تنطلق اليوم جلسات الحوار الوطني الفلسطيني في العاصمة الجزائرية برعاية كريمة من الرئيس عبد المجيد تبون في جولة ثانية للحوار في محاولة جزائرية مخلصة لانجاز وثيقة مصالحة فلسطينية تنهي الانقسام وتستعيد الوحدة الوطنية الفلسطينية .
كثير من العوامل تدفع الجزائر للقيام بهذه المبادرة قبيل القمة العربية وضمن جهودها الحثيثة لاعادة ترتيب وضع ومكانة الامة العربية واعادة بناء موقف عربي موحد من القضايا الدولية يحمي مصالح الامة العربية ويعيد جمع شمل المتخاصمين ويضع القضية الفلسطينية في مقدمة قضايا الامة من جديد
جلسة اليوم قبل القمة العربية التى تستضيفها الجزائر بعد اسابيع قليلة والتى تاتي في عالم تغير وقابل للتغير اكثر وربما بشكل دراماتيكي خطير يجب علي العرب عموما وعلي الفلسطينيين خصوصا ان يدركوا حجم المتغيرات ومخاطرها والا فان الثمن سيكون فادحا علي الجميع وعلي القضية الفلسطينية تحديدا
جولة الحوار الحالية قد لا تكون الاخيره .
ولكنها قد تشكل مدخلا للمشاركة الشاملة للوصول الي الشراكة الوطنية التى تحمي المشروع الوطني وتعيد بناء النظام السياسي الفلسطيني باكمله علي أسس جديدة نتاج للمعطيات السياسية الذاتية والموضوعية الجديدة فلم تعد اسباب فشل المصالحة من اشتراطات سابقة قابلة للطرح والتقييد فلم تعد الاتفاقات المطلوب احترامها موجودة ولم يعد حتى من اشترطها وهي الرباعية الدولية موجوده ولم تعد المطالبة بتحديد للعلاقة مع اسرائيل موجوده ولم يعد حتى وجود عملية تسوية مبنية علي اسس الماضي قائمة.
كل هذه المتغيرات السياسية اضافة لكثير من المتغيرات الاقليمية والدولية تتيح المجال بشكل اكبر للتقارب السياسي والبرامجي بين الفرقاء الفلسطينيين
ان ادراك حركتى فتح وحماس بشكل خاص ان كل خلاف قابل للحل وان الاختلاف قابل للتعايش معه وان المصلحة الفلسطينية تتطلب مزيد من المراجعة الذاتية النقدية تجعل من الممكن التقدم نحو الامام والمشاركة الجماعية علي طريق شراكة حقيقية تعيد بناء الحركة الوطنية ومؤسساتها بالتوافق علي برنامج الحد الأدنى الممكن وبما لا يتيح الفرصة لاستمرار الانقسام وتحويله الى انفصال
ندرك ان حجم ملفات الخلاف كبيرة وندرك ان هناك من لا يريد للمصالحة ان تتم وندرك ان حجم الازمة البنيوية في النظام السياسي الفلسطيني عظيمة وندرك ان منظومة المستفيدين من استمرار الانقسام كبيرة
ولكن التوافق السياسي هو المدخل الحقيقي لانهاء الانقسام الاجرائي والاداري والمؤسسي.
انا اعادة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني لن يتم دون توافق سياسي وليس عبر ترتيبات اجرائية او شكلية سواء مجلس وطني معين او مجلس تمثيلي فقط او عبر عملية انتخابية شكلية
ان اصلاح المنظمة يتم عبر شراكة حقيقية في الفهم السياسي المشترك والحاجة المصيرية لاستمرار المنظمة بانجازاتها الوطنية وخاصة الاعتراف الدولي والمكانة التمثيلية وترتيب نموذجي قيادي موحد لقيادة النضال الوطني الفلسطيني باكمله وبمختلف اشكاله ويدير قدراته في مواجهة الاحتلال
كما ان اصلاح السلطة الفلسطينية لا يكون بالمحافظة علي شكلها الحالي استمرارا لمرحلة انتقالية ابدية نتيجة اتفاقات انهتها اسرائيل منذ ان تهربت من استحقاق انتهاء المرحلة الانتقالية عام ١٩٩٩ وما تلا ذلك من عدوان مستمر واستيطان جنوني وسياسات فاشية.
ان اصلاح السلطة ياتي ضمن تطويرها كحكومة لدولة تحت الاحتلال ووضع دستورها وترسيم حدودها واجراء انتخابات لرئيسها وبرلمانها وليس مجلس تشريعي اضافي يعني انتخابه استمرار للمجالس السابقة وتفعيل بنية لدولة ديموقراطية موحدة حرة وانتخابات دورية ونزيهة ونظام قضائي مستقل وصحافة حرة دولة تحمي الحريات الخاصة والعامة وتحترم حقوق الانسان والتزاماتها الدستورية .
ان التحديات كبيره والمعيقات متعدده ولكن المخاطر اكبر ونتمني ان تشكل جولة الحوار الحالية مساهمة في التقدم نحو الشراكة الحقيقية حتى ولو بخطوات متدرجة ولكن الاهم ان يكون اعلان الجزائر محطة علي طريق باتجاه واحد نحو المصالحة والشراكة والتحرير.
