جولة جديدة من جولات الحوار الوطني الداخلي الفلسطيني؛ لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، تستضيفها هذه المرة الجزائر الشقيق، في محاولة لممارسة الضغط الإيجابي على أطراف الانقسام حركتي فتح وحماس؛ لإنهاء سنوات الانقسام العجاف الممتدة مُنذ العام 2007 حتى يومنا هذا.
حالة عدم اكتراث من المواطن الفلسطيني
اللافت للانتباه حالة عدم الاكتراث بجولة حوار الجزائر من قبل المواطن الفلسطيني سواء في الضفة أو غزة؛ بسبب انخفاض توقعاته من توفر إرادة حقيقية لدى أطراف الانقسام للاستجابة للمصلحة الوطنية العليا.
بينما غلبت أطراف الانقسام مصالحها الذاتية والفئوية على حساب المصلحة الوطنية العليا، يرى المواطن أنّه استطاع تجاوز الانقسام بالتوحد خلف مقاتلي "كتيبة جنين" و"عرين الأسود" ويستجيب لنداءاتها بإعلان الإضراب العام؛ نصرةً لمخيم شعفاط وعناتا وضاحية السلام؛ ردًا على الحصار المتواصل مُنذ خمسة أيام ضدها؛ بسبب نجاح أحد أبنائها في الفرار بعد تنفيذه عملية فدائية على حاجز مخيم شعفاط.
ما يسبق يطرح تساؤلات حول جدوى وجود أطراف الانقسام في الجزائر في ظل غياب إرادة حقيقية لإنهائه، وإنّ كان الشعب قد تجاوز قياداته بالتوحد ميدانيًا ببدئه عصياناً مدنياً قد يمتد إلى كافة المدن الفلسطينية.
بدوره، استبعد الكاتب المختص في الشأن الفتحاوي، هشام ساق الله، أنّ تُسفر جولة الجزائر عن أيّ نتائج إيجابية، وإنّ حدث فستكون شكلية، كما كل جولات الحوار السابقة بدءًا من العام 2011 وحتى يومنا هذا.
ورأى ساق الله، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، أنَّ الحكومة الجزائرية صادقة في نواياها ودعوتها؛ لكِن الفصائل الفلسطينية غير معنية بتحقيق المصالحة، بدءًا من حركة فتح وحتى آخر جبهات الكسور العشرية الذين تم دعوتهم من ضمن الـ12 فصيلاً للمشاركة في الجلسات"، على حد قوله.
حماس غير جاهزة وفتح تستفرد بالضفة
وأوضح أنّه لا يوجد جولات مصالحة حقيقية، بل تمكين لحركة حماس من حكم قطاع غزّة اوستفراد لحركة فتح في الضفة، مع مشاركة بعض الفصائل لـ"تجميل الصورة"؛ معتبراً أنَّ المصالحة الحقيقية تتمثل في إنهاء الخصومة والتنازل من أجل تحقيق تطلعات شعبنا.
وبيّن أنَّ حركتي حماس وفتح غير جاهزتين لإنهاء الانقسام، لافتاً إلى أنَّ الاحتلال أيضاً والولايات المتحدة والعرب لا يريدون إنهاء الانقسام الفلسطيني، وخير دليل على ذلك حديث أمير قطر مؤخراً مع الرئيس محمود عباس حول الوقع الفلسطيني دون التطرق لملف المصالحة.
وأشار إلى أنّض جولة المصالحة في الجزائر ستكون كسابقتها من الجولات في السعودية وقطر وتركيا وروسيا والقاهرة، مُستدركاً: "طالما أنَّ رموز الانقسام هي من تقود جولات الحوار فلن يُكتب لها النجاح".
حماس ترى فريق أوسلو يفرض شروطه
كما اتفق الكاتب والمحلل السياسي المُقرب من حركة حماس، مصطفى الصواف، مع سابقه باستبعاد نجاح الحوار في الجزائر؛ مُرجعاً ذلك إلى ما وصفه إصرار فريق "أوسلو" على عدم العودة للشعب الفلسطيني، ورغبته في فرض شروط الرباعية الدولية".
وقال الصواف، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ الإجراءات على الأرض تدل على عدم وجود نية لتحقيق المصالحة وفق الرؤية التي يراها الكل الفلسطيني"، مُردفاً: "الرئيس محمود عباس يُريد من القوى والفصائل الفلسطينية، أنّ تأتي إلى مشروعه القائم على أساس الدولتين".
وأردف: "خيار حل الدولتين، كان بمثابة وسيلة لاستغلال الوقت من أجل الوصول إلى المرحلة التي نمر بها الآن، وإلى تحقيق الأهداف التي يريدها شعبنا لقضم الأرض واستحالة إقامة أيّ كيان فلسطيني في ظل وجود المستوطنات والطرق الالتفافية وضم الأراضي في الغور التي تُشكل 60% من مساحة الضفة الغربية والتي باتت في حكم الجزء الذي يعتبره الاحتلال من دولته؛ لذلك حديث الإدارة الأمريكية أيضاً عن إمكانية تطبيق حل الدولتين غير دقيق لأنّه على أرض الواقع بات مستحيلاً".
واعتقد أنَّ "حل الدولتين" لم يعد يُقنع الشعب الفلسطيني سواء بالداخل أو الخارج؛ مُتابعاً: "لذلك إصرار الرئيس على موقفه ربما سيُفجر أيّ محاولة للمصالحة كما حدث في المرات السابقة".
وختم الصواف حديثه، بالقول: "إنَّ الوحدة الأولية لابّد أنّ تكون حول المقاومة التي ستُوحد كل أبناء الشعب الفلسطيني نحو الهدف الذي نتفق عليه وهو إنهاء الاحتلال، والأهم من كل ذلك هو وحدة المقاومة".