أكّد أنه لا يعارض "قانون القومية" بل الصياغة

لابيد: اتفاق السلام مع الفلسطينيين يجب أن ينتظر إلى الجيل القادم

حجم الخط

بقلم: يونتان ليس

 اليوم أنا في الوسط، وتعلمتُ أن أحترم اليسار ..
- ننشغل بمنع شخص خطير ومخيف يهدد الديمقراطية الإسرائيلية


من فوق منصة الأمم المتحدة عرض يائير لابيد، الخميس الماضي، رؤيته المتفائلة لإنهاء النزاع. فقد أعلن تأييده لحل الدولتين، وهو المفهوم الذي اعتبر مستبعداً تقريباً في ظل ولاية سلفه في مكتب رئيس الحكومة في السنوات الأخيرة.
في مقابلة مع "هآرتس" قبل الخطاب دعا لابيد إلى الدفع قدماً بعملية سياسية، لكنه ظهر متحفظاً بخصوص القدرة على تطبيقها في المستقبل المنظور.
"السؤال الكبير هو ما هو وضع السلطة الفلسطينية كي تتحدث معنا عن دولة، في الوقت الذي لا يقومون فيه بالخطوات المطلوبة لبناء دولة"، قال لابيد.
وألقى المسؤولية على الرئيس محمود عباس. "أتفهم الصعوبات، لكن عندما أقيمت دولة إسرائيل كانت لدينا منظومة صحة عامة، وقطارات، وجهود مشتركة إيجابية. أنت تشاهد القليل جداً من هذه الجهود في السلطة الفلسطينية.
"حتى الأشخاص الذين يؤمنون بالانفصال عن الفلسطينيين لا يمكنهم أن يغمضوا عيونهم عن الفساد، وعن حقيقة أنهم يمتنعون بذرائع كثيرة عن الذهاب إلى الانتخابات منذ العام 2006 (منذ فوز "حماس" في الانتخابات في قطاع غزة في تلك السنة، ويتهم الفلسطينيون إسرائيل بمنع التصويت الحر في أراضي الضفة الغربية – الكاتب يونتان ليس).
منذ ذلك الحين لا تتحمل أجهزة السلطة الأمنية المسؤولية في كل مكان. جزء من ذلك هو أن السلطة لم تنجح في إقناع المجتمع الفلسطيني بإلحاحية الانفصال لدولتين، لأنها لا تبدو كمن توجد لها رؤية حقيقية حول كيف يجب أن تكون هذه الدولة؟".

تحقيق السلام
عندما سئل هل يمكنه التوصل إلى اتفاق مع عباس، أراد رئيس الحكومة إبراز المحاولات التي راكمها منذ انتقاله في العام 2012 إلى السياسة من كرسي المذيع وكرسي مجري المقابلات وصاحب العمود في الصحف.
"هذا سؤال لا يوجد له جواب فوري. هناك فرضيتان. الأولى هي أن أبو مازن هو آخر شخص يمكن عقد اتفاق معه. والثانية هي أنه هو آخر شخص في جيل غير قادر على التوقيع على اتفاق. لأن هذا الاتفاق مخالف جدا للروح الداخلية، ولهذا يجب أن ينتظر الجيل القادم. وهناك لا أحد يعرف حقا إلى أين سيذهب. عدد الخيارات التي سمعناها هو كعدد تقديرات الاستخبارات التي عملت فيها في العقد الأخير، وهي كثيرة جدا.
"في العام 2014 (وزيراً للمالية، يونتان ليس) كنت في طاقم المفاوضات السياسية، حول ما يسمى "خطة كيرى". هناك ذهبنا أبعد بكثير مما اعتقدنا. من الممتع جدا أن نتنياهو يدور منذ سنوات ويأمل أن ينسوا ما الذي وافق عليه في حينه. بعد ذلك سافر أبو مازن إلى البيت الأبيض، وجلس أمام أوباما وقال: لا يوجد ما يتحدث عنه. هذا لن يحدث. وأتذكر أنني قلت: ربما ليس لديه ذلك".
في تموز، بعد بضعة أيام على استبداله نفتالي بينيت تحدث لابيد مع محمود عباس. كانت هذه المكالمة الهاتفية الأولى بين رئيس حكومة إسرائيلية وبين الرئيس الفلسطيني منذ العام 2017. "قمت بتهنئته بالعيد. وعندما سمعته وهو يتحدث في ألمانيا عن خمسين كارثة ندمت قليلا على فعل ذلك. أغضبني هذا جدا. هذا أمر لا يغتفر. ولكن في نهاية المطاف مصلحة دولة إسرائيل مهمة بالنسبة لي وليس مشاعري.
"لا أفكر بمفاهيم "يوجد شريك أو لا يوجد شريك"، بل ما هو الجيد لدولة إسرائيل. لذا نسعى إلى اتفاق، والانفصال عن الفلسطينيين طالما أنه يحافظ على أمننا. توجد هنا كراهية عميقة على خلفية دينية، حيث منظمات إرهابية قوية وشعبية جدا. أنت لا تصل إلى وضع سينتهي فيه كل شيء بالتوقيع على الورق، ربما الأحفاد أو أولاد الأحفاد سيتوصلون إلى إنهاء النزاع. هذا لا يعني أنه يجب عدم الانفصال، فقط يجب فعل ذلك بحذر".

