أثارت الأنباء الواردة من وسائل الاعلام الاسرائيلية ردود فعل غاضبة من اليمين حول نية رئيس الوزراء الاسرائيلي يائير لبيد الاعلان في خطابه اليوم الخميس في الأمم المتحدة دعمه لحلّ الدولتين.
وتأييده لاقامة دولة فلسطينية، جاءت ردود الفعل من شركاؤه اليمينيين في الحكومة من بينهم، جدعون ساعر وابليت شاكيد. ورئيس الحكومة السابق نفتالي بينيت، إضافة إلى ردود صدرت من حزب الليكود،
وقال ساعر، إن إقامة دولة (إرهابية) في الضفة الغربية سيعرض أمن إسرائيل للخطر ، غالبية الشعب في اسرائيل، وممثليهم لن يسمحوا بحدوث ذلك.
أما شاكيد فقالت: رئيس وزراء الحكومة الانتقالية لا يملك شرعية لربط إسرائيل بتصريحات من شأنها إلحاق الضرر بالدولة، لبيد يمثل نفسه فقط وليس الحكومة، أي دولة فلسطينية تشكل خطرًا على دولة اسرائيل.
ووفقا لتصريح صادر عن الليكود: لبيد يريد إقامة دولة فلسطينية على حدود كفار سابا ونتانيا وتسليم الوطن لأعدائنا.
وردا على تلك التصريحات ذكر المحلل السياسي في اذاعة الجيش ينير كوزين، أنه في المرة الأخيرة (التي يمكنني تذكرها) أن مصطلح "دولتين" قيل على مسرح الأمم المتحدة من قبل رئيس وزراء إسرائيل، حدث ذلك في عام 2016 من قبل نتنياهو بالطبع: قال "ما زلت ملتزمًا برؤية سلام تستند إلى دولتين، ومفاوضات جاهز لبدء تحقيق ذلك اليوم. ليس الغد. ليس الأسبوع المقبل اليوم، ودعوة ابو مازن للتحدث في الكنيست .
وأضاف كوزين أن نتنياهو قال في الأمم المتحدة في عام 2016: "أعلم أن العديد منكم قد تخلوا عن السلام. لكني أريدكم أن تعرفوا أنني لم أتخلى عن السلام. ما زلت ملتزمًا برؤية سلام تقوم على دولتين لشعبين. أعتقد، كما لم أصدق من قبل، أن التغييرات التي تحدث في العالم العربي اليوم تحمل في داخلها فرصة فريدة لتعزيز السلام".
وجاء رد رئيس الوزراء السابق نغتالي بينيت في تغريده نشرها على حسابه على تويتر، قال فيها: المسار الذي سلكته كرئيس للوزراء، عدم الخلاف مع العالم كله دون داع، ولكن أيضًا عدم الانصياع دون داع. لا مكان أو منطق لإعادة تعميم فكرة الدولة الفلسطينية.
والحكمة عليك أن تقول الأشياء كما هي، لا مكان لدولة أخرى بين البحر والأردن. ليس هناك احتمال ولا أي احتمال لتحرك سياسي مع الفلسطينيين.
لذلك، يجب أن تبقى الشعارات الفارغة مثل "دولتين"، هي بدعة كانت في التسعينيات، وهي إلى جانب العديد من البدع الأخرى التي ماتت.
واضاف، عقدنا مع السلطة الفلسطينية، التنسيق الأمني وفعلنا كل ما في وسعنا لتحسين الظروف المعيشية للسكان: المعابر وتصاريح العمل ومشاريع البنية التحتية. لكن كرئيس للوزراء أوضحت بكل الطرق أن المفاوضات السياسية ليست على جدول الأعمال.
لم أفكر قط في مقابلة أبو مازن، خشية ظهور توقعات غير واقعية قد تؤدي إلى خيبة أمل ورد فعل عنيف، كما حدث في الماضي.
العام 2022 ليس هو العام 1993، حتى الأصدقاء الحقيقيون لدولة إسرائيل لا يتوقعون منا المساومة على أمننا ومستقبلنا، لا يوجد سبب للتطوع لذلك.
وذكر أحد المحللين الإسرائيليين، إن احتجاجات الوزراء اليمينيين في الحكومة ضد خطاب لبيد المتوقع والمخطط لإحياء رؤية الدولتين كان الهدف منه وخز ضمائرهم وهي عملياً بلا معنى. لسبب بسيط، سيمضي الخطاب كما هو مخطط له لتحقيق انجازات سياسية في المعركة الانتخابية، واختار لبيد ان يذكر ذلك في الأمم المتحدة.
كما فعل نتنياهو اثناء توليه الحكومة الانتقالية واستحضار انجازه في عقد الاتفاقيات الابراهيمية والتطبيع مع الدول العربية، وتمنى أن تساعده في الانتخابات، ولبيد يعتقد الشيء نفسه.
وقال محلل آخر، نتنياهو أيضا تحدث في عام 2009. عن حل الدولتين، ولبيد نفسه قال عن حل الدولتين، كل ما علينا فعله هو الانتظار حتى عام 2035 ومعرفة ما إذا كان قد تم إحراز تقدم. لبيد اختار الأمم المتحدة وقام بتفجير محكم.
الكاتب انطون شلحت نشر مقال أمس الاربعاء بعنوان: "إسرائيل لا تريد السلام مع الفلسطينيين"، وقال: "لا تشكل اللغة السياسية في إسرائيل معينًا على فهم المجريات الحقيقية التي تحدث فيها، بل على العكس تطمس دلالاتٍ كثيرة، وتخفي، وتشوّه، بالأساس حين يدور الحديث حول كلمات ومصطلحات على غرار السلام والحرب. وتتعدّد الحُجج لإثبات عدم رغبة إسرائيل في السلام". وان الخطاب وما يتم القيام بموازاته من ممارسات فعلية في مركز تحليله على نحوٍ تنجم عنه تعرية جوهره".
وأن الوعي الإسرائيلي حيال السلام جرى العمل على بنائه مثل الخطاب، بغية جعله وعيًا ذرائعيًا وليس حقيقيًا. وفي هذا المجال، يُناط دور كبير باللغة.
ويضيف، ان الأهداف التي تسعى إسرائيل لتحقيقها، ليس ثمة فرق بين رئيس الحكومة الحالي يائير لبيد ووزير دفاعه، بني غانتس، وبين بنيامين نتنياهو وحتى بتسلئيل سموتريتش من "الصهيونية الدينية".
بالطبع سيأخذ العالم ومنهم العرب وبعض الفلسطينيين خطاب لبيد على محمل الحد ويعتبرونه خطوة لمسار سياسي جديد.
لكن في الحقيقة هو خطاب بأتي في سياق الخطاب الاسرائيلي المراد ترسيخه في الوعي العالمي الدعائي، وبدون الايمان به، وصعوبة تحقيقه، لعدم ايمان أي من المكونات الاسرائيلية سواء الحكومة أو المعارضة بالاعتراف بحقوق الفلسطينيين، بل والتنكر لها.