وبعد...انتهت زيارة أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ الى واشنطن، ومن خلال ما صدر عن الأطراف ذات الصلة، البيت الأبيض والخارجية الأمريكية، والشيخ، تأكد بدون أي جهد تفكيري، ان أمريكا لن تمنح الطرف الفلسطيني سوى "وهم مضاف" لعرقلة الفعل المفترض أن يكون.
تصريح الشيخ، يؤكد عدم وجود أي خطوة عملية بما فيها فتح مكتب منظمة التحرير، الخطوة التي كان يعتقد انها ستكون "رشوة" أولية مع قنصلية خاصة في القدس، لم يتم التطرق لها، وغياب أي مؤشر حول وضع منظمة التحرير ومسألة "الإرهاب"، ورواتب الأسرى والشهداء، مكتفيا بكلمات خالية من التحديد السياسي، واللجوء الى غموض اللغة التأجيلية التي يتقنها "يهود أمريكا" في الإدارة.
ولكن، الأكثر سوءا، ما ورد في بياني البيت الأبيض والخارجية الأمريكية، التي أشارت الى "حل دولتين" بفرض تغييرات حدودية مسبقة على ما كان قبل 1967، رشوة سياسية أمريكية للكيان العنصري، تتضمن موضوعيا ضم وتشريع لبعض الاستيطان.
ولكن الأخطر فيما أشارت له التصريحات الأمريكية، التركيز على ضرورة وقف "الغضب الشعبي والمسلح" في الضفة الغربية، وصل الى وصفها بأعمال "إرهابية"، ما يكشف أن جوهر الاهتمام الأمريكي ليس سوى حماية الأمن الإسرائيلي، وفتح جبهة "صراع داخلي فلسطيني -فلسطيني"، وبالمجان.
وكي لا نبقى في "دائرة اللوم السياسي"، والتي لا تنتهي أبدا، بل لن تنجب خيرا وطنيا، آن أوان الكف عن البقاء في "حلقة انتظار وهم أمريكا"، وتقديمها ما يمكن أن يفرح الفلسطيني بالحد الأدنى للفرح، ولم يعد بعد تلك الزيارة، وبياني البيت الأبيض والخارجية، ما يمكن قوله بأن "أفق العلاقة السياسية" مع واشنطن محكوم، بوقف أي خطوة فلسطينية لتنفيذ المشروع الوطني، وأن تفتح جبهة "صراع داخلي - داخلي"، مقدمة لفوضى شاملة، تستخدمها دولة الكيان وحكومته في فرض التهويد من جهة، وتأكيد غياب "الشريك الفلسطيني".
أمريكا، عمليا في بيانيها تحاول خدمة "التحالف القائم" في دولة الكيان انتخابيا، بما تريده من "الرسمية الفلسطينية" دون أي مقابل سياسي سوى "الوعود" التي تقدم منذ 1948، عبر كل إدارتها، رغم كل ما قدمته قيادة الشعب الفلسطيني وممثله الشرعي والوحيد، بما فيه توقيع "اتفاق إعلان المبادئ"، المعروف إعلاميا باتفاق أوسلو، لم تتقدم أمريكا بخطوة عملية لفرض حل متوازن، يضع حدا للصراع وينتج سلاما مستقرا.
وبعد، لم يعد هناك مجال للرهان على ما يمكن أن يأتي من أمريكا، وبالتالي من دولة الكيان، وكي لا يقال فات القطار، وجب الذهاب مباشرة الى تنفيذ عناصر خطاب الرئيس محمود عباس فورا، وبلا تردد او "مياعة سياسية"، مآلها فتح كل الاحتمالات التخريبية على المشروع الوطني، في ظل ما تم كشفه من قبل حكومة الفاشية في تل أبيب، عن "صفقة تاريخية" مع "البديل" المنتظر.
ومع أول لقاء لتنفيذية التحرير(الغائب كثيرا عن الحضور الوطني)، وجب الذهاب الى تنفيذ خطوات محددة منها:
* مرسوم رئاسي يتضمن تحديد موعد إجراء الانتخابات العامة لدولة فلسطين، كدائرة واحدة وفق التمثيل النسبي الكامل، مع تعديل تشكيل لجنة الانتخابات ومهامها.
*اعتبار المجلس المركزي مع تعديلات نسبية على تركيبه، البرلمان المؤقت لدولة فلسطين الى حين إحراء الانتخابات العامة، له صلاحيات الرقابة والتشريع.
*تشكيل حكومة دولة فلسطين فورا.
*العمل على احياء لجنة صياغة دستور دولة فلسطين.
*إعادة النظر بشكل شمولي في شكل العلاقة بين دولة فلسطين ودولة الكيان، بما يشمل وقف التنسيق الأمني بشكله ومضمونه القائم.
*الى جانب ذلك، ودون تأخير في تنفيذ ما سبق، يكلف المجلس المركزي الاتصال بالقوى المختلفة، لوضع آلية عمل مشتركة لخدمة تجسيد دولة فلسطين.
*العمل على ترميم اللجنة التنفيذية بعودة الجبهة الشعبية، وتعزيز دورها باعتبارها "خلية العمل الأولى" الى حين الانتهاء من الانتخابات العامة.
*قرار رئاسي بإلغاء كل الإجراءات بوقف رواتب العاملين الحكوميين بغير حق.
خطوات ليست نهائية، ولكنها تمثل حركة انطلاقية لمستقبل مختلف عما هو قائم.
على الرسمية الفلسطينية أن تدرك "أن الوهم الأمريكي" انتهى!
ملاحظة: عندما تنتقم دول تعتبر حالها "حضارية" من روسيا بإزالة تماثيل لينين، أبرز زعماء التاريخ الثوريين، فكرا وسياسة وممارسة فذلك يكشف ان "الظلامية" مخزونة في الجين الغربي...فنلندا نموذجا.
تنويه خاص: كان مثيرا ان تمنع قناة فضائية حمساوية بث برنامج خاص بأبطال "نفق العبور" من سجن جلبوع..يبدو أن الصفقة إياها تشمل كل مناحي الحياة..شكلها "الغيرة الإخوانجية" من فتح والجهاد تصبح أكثر سوادا يا بتوع "المؤامة"!