بالتوازي مع التسويق الإعلامي لإجراءات محاكمة الاحتلال لمنفذي عملية حرق عائلة الدوابشة الصيف الماضي، ودعوات حكومة الاحتلال لمكافحة "الإرهاب اليهودي"، تزداد التقارير الإعلامية والمعلومات التي تشير إلى أن حكومة نتنياهو الحالية تموّل جماعات استيطانية وجماعات الإرهاب اليهودي مثل "جباية الثمن"، المسؤولة عن حرق الطفل محمد أبو خضير صيف 2014.
نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، الأحد، أن وزارة المالية الإسرائيلية مسؤولة عن تمويل جمعيات يمين متطرف بحسب تقارير رسمية وصلت لرئيس لجنة "الشفافية" في كنيست الاحتلال، ستاف شفير، وهي معطيات "مقلقة" تكشف الفجوة بين خطاب نتنياهو ضد "الإرهاب" وبين ممارسات حكومته.
ويأتي تقرير الصحيفة العبرية ليضيف مزيداً من المعلومات على تقارير إعلامية سابقة، من إعداد القناة الإسرائيلية العاشرة، التي تحدثت عن تورط وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية، التي يرأسها أوري آريئيل، ووزارة الزراعة ووزارة الرفاه الاجتماعي وسلطة "الخدمة المدنية" ووزارة الداخلية، بتمويل الجماعات الاستيطانية ودفعها لارتكاب أعمال شغب وعنف ضد إخلاء المستوطنات.
وبحسب التقارير، فهذه الجمعيات الاستيطانية التي تم تمويلها بملايين الشواكل عن طريق وزارة الداخلية الإسرائيلية هي لجنة مستوطني "بنيامين" ولجنة مستوطني "السامرة"، اللتان تقومان بتحويل جزء كبير من التمويل إلى جماعات إرهابية مثل "جباية الثمن" و"شباب التلال"، وتنظمان نشاطات ومظاهرات تدعم الاستيطان وتتصدى لأي محاولة لتغيير الأمر الواقع إذا ما صدر قرار محكمة يأمر بإخلاء بؤرة استيطانية ما.
وعليه، يمكن ملاحظة أن المؤسسة الحاكمة ذاتها تشجع أعمال الشغب ضد تطبيق أوامر السلطة القضائية، وهو ما يعكس فجوة داخلية بين سلطات الحكم التشريعي والقضائي، وهو صراع بدأ بالظهور مع تسلم حكومة نتنياهو للحكم في السنوات الأخيرة وانضمام أحزاب اليمين المتطرف للائتلاف الحاكم.
إلى جانب التمويل غير المباشر لجماعات "جباية الثمن" و"شباب التلال"، فبحسب ما رصد "الخليج أونلاين" في وسائل الإعلام العبرية خلال الأشهر الماضية، فإن جمعية يهودية استيطانية متطرفة أخرى تدعى "حنينو"، تتلقى دعماً مالياً من حكومة الاحتلال، وذلك عن طريق تقديم تسهيلات مالية لها وإعفائها من الضرائب، كما تستخدم هذه الجمعية أموالها لتمويل الإرهابيين المتطرفين خلال فترة سجنهم، وتتكفل بعائلاتهم.
ووفقاً لما كشفته القناة الإسرائيلية العاشرة في أغسطس/ آب، العام الماضي، فإن تمويل جمعية "حنينو" للإرهابيين وعائلاتهم وصل عام 2014 إلى مبلغ يفوق مليوني شيكل، وكانت وزارة المالية بحكومة الاحتلال على علم بذلك.
كما قدمت هذه الجمعية دعماً مادياً سخياً للجماعة الإرهابية اليهودية "جباية الثمن"، التي أدين أعضاؤها عدة مرات بتنفيذ عمليات إرهابية ضد الفلسطينيين والمقدسات الدينية، أبرزها حرق الطفل "محمد أبو خضير" في يوليو/تموز 2014.
يذكر أن نشاط هذه الجماعات ضد الفلسطينيين ازداد خلال فترة حكم نتنياهو، ويعود ذلك لتجاهل ممنهج لتأسيس جماعة "جباية الثمن" الإرهابية عام 2010، إذ غضت الجهات الرسمية الطرف عن نشاطها الإرهابي في الضفة الغربية والداخل المحتل؛ فقد نفذت المجموعة أكثر من 700 اعتداء، كان نصفها عام 2014، أما في عام 2015 فقد كانت آخر عملية قبل حرق عائلة الدوابشة في قرية دوما بالضفة الغربية، هي حرق كنيسة تاريخية في مدينة طبريا شمالي فلسطين المحتلة، التي لم تبذل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أي جهد يذكر لملاحقة الفاعلين وتقديم لوائح اتهام ضدهم.