ضرب الانقسام مرة أخرى أكبر مؤسسة مالية في ليبيا، وذلك بعدما أعلن فرع البنك المركزي في مدينة البيضاء بالتعامل بسعر صرف مخالف عن سعر صرف البنك الرئيسي في العاصمة طرابلس.
والسلطة الليبية انقسمت بعد الحرب الأهلية في البلاد عام 2014، ووجود بنكين مركزيين واحد في طرابلس وآخر في البيضاء، لكنه أعيد توحيده في 2020 بعد اتفاق جنيف الذي تبنى هدنة طويلة الأمد في البلاد.
ونتيجة الجمود السياسي في البلاد عادت الخلافات بين البنكين وتوقفت مفاوضات التوحيد مرة أخرى.
وآخر اشتباكات البنكين عندما طلب بنك البيضاء سرعة تعديل سعر الصرف بما يناسب قيمة الدينار، الأمر الذي تجاهله بنك طرابلس، ما دفع الأول لاتخاذ قرارات أحادية قال إنها ستطبق من 16 أكتوبر.
تعديل سعر الصرف
من هذه القرارات التي اتخذها بنك البيضاء، تعديل سعر صرف العملة حتى لا يتدهور سعر الدينار، ليكون سعره 0.1833 وحدة من وحدات حقوق السحب الخاصة، بعد أن كان 0.1555 في التعديل الذي اتخذه بنك ليبيا المركزي الموحد ديسمبر 2020.
ورد مركزي طرابلس بالتأكيد على العمل بالسعر الحالي المقرر بموجب قرار مجلس الإدارة رقم (1) لسنة 2020.
ويعلق عضو لجنة تعديل سعر الصرف في البيضاء مصباح العكاري، بأن قرار تخفيض سعر الصرف إلى 4.26 دينارا للدولار جاء وفق المادة 31 من قانون المصارف 46 لعام 2012، لافتا إلى أنه بعد مرور سنة وتسعة أشهر على التعديل السابق استجدت أوضاع كان يلزم على البنك المركزي بسببها إعادة النظر في السعر.
البنك المركزي في عاصفة الفوضى
• في عام 2014، شنت الجماعات الإرهابية معارك "فجر ليبيا" ضد الجيش الليبي، وأخرجته من غرب البلاد لتستفرد بإدارة مؤسسات الدولة الواقعة في طرابلس، ومنها البنك المركزي.
اضطر مجلس النواب والحكومة المؤقتة، ومقرهما شرقي ليبيا، إلى إيجاد بنك مركزي آخر في مدينة البيضاء، شرقا، بعد اتهام البنك في طرابلس بالتعنت في إرسال المرتبات للموظفين شرقا.
بعد اتفاق جنيف بين الأطراف الليبية المتنازعة عام 2020 ووقف إطلاق النار، انطلقت مفاوضات لتوحيد البنك المركزي.
أدى فشل إجراء الانتخابات في ديسمبر 2021 إلى شل البلاد، وظهور حكومتين، واحدة منتهية الولاية في طرابلس، وأخرى مكلفة من البرلمان شرقا.
بالتزامن، تعطلت مفاوضات توحيد البنك، وشكا مسؤولون في شرق ليبيا، ومن بينهم قادة الجيش، من عودة بنك طرابلس للتعنت في المرتبات.
نشاطات مشبوهة
أطلق خبراء ليبيون في حديثهم ، تحذيرات كذلك من أن وجود سعرين للصرف في بلد واحد سيفتح الباب أمام النشاطات المشبوهة والسوق السوداء.
يصف المحلل الاقتصادي الليبي سامر العذابي، التعامل بسعرين للصرف بأنه "كارثة مالية أدت إلى وجود سوق سوداء واسعة للعملة ونشاطات مشبوهة تستغل فرق أسعار الصرف بين البيضاء وطرابلس".
ونتيجة لهذا الانقسام، فإن بيانات العمل المالي ستكون منقسمة لا محالة، وتصبح الهيئات الرقابية على البنك المركزي في وضع لا تحسد عليه؛ حيث سيُطلب منها حصر وتحليل بيانات البنكين في طرابلس والبيضاء على أساس أسعار صرف كل منهما، حسب العذابي.
وبسؤاله عن أي البنكين اتخذ القرار السليم، يجيب العذابي: "بالتأكيد فرع البيضاء؛ فأسعار الصرف كانت لا بد أن تتحرك منذ 6 أشهر".
كما يتوقع أن "يحمي القرار احتياطات الدولة ويخفض أسعار السلع والخدمات ويقلل الاستدانة".
لا يدعم الدينار بشكل كافٍ
في تقدير المستشار السابق في البنك المركزي محمد أبو سنية، فإن سعر الصرف الجديد "لا يحقق الدعم الكافي للدينار، فسعره يجب أن يتحرك أكثر من مرة"، حسب تصريحات له.
وحذر البنك الدولي في أحدث تقاريره عن ليبيا من تردي الاقتصاد نتيجة تدهور السياسات المالية الناجمة عن الانقسام، متوقعا استمرار معاناة البلاد من التضخم وغلاء فاتورة الواردات.
المصدر: سكاي نيوز عربية