جنين ونابلس
- عشية رأس السنة وفي ظل التصعيد في الضفة، هل نحن على شفا عملية عسكرية في جنين أو في نابلس؟
"نبذل جهوداً كي لا يحدث ذلك. ولكني لا أستبعد هذا الخيار ولا أرفضه. هذا جهد معقد جدا، ومتعلق أيضا بالعمل أمام الأجهزة والوقوف السليم على خط التماس والعمل في هاتين المدينتين. جزء من جهدنا هو عدم إشعال الأماكن الأخرى. يجب عليك العمل".
سنة 2022 هي سنة الذروة في عدد القتلى الفلسطينيين في المواجهات مع إسرائيل في الضفة منذ العام 2015. حتى يوم السبت، قتل 85 مواطنا ومسلحا. "هذا عدد كبير جدا"، اعترف لابيد. "هذا يوجد له تأثير على كل ما يحدث. لا تذهب دولة إسرائيل وتقوم بالبحث عن أشخاص من أجل قتلهم. أغلبيتهم الساحقة قتلوا خلال نشاطات إرهابية. يجب أن تكون الجهود في تعزيز الساحة وتهدئتها. نريد، قبل أي شيء، اجتياز الأعياد ومنع خلق دائرة سلبية لا تتدخل فيها السلطة والدخول إلى فراغ يضعفها أكثر ويجبرها على زيادة حضورنا. يوجد الآن نشاط مكثف جداً لمنع ذلك".
- هل توجد لـ "الشاباك" والجيش الإسرائيلي مسؤولية عن هذا التدهور؟
"المسؤولية هي في هذه الغرفة وعلى هذه الطاولة. وفي حقيقة أننا منذ سنوات كثيرة دون عملية سياسية. هذا يؤثر للأسوأ. الميل الطبيعي هو البحث عن مذنبين والبحث عنهم لدينا. أنا قبل أي شيء آخر اعتقد بأن المذنب هو الفلسطيني الذي يقوم بإطلاق النار على جنود الجيش أو على المواطنين الإسرائيليين. السؤال هو ليس من هو المذنب، بل كيف نحل ذلك".


