هل لأنها تريد فرض الأخلاقيات الدينية على المجتمع؟
اذا كانت الاجابة نعم فهذا يتأتى ليس بامتلاك السلطة بل يتمكين السلطة القائمة بتمكين نفسها اقتصاديا وسياسيا وحضاريا لتصبح الدولة قوية وإلا اذا لم تتمكن السلطة أي الدولة من تعزيز قوتها فلن تستطيع جماعة الاخوان أيضا وهي في السلطة من فرض الثقافة الاسلامية لأن الدين والثقافة والاخلاقيات لا تقوم بالقوة والفرض بل بتعزيز ثقة الجمهور بحياة كريمة وعادلة أولا، وبقدرة على صد العدوان الخارجي ثانيا، وثالثا باحترام حرية المواطن وليس قمعه وإذلاله وفقره والتمييز بين المواطنين وخاصة إذا طرحت نفسها كمسؤولة وممثلة للشعب وهذا يحتاج علم ادارة واقتصاد وذكاء سياسي وعلوم متقدمة توازي العلوم التي وصلتها الإنسانية من اكتشافات علمية وبالتالي هي وغيرها أيا كان لونه أو معتقده.
السياسي والفكري يأخذ بالأسباب التي يطرحها العلم الحديث لسد احتياجات الناس والعدل ببنهم ولذلك مهما فعلت الجماعات الاسلامية لتقلد السلطة سيتلاشى مع احتياجات الناس والبلد من رخاء وامتلاك القوة العسكرية والعلوم في الاقتصاد والصناعة والتجارة وقبلها العدل وليس العكس ..
ابني مجتمع القوة والعلم والإنسانية والحرية و العدالة الأجتماعية يأتيك بعدها ما تريد، أما أن تشغل وقتك وتضيع جهدك لإجبار الناس على لبس الحجاب والالتزام الديني وأخلاقه فلن تبني مجتمعا اسلاميا قبل أن يكون الإنسان حرا كريما غير مظلوم اجتماعيا.
في فلسطين لدينا احتلال فالهدف الوحيد هو الخلاص من الاحتلال أولا وليس فرض الافكار التي يتبناها أي حزب التي تصطدم بالأفكار الاخرى للجماعات والاحزاب الاخرى والدليل عندما كانت عمليات حماس موجهة للإحتلال تصاعدت شعبيتها وعندما جنحت للسلطة والتضييق على المجتمع بفرض فكرها بالقوة تراجعت شعبيتها، أي بمعنى، قاتل كما يقاتل الاخرين محتفظين بفكرهم لما بعد التحرير وإلا ستجد معارضات شتى من داخل المجتمع، فعندما تدخل في معارضة مع ثقافات ومصالح متعددة للمجتمع تصبح مرعبا للناس ولا يرغبونك مهما فعلت مع الاحتلال لأن الناس يحبون بوصلتك الموجهة للاحتلال الآن وليس لتغيير ثقافتهم رغم أن من انضم أو ينضم للثقافة الاسلامية هم ليسوا كل الشعب، بل أنت كإسلامي تريد فرض مشروعك على المجتمع بالقوة قبل التحرير والحرية والاستقلال ولذلك سيعارض آخرين ذلك وسيتصدى لك الكثيرون رغم قوتك . حماس جلبت انتصارا في الانتخابات لأنها قاتلت المحتل حينها ولم تكن في السلطة ولم ترعب المجتمع باخطائها وعنفها لكن عندما استولت على السلطة بالقوة المسلحة وبدات تنفذ تعاليمها وثقافتها قصرا ولم تقتصر تلك الثقافة على العبادات كالصلاة والصوم ولبس الحجاب بل تعدت ذلك إلى شق المعاملات فكان التمييز بين المواطنين في المساعدات وفرص العمل والقمع أي الظلم الاجتماعي بعينه بالاستيلاء على المقدرات والوظائف وشاركت ونازعت الناس في أرزاقهم ولم تقتصر على مشاركتهم بل احتكرت واستثمرت في مقدرات البلد لصالحهم كحزب وتمييز لعناصرها ومؤيديها كمثال عندما تعسر التجار سجنتهم بدل أن تعالج السبب الحقيقي وهو احتكار عناصرها للسوق والدورة الاقتصادية، وكمثال آخر عندما عالجت قضايا تأخر أو امتناع الجمهور المزمن عن مستحقات البلديات والكهرباء المزمن نتيجة الحصار والبطالة وهي مشكلة استراتيجية تحتاج حلول كبرى سجنتهم وتركتهم للمحاكم دون تغطية ذلك كمسؤولة عن حياتهم العصيبة أو تأجيل تلك المعضلات لحلول استراتيجية بعد المصالحة، فجاء الصدام مع العامة وتحولوا لمناهضة ذلك وحدثت تغيرات نفسية مجتمعية ضد حماس ولذلك كل الاستطلاعات تشير إلى تراجع أو تدني شعبيتها في الشارع وخسارتها في غزة في أي انتخابات عامة قادمة مقارنة بالضفة الغربية التي لم تمارس حماس سلطتها فيها ولم يجربها أهل الصفة الغربية ولذلك تشير الاستطلاعات إلى ارتفاع شعبيتها هناك على حساب من هم في السلطة في رام الله، أي أن مؤشر ارتفاع الشعبية لأي حزب هو مواجهة الاحتلال الآن وليس امتلاك السلطة التي تؤدي لخسارة أي حزب بكل تأكيد.