قائمة الأعداء

201958134341122636929198211223735-1565767256.jpg
حجم الخط

بقلم غسان زقطان

 

 

 

في خطاب الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة نقاط كثيرة للتوقف أمامها، من موضوعة الأسرى إلى مقابر الأرقام وتغطية جرائم الاحتلال من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا خصوصا، وطلب الحماية الدولية...، ولكن مطالبة بريطانيا وأميركا بالاعتذار للشعب الفلسطيني - الحقيقة أن الاعتذار يجب أن يشمل شعوب المنطقة، والتعويض عن الضرر الذي تسببت به سياساتهما في المنطقة - هي النقطة التي سأتوقف عندها.
الشيخ عز الدين القسام القادم من "جبلة" على الساحل السوري هو الذي وضح الفرق مبكرا، مطلع ثلاثينيات القرن الماضي قبل المحرقة وقبل النكبة، وحدد بدقة التناقض الرئيس في الصراع الفلسطيني والصهيوني، عندما اعتبر أن "أصل الداء" هو بريطانيا، وأن المقاومة يجب أن تضع مواجهة سلطة الانتداب البريطانية على رأس أولوياتها.
كانت مهمة الانتداب تتلخص في تهيئة فلسطين الأرض والشعب لتنفيذ "وعد بلفور"، وعد الإمبراطورية الاستعمارية الأسوأ في التاريخ للحركة الصهيونية الأسوأ في عنصريتها، كان ذلك عبر فتح وتسهيل ممرات الهجرة لليهود، وتسليح العصابات الصهيونية وتسهيل حصولها على السلاح والتدريب من جهة، وتفكيك المجتمع الفلسطيني وهويته الوطنية وتحطيم اقتصاده وتجريده من أدوات المقاومة وتشويه صورته في مخيلة الغرب، من جهة ثانية.
كما لو أنها عودة غير مقصودة للفكرة الجوهرية حول "أصل الداء".
في الاحتفال في مئوية وعد بلفور وبينما كان أحفاد الرجل يتظاهرون خارج قاعة الاحتفال، ويطالبون باعتذار بريطانيا عن الوعد والمآسي التي تسبب فيها، صرحت رئيسة الوزراء المحافظة "تريزا ماي" أنها فخورة بـ"الوعد" وبدور بريطانيا في تأسيس إسرائيل. بعد أن سقطت السيدة الفخورة ماي، استولى بوريس جونسون على مقعدها، ومن أقواله المأثورة أنه "صهيوني"، وبوريس جونسون أحد المعادين للشعب الفلسطيني وحقوقه، الرجل الذي بدأ حياته السياسية عبر التطوع مع شقيقه في مستوطنة/كيبوتس "كفار هنسي" في الجليل قبل ما يقارب الأربعة عقود، حيث عمل في غسل الأطباق في مطبخ المستوطنة، وقد واصل الاعتزاز بغسل تلك الأطباق حتى نهايات حياته السياسية.
جونسون أحد أكبر أعداء حملة مقاطعة منظومة "الأبارتهيد" في دولة الاحتلال، ومن المدافعين عن هذه المنظومة تحت الشعار الفاسد "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، والذي رفض أن تعتذر بريطانيا عن تسببها في مأساة الشعب الفلسطيني.
بعد أن سقط جونسون، استولت ليزا تراس على مقعده وسربت في أول لقاء مع الرئيس المؤقت لحكومة إسرائيل أنها تدرس نقل سفارة بلادها إلى القدس، أما بايدن فقد اسهب في توضيح صهيونيته ودافع عن أصالتها أمام المتشككين فيها مؤكدا انه ليس من الضروري أن يكون الشخص يهوديا حتى يكون صهيونيا، وعندما بحث لابيد عن صفة جامعة لمديحه خاطبه: "أنت صهيوني قوي".
أظن أنه آن الأوان لوضعهم في قائمة وتصنيفهم كأعداء للشعب الفلسطيني والعدالة ومن ناكري المأساة الفلسطينية، ضمن تصنيف واضح ومعايير محددة.
سيتطلب الأمر بناء مؤسسة بحثية مستقلة ذات مصداقية قانونية وجهودا للتقصي بمعايير مهنية عالية، وشركاء دوليين، وهو أمر يبدو الوقت ملائما للبحث والشروع فيه.