة للقيادات التي لها علاقة سابقة بسوريا وحزب الله كمحمد نزال وأسامة حمدان.
وقالت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، إن عودة العلاقات بين حماس وسوريا، جاءت بعد مباحثات عدّة انطلقت بعد معركة "سيف القدس" بين حماس والقيادة السورية، برعاية من الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله، حيث تمّ كسر الجمود كخطوة أولى، بينما وصل العمل في الفترة الأخيرة إلى مرحلة بناء الثقة تمهيداً لاستعادة العلاقة بشكل أكبر وأوسع.
وتبادَل مسؤولو حماس والمسؤولون السوريون، خلال لقاءات دورية جمعتْهم، ملاحظات حول فترة القطيعة وما سبقها، والملفّات التي تجب معالجتها بشكل جدّي لإنهاء الخلاف، مع إبداء ملاحظات حول كيفية تجاوُز المسبّبات الخارجية والداخلية التي أعاقت التطبيع سابقاً.
وهاجم المذيع الشهير فيصل القاسم مقدم برنامج الاتجاه المعاكس بقناة الجزيرة حركة حماس، وقال بإمكانك ان تتاجر بالمقاومة وتضحك على الناس لبعض الوقت بأنك مقاوم، لكنك لا تستطيع ان تخدع الناس كل الوقت، وسيكتشفون في لحظة ما بأنك مجرد مقاول.
وأضاف في تغريدة أخرى، صدق من قال: من تاجر بالقضية الفلسطينية فضحته القضية السورية. مواصلا اذا لم تكن قادراً على الدفاع عن قضاياك ومقاومة الاعداء بنفسك وبجهودك وادواتك، فمن العيب ان تصبح مقاولاً في ايدي تجار القضايا والسماسرة والنخاسين.
أما المحلل السياسي أحمد عدوان فرأى أن قرار حماس جاء بضغط إيراني كبير، نظرا لأن الأخيرة هددت قيادة الحركة بتجميد الدعم المالي والعسكري في حال لم يتم الاعتذار لسوريا عن أخطا حماس بحقها، بل تم تهديد الحركة بتجميد أصولها في طهران.
ويشير إلى أن خطاب نصر الله الأخير يوضح أن حماس ظلت طوال الأعوام الماضية تحاول كسر الجمود وإصلاح العلاقة مع سوريا، وهذا الأمر انتهى بالفعل لقبول بشار الأسد عودة العلاقات، موضحا أن العلاقات لن تعود كما كانت قبل الأزمة السورية، خاصة وأن دمشق لن تنسى كيف قامت حماس بخداعها بعد سنوات من العلاقات الجيدة واستضافة سوريا لقيادة حماس وحمايتهم في دمشق.
وعن قضية السنة والشيعة وموقف حماس القادم من ذلك، قال المحلل السياسي عبد الله عزيز ان حماس كانت تقع بين نارين النار الأولى العلاقة مع محور المقاومة الذي تقوده ايران والنار الأخرى هي نار الاخوان المسلمين ولكن في النهاية حماس اختارت الدعم الأول رغم أنها ولدت من صلب الاخوان وهذا الامر سيؤثر سلبا في الوقت اللاحق بين التنظيم الدولي للجماعة والمكتب السياسي لحماس.
وذكر أن المعضلة الأهم هو ما قاله احد قادة حماس يوما ما له عن تفضيله العلاقة مع ايران والشيعة اكثر من العلاقة مع جماعة السنة وتحديدا الاخوان المسلمين، بدعوى ان الأخيرة لم تقدم أي دعم عسكري لغزة طوال تاريخها واكتفت ببيانات الشجب والادانة، إضافة لعدم تقديم أي دعم مالي خلال حكم حركة حماس لقطاع غزة، على عكس محور ايران.
بدوره، اعتبر المحلل السياسي خالد صفوان ان المعضلة الحقيقية التي ستواجه قيادة حماس في الفترة القادمة هو عدم تقبل عناصر وقيادات من الحركة العودة الى الحضن السوري، وهو ما قد يكلف حماس انشقاقات جديدة لوجود بعض الاعتبارات لدى هؤلاء.
وأشار إلى أن الكثير من العناصر الحمساوية يرون أن بشار الأسد قاتل وديكتاتور وسفاح، وكانوا طوال الفترة الماضية يشجعون المعارضة السورية والجيش الحر، بل وغنوا وأنشدوا لها، فكيف سيتقبل هؤلاء الوضع الجديد ويتناسون ما كانوا يعتبرونها جرائم بحق الإنسانية لحكومة الدكتور بشار الأسد.