هل ستُهزم روسيا؟

حجم الخط

بقلم عمرو الشوبكي

 

 

نجحت القوات الأوكرانية في السيطرة على مدينة ليمان الاستراتيجية، بعد انسحاب القوات الروسية منها، والتي أصبحت سيطرتها على إقليم «الدونبسك» منقوصة، خاصة بعد أن أعلنت موسكو ضم الإقليم إلى الاتحاد الروسي، بعد استفتاء مشكوك في صحته لم يعترف به المجتمع الدولي.
وقد نجحت القوات الأوكرانية في تحقيق تقدم عسكري على حساب القوات الروسية في عدد من المدن الأوكرانية، دون أن يؤدى ذلك إلى حدوث تحول جذري في المعارك يمكن معه القول إن أوكرانيا استعادت كل المناطق التي سيطر عليها الجيش الروسي، وتُقدر بخمس الأراضي الأوكرانية.
صحيح أن انسحاب القوات الروسية من مدينة استراتيجية مثل ليمان، التي كانت مركز إمداد للقوات الروسية، قد يُضعف من قدرتها في السيطرة على الأقاليم الأربعة التي ضمتها، وهي: دونيتسك ولوجانسيك وزابوريجيا وخيرسون، ويعيش فيها حالياً حوالى ٤ ملايين نسمة، وتبلغ مساحتها ١٠٠ ألف كيلومتر مربع.
وتختلف التقديرات الخاصة بنسبة المنتمين إلى القومية الروسية في الأقاليم الأربعة، إلا أن المصادر المحايدة والتقديرات المتوافَق عليها، بعيداً عن الدعاية الإعلامية لكل طرف، تشير إلى أن نسبتهم في الأقاليم الثلاثة الأولى تقترب من النصف، في حين أن المتحدثين باللغة الروسية ممن لا ينتمون إلى القومية الروسية يقتربون من الثلثين.
أما إقليم خيرسون فيبلغ عدد الأوكرانيين فيه أكثر من الثلثين، ما يُصعب من قدرة القوات الروسية على استمرار سيطرتها الكاملة على هذه الأقاليم، وخاصة «خيرسون»، في ظل الدعم الكبير الذي يتلقاه الجيش الأوكراني من الغرب.
وقد نجحت القوات الأوكرانية في إخراج القوات الروسية من أكثر من مدينة أوكرانية، بفضل المساعدات الأميركية والأوروبية غير المسبوقة، والتي بلغت 20 حزمة مساعدات، شملت صواريخ دقيقة والمزيد من صواريخ جافلين وأسلحة مضادة للدروع وطائرات استطلاع مُسيَّرة ومدفعية ومُعَدات لإزالة الألغام. كما لعبت الطائرات المُسيَّرة دوراً مهماً في المعارك الدائرة، وخاصة المُسيَّرة التركية «بيرقدار».
يقيناً، معارك الكر والفر والتقدم الروسي الكبير في بداية الحرب، ثم التقدم الأوكراني المهم في الشهر الماضي، ثم إعلان روسيا ضم الأقاليم الأربعة إلى الاتحاد الروسي، وعدم اعتراف المجتمع الدولي بهذا الضم، ستفتح الباب أمام حرب استنزاف حقيقية للقوات الروسية داخل هذه الأقاليم الشرقية الأربعة.
من الواضح أن المعركة لن تُحسم بانتصار مُدوٍّ أو ساحق لأي طرف، إنما ستُحسم بعد استنزاف كبير لكلا الطرفين وضغوط دولية من داخل أوروبا وخارجها لإنهاء الحرب والقبول بتسوية تاريخية تحقق جانباً من مطالب روسيا في الأقاليم الشرقية الأربعة وليس كلها، وتحفظ لأوكرانيا سيادتها وأيضاً حيادها وعدم انضمامها إلى حلف الناتو.
هذا السيناريو يبدو حتى اللحظة بعيداً عن الواقع، في ظل معارك «تكسير العظام»، التي تجرى حالياً، والتي يسعى فيها الغرب لاستنزاف روسيا بغرض كسرها تماماً.