إسرائيل اليوم: شعبية “عرين الأسود” آخذة في الازدياد في الضفة الغربية

حجم الخط

، بقلم دانا بن شمعون

 

إذا كانت حاجة إلى إشارة للتأثير المتزايد لتنظيم “عرين الأسود” الجديد في الضفة الغربية، فقد تلقيناها أمس. استجابة واسعة شوهدت في بعض القرى والمدن الفلسطينية لدعوة رجال “الميليشيا” لخوض إضراب عام على سبيل التضامن مع سكان مخيم اللاجئين شعفاط بسبب “الإغلاق” الذي فرض عليه بعد العملية التي قتلت فيها المقاتلة نوعا لازار.

نشاطات جماعة عرين الأسود وإن كان يتركز في منطقة نابلس إلا أن إشارات أولية على اتساع التأييد للتنظيم تبدأ بالظهور في أماكن أخرى. وعلى حد قول مصادر فلسطينية لا يجري الحديث في هذه المرحلة عن إقامة خلايا وظهور مقاتلين حسب نمط عرين الأسود في نابلس، بل تأييد معنوي من بعيد وإعراب عن التضامن مع فكرة “التمرد” لأعضاء التنظيم.

“يوجد الكثير من الشبان الذين تجذبهم الحركة، وروح التنظيم الذي يجلبها عرين الأسود”، هكذا شرح لـ “اسرائيل اليوم” مقيم من رام الله وأضاف: “ليس الجميع يفكرون بشكل عميق كيف يجديهم هذا نفعًا. هذا مثلما رأينا اليوم الشبان يشعلون النار في إطارات السيارات في مداخل القرى ويغلقون الطرق. يبحثون عن الفوضى ولا يهم إن كان هذا يخدم الهدف أو يوجد مثل هذا الهدف أصلاً”.

يوزعون الحلويات

 يحاول رجال التنظيم الإبقاء على صورة شعبية وتجنيد عطف الجمهور الفلسطيني. في عيد المولد النبوي قبل بضعة أيام خرجوا إلى الشوارع ووزعوا على المارة الحلويات والسكاكر بهدف التحبب من الشارع. هم يجتهدون لأن يخلقوا انطباع “مقاتلين يأتون من تحت”، من بين الشعب. بخلاف النشطاء من منظمات اخرى يرتعد منهم جزء من الجمهور الفلسطيني أحياناً ومن الرعب الذي يزرعونه، فإن “مقاتلي” عرين الأسود يريدون أن يظهروا بأنهم لا يتصرفون كآخر الزعران وأنهم هنا من أجل إقامة النظام وحماية الفلسطينيين.

أشرطة رائجة على “التواصل”

وللتنظيم حضور بارز في الشبكات الاجتماعية حيث ينشرون الأشرطة المسجلة التي تعرض العمليات التي ينفذونها ضد الجنود والمدنيين. وأصبحت هذه الأشرطة رائجة ولا سيما في أوساط الشبان الفلسطينيين الذين يرون فيها نموذجاً للاقتداء.

حتى من لم يفكروا في الماضي بالانضمام الى العنف يرون الآن بأن الأمر ممكن، بل وحتى أسهل على التنفيذ مما قدروا. آخرون يشاهدون التوثيقات بفضول شديد. وحتى لو لم يكونوا يعتزمون حمل السلاح أو المشاركة النشطة في العنف، فإنهم يعربون عن التضامن والتأييد للجماعة.

في أوساط الفلسطينيين الآراء منقسمة. هناك من يعتقد بأنها مسألة وقت فقط إلى أن تظهر جماعات أخرى تحاول محاكاة طريقة عمل عرين الأسود. في الماضي حصل شيء مشابه مع تنظيمات أخرى مثل “الفهد الأسود” الذي كان يعمل في شمال الضفة الغربية في أثناء الانتفاضة الأولى وكان أعضاؤه مسؤولين عن عشرات العمليات ضد إسرائيل وقتل فلسطينيين مشبوهين بالتعاون معها. نشاط التنظيم الذي ولد في حينه في منطقة جنين انتشر لاحقاً الى مناطق أخرى بعد أن حقق شعبية بالتدريج.

“يستغلون ضعف السلطة”

 “عرين الأسود” يحركون الأجواء. هم يستغلون ضعف السلطة وملل الجمهور الفلسطيني منها فينالون المزيد من العطف. حتى من لا يتفق بالضرورة مع كل ما يفعله “عرين الأسود” يقول لنفسه: ها هو أخيراً يوجد أمل للتخلص من السلطة الفلسطينية الفاسدة التي لا يهمها الشعب الفلسطيني”، كما قال مصدر فلسطيني.

في المقابل، هناك من يعتقد بأن ظاهرة “عرين الأسود” كفيلة بأن تتفكك لاحقاً إذا لم تحرص على إنماء قيادة مرتبة مع خطة واضحة وجدول أعمال في ظل بلورة جيناتها الخاصة. في التنظيم مقاتلون بعضهم مدعومون من تنظيمات فلسطينية مختلفة بينها فتح، حماس والجهاد الإسلامي أو ينتمون لها، بينما آخرون لا يرون أنفسهم ينتمون لأي تنظيم.

إشاعات مغرضة

“اذا واصل التنظيم العمل بهذا الشكل بحيث لا يكون لنشطائه هوية وولاء واحد يحتمل أن تكون مشكلة لاحقا وتبدأ الخصومات والنزاعات بين اولئك الذين يأتون من فتح واولئك الذين يؤيدون طريق حماس او الجهاد. عندنا من الصعب الاتحاد ودوما تأتي الانشقاقات. لكل تنظيم يوجد تفكير وطرق عمل مختلفة وكل واحد في النهاية يريد أن تكون السيطرة في يديه”، قال المصدر.

في عرين الأسود عادوا وادعوا أمس بأنهم لا ينتمون لأي تنظيم فلسطيني. وجاء الإيضاح في أعقاب ادعاءات سمعت في إسرائيل في أن التنظيم يعمل بتشجيع من حماس ومدعوم من حماس. وفي القيادة السلطة الفلسطينية قلق كبير من وجودهم وقوتهم المتعاظمة. أول أمس رفضوا عرض السلطة وضع أسلحتهم والانخراط في أجهزة الأمن الفلسطينية. كما نفوا التقارير في نابلس تقول بأن بعض رجال التنظيم سلموا أنفسهم للسلطة الفلسطينية وقالوا إن هذه إشاعات مغرضة.