ترسيم الحدود مع اسرائيل

تنزيل (23).jpg
حجم الخط

بقلم: د. دلال صائب عريقات

 

 

 

بعد تلقي المسودة النهائية لترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل من قبل الوسيط الأمريكي عاموس هوشستين صباح الثلاثاء ٢٠٢٢/١٠/١١، أعلن مكتب الرئيس اللبناني عون أن الصيغة النهائية للصفقة "ترضي لبنان وتلبي مطالبه وتحافظ على حقوقه في موارده الطبيعية".
كما اعتبرها رئيس الوزراء الاسرائيلي لابيد "انجاز تاريخي سيعزز أمن اسرائيل ويضخ المليارات في الاقتصاد الاسرائيلي ويضمن استقرار حدودنا الشمالية ".
لم تعلق حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران على تفاصيل المقترحات خلال المفاوضات غير المباشرة لكنها قالت إنها ستوافق على موقف الحكومة اللبنانية ورداً على إعلان الاتفاق قال زعيم حزب الله حسن نصر الله "سنبقى يقظين" حتى يتم الإعلان رسميا عن الصفقة البحرية مع إسرائيل.
   
على الجانب الاسرائيلي، يحتاج لابيد الان لموافقات أمنية وحكومية قبل طرح الموضوع على الكنيست. وهو في الواقع يواجه الان التماسات في محكمة العدل العليا ضد الاتفاقية وحملة المعارضة السياسية ضدها خاصة بقيادة رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو الذي وصف الصفقة بأنها "استسلام" لحزب الله، وهدد صراحة أنه إذا عاد كرئيس للوزراء فلن يحترم الاتفاق!
ليس من الواضح ما إذا كان من الممكن الحصول على موافقات من قبل الحكومة ومجلس الوزراء الأمني والكنيست قبل انتخابات 1 تشرين الثاني (نوفمبر) وهو أمر ضروري لدخول الصفقة حيز التنفيذ. حيث من الجانب اللبناني، حُدِّدت مهلة التوقيع على الاتفاق حتى نهاية تشرين الأول (أكتوبر) وهو موعد انتهاء ولاية الرئيس اللبناني ميشال عون. من المرجح ان توقع إسرائيل ولبنان الاتفاق في 20 أكتوبر. وعلى الرغم من محدودية نطاق الاتفاقية حول الحدود البحرية دون البرية إلا أنها تهدف إلى تخفيف المخاوف الأمنية والاقتصادية في كلا البلدين. بالرغم من ان الصفقة لن تحل سوى الخلاف الإقليمي في الطرف الشرقي للبحر الأبيض المتوسط ولا تمس حدودهم البرية، إلا أنها استراتيجية وعميقة اذا ما تناولناها من جانب امتيازات الحدود الاقليمية الخاصة للدول Exclusive Economic Zones وهذا ما شهدناه في حقلي تمار وليفياثان، حيث تم اختبار التدفق حتى يبدأ استخراج الغاز قبل تفعيل الحفارات.
في ظل اتفاقيات التطبيع المتكاثرة وتفوق لغة المصالح امام الالتزامات الأخلاقية او القانونية,  وفي الوقت الذي اتفقت فيه دول الاقليم بدءاً بمصر وتركيا وقبرص واليونان والان لبنان مع دولة الاحتلال لتحقيق مصالح استراتيجية في المياه الإقليمية, هذه رسالة صريحة للفلسطينيين بأن نوجه الحديث للمطالبة بتحديد الحدود مع الاسرائيليين، للفلسطينيين حقوق في حقول الغاز التي يتحدثون عنها في البحر المتوسط، حان الوقت لحرف الحديث عن اعادة بناء الثقة وطاولة المفاوضات الى فرض الحديث الى ترسيم حدود دولة الاحتلال.  المطلب البديهي والقانوني سواء من الطرف الفلسطيني، العربي، الاقليمي او الدولي يجب أن يتمحور حول ترسيم واعلان حدود دولة اسرائيل التي اعترف بها العالم منذ ٧٤ عاما. بعد ترسيم الحدود باقي الأمور تفاصيل تتبع حيث ان ترسيم الحدود يعني انهاء الاحتلال بالدرجة الأولى!

دلال عريقات: استاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الامريكية.