في 15 يوليو 2022، استبدل الرئيس الأمريكي جو بايدن، القضية السياسية وسبل انهاء الاحتلال وصولا الى دولة فلسطين بأربع رشاوي اقتصادية، حاولت وسائل إعلامهم أن تصنع منها "تحولا جوهريا" في مسار السكون، بعد ارتباك العلاقة الفلسطينية مع إدارة ترامب أثر قراره بنقل السفارة الى القدس، وصفقة تدمير جوهر الصراع.
رشاوي شملت حزمة من 4 خطوات، التبرع لشبكة مستشفيات القدس الشرقية، إطلاق شبكة الاتصالات 4G في الضفة الغربية وقطاع غزة، إعادة إطلاق اللجنة الاقتصادية الإسرائيلية الفلسطينية المشتركة (متوقفة منذ 2000)، وتوسيع عمل معبر الكرامة (النبي) الحدودي بين الضفة الغربية والأردن لـ 24 ساعة.
المفارقة الطريفة، والتي مرت مرورا عابرا، أن أمريكا قدمت جزء منها لمستشفيات القدس، ثم ذهبت تسمسر مع دول عربية (السعودية، الإمارات وقطر) لتكمل ما تعهدت هي به، ما يكشف ان جوهر الأمر ليس التزاما رسميا بالموضوع الفلسطيني، لا سياسيا ولا اقتصاديا، كون كل قرار منها لا بد أن ينال موافقة حكومة دولة الكيان، فلا يمكنها أبدا القيام بخطوة خارج "الفيتو الإسرائيلي"، وذلك ما يحاول الكثيرون تجاهله، خوفا من فضيحة الالتصاق بالإدارة الأمريكية.
عندما تعجز واشنطن عن عقد لجنة مشتركة اقتصادية بين فلسطين والكيان، فتلك مسألة تمنح الفلسطيني (لنتجاهل العربي)، مؤشر أن أي انتظار من أمريكا ليس سوى مساعدة مباشرة للمشروع التهويدي.
مقابل تلك الرشاوي الشفوية التي قدمتها واشنطن للرسمية الفلسطينية، تقف حائط صد منيع في كل المؤسسات الدولية مدافعة عن المشروع الإرهابي الشامل الذي تنفذه دولة الكيان العنصري، في الضفة والقدس وقطاع غزة، وآخر نماذجها ما حدث في مجلس حقوق الإنسان خلال مناقشة تقرير المفوضية عن فلسطين، برفضها ما ورد حول الاستيطان.
موقف المندوبة الأمريكية، موضوعيا، خرج عن موقف أمريكي تقليدي، كان يعتبر الاستيطان "غير شرعي" وصوتت بشكل عام مع غالبية القرارات التي تدين الاستيطان، او أنها تمتنع، لكنها لم تقف يوما تعرقل أي تقرير حول ذلك.
أن تدافع عن دولة الكيان، فذلك ثابت من الثوابت التي لن يهزها سوى أن تهتز أمريكا دولة ووجودا، ولكن أن تقف لتبرر المشروع الإرهابي بوقاحة منقطعة النظير، وتعتبر التقرير انحيازا، فتلك مسألة الصمت عليها، من الجامعة العربية قبل الرسمية الفلسطينية، شكلا من اشكال "التواطئ السياسي"، وتشجيعا عمليا للإرهاب الفاشي المتنامي بسرعة قياسية، مع حركة غزو استعماري جديد للأرض الفلسطينية، لفرض التهويدية لكسر مشروع دولة فلسطين.
تصريحات السفيرة الأمريكية التي انتقلت من "دعم الكيان" الى تبني سياسة الإرهاب والفاشية داخل أرض دولة فلسطين، كشفت أنها لا تقيم وزنا أو تحسب حسابا لفعل مواز، وكأنها تنتقم من فلسطين بعد قرار "أوبك+"، بينما تنشغل الفصائل في جدول أعمال مختلف.
عندما سرب "الأمن الروسي" بذكاء أقوال الرئيس محمود عباس خلال لقاء بوتين في "أستانة" حول عدم ثقته بأمريكا، وأنه لن يقبل أن تكون راعي المفاوضات، ولا تصلح وسيطا، كان يجب تحويل تلك الأقوال الى موقف رسمي فلسطيني، بعد تصريحات مندوبة الاحتياط (الأمريكية) لدولة الغزو الاحتلالي في فلسطين.
آن أوان الانتقال من سياسة التذمر و"البرطمة" الى بعض فعل بخطوات لم يعد ممكنا انقاذ "بقايا الوطن" دونها، وكل صمت أو تجاهل ردا هو شراكة موضوعية مع مشروع العدو، خاصة بعدما أظهرت أمريكا أن "الرشاوي المقدمة" لن تصلهم.
كل تأخيرة في الانتقال من مواقف "السكون" و "الشعوذة الكلامية" تحت يافطة سنفعل، هي حجر مضاف للمشروع التهويدي، وهدم حجر من المشروع الوطني...ولا خيار ثالث بينهما!
ملاحظة: اغتيال أحد أبناء "عرين الأسود" المنتمي للجبهة الشعبية يكشف أن مرحلة مواجهة جديدة، مع أساليب العدو القومي... حاذروا الغدر فهو أخطر اشكال التآمر...ومعه لتتوقف المظاهر "الاستعراضية المسلحة" التي تكسر هيبة الفعل المقاوم!
تنويه خاص: الحزب الشيوعي الصيني سجل سوابق تاريخية ملفتة..أول مرة تكريس شي جين بيينغ أمينا عاما لدورة ثالثة...ولأول مرة تغيب المرأة عن عضوية المكتب السياسي..الأولى مفهومة جدا من خلال قفزات البلاد..بس الثانية ليش ..معقول نساء البلد "عاقرات فكر وسياسة"!