غاضب ومحبط

تحليل: هل يردع خطاب الرئيس عباس أمام الأمم المتحدة الاحتلال الإسرائيلي؟

خطاب الرئيس عباس أمام الأمم المتحدة
حجم الخط

رام الله - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

حرِص الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في خطابه السنوي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، كعادته على تعريه الاحتلال الإسرائيلي أمام المجتمع الدولي؛ باعتباره آخر احتلال استعماري إحلالي على وجه الأرض، يُمارس سياسيات الفصل العنصري والاستيطان والقتل والتدمير بحق الشعب الفلسطيني الأعزل.

الرواية الفلسطينية للقضية كانت حاضرة، في خطاب الرئيس عباس، يوم أمس الجمعة، بتحميل بريطانيا و"إسرائيل" مسؤولية احتلال فلسطين، حيث طالب كلاً من بريطانيا وأميركا وإسرائيل، بالاعتراف بمسؤوليتها عن الجرم الكبير الذي ارتُكِبَ بحق شعبنا والاعتذار وجبر الضرر، وتقديم التعويضات للشعب الفلسطيني التي يُقرها القانون الدولي.

وفي انتقاد لعجز الهيئة الدولية عن تنفيذ أي من قراراتها بشأن فلسطين، قال الرئيس: "إنَّ ثقتنا بتحقيق سلام قائم على العدل آخذة بالتراجع بسبب السياسات الاحتلالية الإسرائيلية".

وأضاف الرئيس: "إنَّ الأمم المتحدة بهيئاتها المختلفة أصدرت مئات القرارات الخاصة بفلسطين، ولم يُنفذ قرار واحد منها، 754 قراراً من الجمعية العامة، و97 قراراً من مجلس الأمن، و96 قراراً من مجلس حقوق الإنسان"، مُشيراً إلى أنَّ "إسرائيل" التي تتنكّر لقرارات الشرعية الدولية قررت أنّ لا تكون شريكاً في عملية السلام.

وأكمل: "إنّنا لا نقبل أنّ نبقى الطرف الوحيد الذي يلتزم باتفاقات وقعناها مع إسرائيل عام 1993، وهي اتفاقات لم تعد قائمة على أرض الواقع، بسبب خرق إسرائيل المستمر لها".

وتابع: وبذلك فقد أصبح من حقنا، بل لزاماً علينا، أنّ نبحث عن وسائل أخرى للحصول على حقوقنا، وتحقيق السلام القائم على العدل، بما في ذلك تنفيذ القرارات التي اتخذتها هيئاتنا القيادية الفلسطينية، وعلى رأسها المجلس المركزي الفلسطيني.

واستدرك: "إذا استمرت محاولات عرقلة مساعينا لنيل العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، وحماية الشعب الفلسطيني وحقوقه ودولته، وتبني خطوات عملية لإنهاء الاحتلال وتحقيق السلام، يُصبح لزاماً علينا التوجه إلى الجمعية العامة مرةً أخرى لاستفتائها على ما يجب تبنيه من إجراءات قانونية وخطوات سياسية، للوصول إلى تلك الغاية".

خطاب محبط وغاضب

بدوره، رأى الباحث والمحلل السياسي  جهاد حرب، أنَّ خطاب الرئيس محمود عباس، فيه العديد من القضايا الجوهرية التي تتعلق بالقضية الفلسطينية، كما يسرد الرواية الفلسطينية والحقوق الفلسطينية؛ لكِنه أيضاً خطاب محبط وغاضب على ما آلت إليه الأوضاع السياسية من تنكر المجتمع الدولي للقضية الفلسطينية وعدم جديتها في تقديم أيّ حلول لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي أو الضغط على "إسرائيل" للسير قدمًا في عملية سياسية جدية تُنهي الاحتلال.

وقال حرب، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ خطاب الرئيس عباس، محبط من الإجراءات الإسرائيلية التي قتلت خيار "حل الدولتين" الذي يؤمن به الرئيس محمود عباس من خلال المفاوضات والعملية السياسية".