انتخابات الكنيست
إلى جانب محاولات اللدغ حول تنازلاته السياسية يحاول لابيد أن لا يذكر الاسم الصريح لرئيس المعارضة. ورغم ذلك، يحلق بنيامين نتنياهو فوقه، ويلقي الظل على الشخص الذي يجلس الآن في المكتب الذي كان فيه 12 سنة متواصلة. استطلاعات الانتخابات الأخيرة، التي نشرت في موازاة إلقاء خطابه في الأمم المتحدة، منحت نتنياهو ومؤيديه 60 مقعدا. وفي بعضها تجاوز نسبة الـ 61. الكتلة التي يريد لابيد أن يترأسها تسير بثبات بعيداً عن ذلك، ويصعب رسم سيناريو يؤدي إلى أداء اليمين مرة أخرى رئيسا لحكومة إسرائيل. إذا كانت لدى لابيد أوراق فهو يحتفظ بها عميقا في كمه.
"هناك عدد لا يحصى من السيناريوهات"، أجاب رئيس حزب "يوجد مستقبل" على تشكيلة ائتلافه القادم أو الاستراتيجية التي تؤدي إلى ذلك، "سيكون من الصعب إقناعي، في هذه الغرفة، بأننا لن نستطيع تشكيل حكومة. الحقيقة عرفناها في ظروف كانت بالنسبة لي أسوأ من الآن. في المرة السابقة عندما قالوا لنا إنه لن ينجح أي أحد في تشكيل حكومة قلنا "هذا غير صحيح. ربما هذه ليست الحكومة التي تفكرون بها، لكنها ستكون". وخلافا لذلك لا توجد لدي أي إجابة حول "كيف". لأنه لا توجد لدي النتائج الحقيقية".
انتخابات سادسة إذا وصلت إليها المنظومة السياسية فستبقيه رئيسا للحكومة الانتقالية على الأقل حتى الصيف القادم. ولكن بصورة علنية يقول إنه لا يسعى إلى ذلك، وإنه لن يتمسك بالكرسي من أجل منع نتنياهو أو بني غانتس من تشكيل الحكومة. "سأفعل كل ما في استطاعتي لتشكيل حكومة. انتخابات خامسة هذا سيئ، وانتخابات سادسة أيضاً هذا سيئ. هذا ليس الهدف".
لابيد، الذي ترشح في حملته الانتخابية الأولى للكنيست تحت شعار "أين الأموال"، هو الأموال الآن. للمرة الأولى في تاريخ حزبه هو لا يأتي من المعارضة، ولا يستطيع أن يقترح أي تغيير ويهاجم ويدير النضالات التي رسخت حزب "يوجد مستقبل". هذا المنصب، مع أفضلياته، يفرض عليه أيضا الاعتدال.

