اتفاق الغاز: أسئلة يتعين على القيادة السياسية الإسرائيلية أن تجيب عنها

حجم الخط

بقلم: تسفي هاوزر

 



في نظرة أولى يجدر تأييد اتفاق الحدود البحرية مع لبنان. لكن ليس كل ما هو جدير في النظرة الأولى يكون كذلك في النظرة الثانية. خذوا مثلا اتفاق تحرير جلعاد شاليت. الكثيرون من وزراء حكومة نتنياهو، ممن أيدوا الاتفاق، يفهمون في نظرة إلى الوراء خطأهم. في حينه مثلما هو اليوم، أيّد جهاز الأمن الاتفاق بالإجماع. من المحظور الاستخفاف بموقف جهاز الأمن، فهذا جهاز متوازن ومهني ويقوم بمهمته بإخلاص. لكن من المحظور قبول موقفه بصفته مقدسا. القيادة السياسية هي التي تتحمل المسؤولية العامة، وهي ملزمة بتفكير استراتيجي في نظرة بعيدة المدى وليس فقط في تفكير تكتيكي عسكري.
بالمناسبة، فإن وحدة تفكير القيادة العسكرية في موضوع لبنان تتوجب الأخذ بموقف فريق التهور الأمني الذي لا بد أعطى موقفه في هذا الشأن. من المهم أن نستمع إلى تقدير آخر ولا سيما في مسألة احتمالات الحرب في حالة عدم توقيع الاتفاق.

ضعف قانوني
القيادة السياسية، مثل الكنيست بصفتها جهة رقابة، ملزمة بأن تسأل المستويات المهنية المشاركة في الاتفاق بضعة أسئلة جوهرية. إذا لم تكن الأجوبة مرضية فيجب النظر في تأجيل الاتفاق إلى ما بعد الانتخابات، أو كبديل نقل إقرار الاتفاق إلى الكنيست، مثلما أوصت المستشار القانونية، غالي بهرب ميارا.
أولا، يجب السؤال إذا كان الاتفاق الحالي يضعف قدرتنا على الدفاع قانونيا عن موقفنا بالنسبة لخط الحدود الإقليمي المستقبلي. هل موافقتنا على مسار الحدود في المياه الاقتصادية، اليوم، تؤثر على النقاش المستقبلي الذي سيقرر خط الحدود بين إسرائيل ولبنان في البحر وفي البر؟ وهو خط يعكس، وفقا لموقف جهاز الأمن، أيضا حاجة أمنية حيوية.
تجدر الإشارة إلى أن الاتفاق الحالي لا يتحفظ على الاستناد إلى مسار حدود المياه الاقتصادية في المستقبل. إضافة إلى ذلك، أنكر الرئيس اللبناني شرعية خط الجرف الإسرائيلي كخط حدود مستقبلي، وذلك قبل أن يقر الاتفاق بشكل نهائي. كل هذه تبعث على التخوف من أن الاتفاق الحالي يضعف جوهريا وضعنا في كل ما يتعلق بقدرتنا على الدفاع قانونيا عن الحدود الإقليمية في البحر وفي البر مستقبلا. على الوزراء والنواب أن يسألوا أنفسهم والمستشارين القانونيين: هل حالة طابا تكرر نفسها بالتغييرات الواجبة؟ هل تنازلنا المقرر للمصير بالنسبة للانسحاب يلزم قانونيا في المستقبل. يخيل أن هذا تنازل إقليمي بحكم الأمر الواقع، ولا مفر من نقل النقاش إلى قرار الكنيست.
لقد عرض الاتفاق في وسائل الإعلام كأمر ينتج ردعا مستقبليا في صيغة «طوافة مقابل طوافة» لكن من المشكوك فيه إذا كان في حالة الطوارئ الحقيقية، التي تصاب فيها طوافة إسرائيلية، ممكنا اصابة الطوافة اللبنانية.
ينبغي أن نسأل منذ اليوم، إذا كانت ضربة لطوافة بملكية خاصة يمكنها أن تعد من ناحية عسكرية أمرا واضحا: في حالة «تبادل ضربات للبنى التحتية» في المحكمة في لاهاي لن يشكل هذا رادعا حيال «حزب الله» مثلما يشكل حيال إسرائيل.
أخشى أن تكون صيغة «طوافة مقابل طوافة» تستهدف الوعي في الرأي العام الإسرائيلي فقط وليس خطوة ردع لـ»حزب الله». وينبغي أن نسأل وزارة الطاقة: هل أجرت إسرائيل استطلاعا عميقا لمرابض أخرى قد تكون في أرضية البحر، وليس فقط في سياق الغاز؟
دولة سليمة في القرن الـ 21 يجب أن تتأكد ألا نندم في المستقبل على تنازل تجريه، اليوم، فقط لأننا لم نكبد انفسنا عناء الفحص الشامل. فلو أن هذا النقاش جرى قبل 20 سنة لما بحثت مسألة الغاز على الإطلاق.
 
ضغط جهاز الأمن
حكومة إسرائيل ملزمة تجاه مواطنيها وتجاه أصحاب امتيازات الغاز بالسماح للإنتاج من الآبار التي توجد في أراضيها. عمليا، فرضية عمل القيادة السياسية والعسكرية كانت انه لا يمكن احتمال أثمان الدفاع عن الطوافة.
لقد فضلت إسرائيل الانسحاب من منطقة توجد في موضع خلاف كي تسمح بإنتاج الغاز من «كريش» على أن تخاطر بحرب أو تخضع لإملاءات «حزب الله» وتؤجل موعد الإنتاج.
في هذا السياق، من شأن الاتفاق مع لبنان أن يفسر كاتفاق جبي فيه من إسرائيل ثمن إقليمي يخرج عن «معادلات ميزان القوة» التي سادت في الـ 15 سنة الأخيرة مع «حزب الله»، رغم أنه تم في إطار مشروع حل وسط أميركي. عمليا يخيل أنه لم تكن مرونة حقيقية للقيادة السياسية للرد بالسلب على اقتراح الوسيط – ليس بسبب الضغط الأميركي بل في أعقاب ضغط ناجع من جهاز الأمن الإسرائيلي الذي وجد نفسه تحت الضغط أمام تهديدات «حزب الله».
اليوم، صعب بل متعذر اتخاذ قرار دون أن تكون القيادة العسكرية داعمة للقيادة السياسية فتأخذ يدها وتعبر بها الطريق. الاتفاق الحالي يشكل بمعان عديدة رمزا لهذه الصعوبة. ولعلنا نواسي انفسنا في أن يحتمل أن يؤدي إلى تفكير استراتيجي حديث في موضوع علاقاتنا مع لبنان.

 عن «إسرائيل اليوم»