وبالحديث عن القيمة السياسية لخطاب الرئيس عباس، في الأمم المتحدة، أوضح أنَّ "القيمة السياسية للخطاب تتمثل في سرد الرواية الفلسطينية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، مُستدركاً: "لكِن القدرة على التغيير لا تتعلق بمضمون الخطاب، وإنّما في طبيعة العلاقات الدولية أو طبيعة مكونات العلاقات الدولية القائمة على مبدأي القوة والمصالح وكلاهما غير متوفران للفلسطينيين في عملية المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي أو فرض أمر واقع على المستوى الدولي".

أما عن دلالات إعلان "إسرائيل" توسيع عملية "كاسر الأمواج" بعد خطاب الرئيس في الأمم المتحدة، قال حرب: "إنَّ إسرائيل ماضية في سياسياتها الاحتلالية المتعلقة بقمع الفلسطينيين وتدمير ما تبقى من آمال لخيار حل الدولتين".

خطاب غير قادر على ردع الاحتلال

من جهته، اعتقد الكاتب والمحلل السياسي، عمر عساف، أنَّ "خطاب الرئيس محمود عباس، أمام الأمم المتحدة، بمثابة عرض حال وشكوى واستجداء"، مُضيفاً: "لم يرتقي الخطاب إلى مستوى التحديات التي تُواجه شعبنا، ولم يستجب لتطلعات المواطنين".

وقال عساف، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ خطاب الرئيس يُشبه تماماً من يقلب ساعة الرمل"، لافتاً إلى أنَّ الرئيس عباس، أعطى قبل عام مهلة  لإنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وإلا سيسحب الاعتراف بدولة الاحتلال، لكِن المهلة انتهت بمزيد من الإجراءات الإسرائيلية من قتل والقمع لأبناء شعبنا، ما يعني أنّه لم يكن لدى الرئيس مصداقية في الخطاب الذي ألقاه قبل عام، وبالتالي خطاب الأمس لم يرتق للرد على الجرائم "الإسرائيلية".

وبشأن إعلان إسرائيل توسيع عملياتها العسكرية "كاسر الأمواج" بعد خطاب الرئيس عباس، في الأمم المتحدة، رأى عساف، أنَّه دلالة على نية "إسرائيل" ارتكاب مزيد من القتل والقمع والاستباحة للأراضي الفلسطينية، خاصةً أنَّ خطاب الرئيس كان يستجدي أمر واحد وهو المفاوضات.

وأشار إلى أنَّ تعبيرات خطاب الرئيس عباس لا تليق بتضحيات شعبنا ومستويات حقوقه؛ مُعتقداً أنَّ خطاب الاستجداء لن يردع الإسرائيليين ولا يُجدي أيّ نتائج في المنطق الدولي، خاصةً أنَّه كان يؤكد المضي في ذات النهج والسياسة.

"حل الدولتين".. ذر للرماد في العيون

وعن احتمالية تحريك العملية السياسية بين السلطة ودولة الاحتلال بعد إعلان يائير لابيد، وجو بايدن، تبني خيار "حل الدولتين" على منصة الأمم المتحدة، استبعد عساف، أنّ يؤدي تبني "لابيد- بايدن" خيار حل الدولتين لانطلاق العملية السياسية مع الفلسطينيين من جديد.

وأوضح أنَّ ما جاء في خطاب لابيد على منصة الأمم المتحدة، بمثابة رسالة انتخابية للحصول على أصوات بعض العرب وبعض من يُسمون أنفسهم بـ"اليسار الإسرائيلي"؛ لكسب هذه الأصوات في المعركة الانتخابية، في حين أنَّ سلوك لابيد وغيره هو توسيع الاستيطان ومزيد من الاجتياحات.

واختتم عساف حديثه، بالقول: "إنَّ لابيد ملتزم بتوسيع الاستيطان والاجتياحات، وأيّ حديث عن حل الدولتين، ما هو  إلا ذر الرماد في العيون"، مُشيراً إلى أنَّ بايدن حينما تحدث قبل شهرين عن حل الدولتين، ردَّ بايدن بأنَّ مطالب أبو مازن بحاجة إلى المسيح ليقوم بتحقيقها.