- هل الرسمية تقتلك؟
"لا أعرف. أعرف هذه النظرية ولكني لا أؤمن بها. أعتقد أن هذا يتساوق مع بنيتي الشخصية، لكنه أيضا الأمر الصحيح من ناحية سياسية. فاليوم توجد موجة عالمية من العودة إلى رجال وسط معتدلين – ميكرون وشولتس وبايدن – يعرفون أن التصالح لا يعتبر تنازلاً، بل هو الطريق لإدارة الدول وإدارة الحياة. أنا جزء من ذلك، وحزب يوجد مستقبل كان جزءا من ذلك منذ يومه الأول. بالنسبة لي هذه حملة ناجعة جدا ترد على حاجة عميقة جدا، في إسرائيل وفي أماكن أخرى. في هذه الأثناء يسير هذا عندنا بشكل لا بأس به.
"من جهة، نفعل ما يفعله حزب سلطة في فترة انتخابات – يقول الحزب "إنني سأحصل على مقاعد وسأقوم بتشكيل حكومة واستمر في العمل. ولكننا أيضا ننشغل في منع شخص خطير ومخيف بعدة معانٍ، يهدد بتغيير الديمقراطية الإسرائيلية أو يتنازل عن جزء حقيقي في جوهر الدولة الديمقراطي. من هذه الناحية هذه انتخابات مصيرية".
لابيد، مثل أحزاب الكتلة الأخرى، عاد وحذر من تداعيات عودة الليكود المحتملة للحكم. ولكن في الوقت الذي نظم فيه نتنياهو كتلته بشكل مثالي فإن لابيد يجب عليه أن يخاف من سقوط أربعة أحزاب تحت نسبة الحسم، أيضا المعسكر الرسمي لا يرتفع ("لقد خفنا من أن غادي آيزنكوت سيؤثر أكثر على الأرقام ولكن هذا لا يحدث"). هو لم ينجح في فرض الوحدة بين "العمل" و"ميرتس"، ولم يبذل أي جهد علني لمنع الانقسام في القائمة المشتركة، في ليلة تقديم القوائم.
انفصال "بلد" عن "حداش" و"تاعل" يمكن أن يكون اللحظة التي ستحسم جولة الانتخابات، قفزة سياسية تأخذ معها إلى الأسفل كتلة لا ترغب بـ "بلد"، و"بلد" لا تريدها. اتهم رئيس "بلد"، سامي أبو شحادة، في المقابل لابيد وأيمن عودة وأحمد الطيبي بحياكة مؤامرة لتصفية حزبه.
"أنا لم أكن مشاركا في ذلك"، أكد لابيد. "إذا كنت أعرف الأمور بشكل صحيح فهذا حدث في اللحظة الأخيرة في لجنة الانتخابات. ومن السابق لأوانه قول كيف سيؤثر ذلك، للأفضل أو للأسوأ. أعتقد أن تنافسا مستقلا لحزبي العمل وميرتس يعتبر مخاطرة يجب تجنبها. آمل أن يخيب أملي. في هذه الأثناء تبدو الأمور على ما يرام".
- هل خشيت من أن الضغط على الأحزاب العربية سيساعد "الليكود"؟
"أنا أتولى رئاسة حكومة يوجد فيها وزير مسلم ووزير درزي، وحزب مسلم عضو في الائتلاف. نعمل في الكنيست مع القائمة المشتركة مثل كل حكومات إسرائيل على مر أجيالها. و"بلد" كانت هامشية جدا هناك من ناحية الأداء اليومي".
- هل تطلب من الأحزاب العربية التوصية بك لتشكيل الحكومة؟ هل تريدها في الائتلاف؟
"إذا أرادوا التوصية فسأكون مسروراً. لن تجلس القائمة المشتركة في الحكومة لأنها لا تريد أن تكون في الحكومة".
- هل تحاول إيقاظ الجمهور العربي؟ أن تقوم بدعوته للتصويت؟
"أعتقد أنهم يرون هذا، وبحق، شيئا متعاليا. يقولون لهم "اذهبوا للتصويت فهذا مهم للديمقراطية الإسرائيلية". الأمر الصحيح هو القول "انظروا كيف يؤثر هذا على حياتكم للأفضل".
أتحدث مع الجمهور العربي وأحاول الشرح له بأنه يذهب للتصويت من أجل حياته اليومية. توجد لهذا ترجمة عملية جداً لحياة كل مواطن عربي في إسرائيل".
وضع أيمن عودة أربعة شروط علنية كي تقوم "حداش" و"تاعل" بالتوصية بلابيد: إلغاء قانون القومية، وقانون كمنتس، وبلورة خطة لمكافحة الجريمة في المجتمع العربي، واستئناف المفاوضات السياسية.
"لم يكن وضع الشروط في أي وقت فكرة جيدة. لأنه بعد ذلك يأتي العالم الحقيقي. لن أجيب عن كل طلب يطرحه أي حزب في فترة الانتخابات".
مع ذلك، قانون القومية مستعد بالوعد بمحاولة تغييره. في الحكومة السابقة، التي على معظم أعضائها ينوي لابيد تأسيس ائتلاف مستقبلي، فرضت كتلة اليمين الفيتو على أي مبادرة كهذه. "لستُ ضد قانون القومية، بل ضد القانون كما كتب"، قال. "لقد دخلت إليه أمور ما كان يجب أن تكون فيه. هذا إهانة صارخة حيث لا يقول القانون إن هناك مساواة مدنية. سأفعل كل ما في استطاعتي للتأكيد على أن هذه المساواة ستصبح جزءا من قوانين الدولة".
وأضاف: "عندما قرر المؤسسون أن إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية عرفوا أن هناك تصادما بين القيم. لم يعتقدوا أن هذا سيتساوق جيدا. لقد اعتقدوا، وأنا لا أريد أن أفكر بأنهم أخطؤوا، أنه توجد لدينا اليقظة من أجل الانشغال بالتوازن اليومي – القانوني، القضائي والبيروقراطي – ومنذ ذلك الحين كانت هناك قوى حاولت التأثير بهذا الاتجاه أو ذاك. أنا من المدرسة التي تقول إننا يجب أن ننهض في كل صباح من جديد وأن ندير ذلك. الدول، أكثر من أي شيء آخر، هي صراع تتم إدارته.
- هل تتأثر من الانتقاد في العالم؟
"أحاول إجراء حوار معهم. ليس كل من ينتقدنا هو لاسامي، أو ضد إسرائيل. هناك ما يكفي من اللاساميين. دولة إسرائيل ليست ضد منظمات حقوق الإنسان، لو كنا ضد هذه المنظمات في الضفة لكنا سنغلقها جميعها. في المقابل، هناك أشخاص يستخدمون هذه المنظمات من أجل تحويل الأموال للإرهاب. لا أحد منا يؤيد الإرهاب. أفترض أن هذا هو رأي مشروع".

عن "هآرتس"