عرين الأسود: المصالحة في المقاومة

تنزيل (23).jpg
حجم الخط

بقلم: د. دلال صائب عريقات 

 

 

 

من جنين، غزة، القدس، ونابلس، نشهد ظاهرة للمقاومة الشعبية المسلحة ضمن إطار تقدمي قانوني وأخلاقي. هذه ظاهرة جديدة، مقاومة مبتكرة أصيلة، هي بالدرجة الأولى تطبيق عملي لصورة إنهاء الانقسام الحقيقية على الأرض، فالانتماء فلسطيني والعمل وطني، والهدف هو الاستيطان والاحتلال بعيداً عن الانتماءات السياسية والجغرافية والايديولوجية. 


عرين الأسود يشكل حالة ما بعد المصالحة، عرين الأسود يعكس صورة الوحدة التي يستحقها الشعب الفلسطيني. خروج هؤلاء الشباب كجناح عسكري دون انتماء سياسي وتحديهم للاستيطان بالدرجة الأولى هو مثال مشرف للمقاومة الفلسطينية وتأكيد على حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه. 


لقد أعاد عرين الأسود تعريف "المقاومة" كحق مشروع للشعب الفلسطيني أسوة بباقي شعوب المجتمع الدولي التي تتمتع بحق الدفاع عن النفس بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، التي تضمن للشعب الفلسطيني حق الدفاع عن النفس، سواء فردياً او جماعياً حيث تنص "ليس في هذا الميثاق ما يخل بالحق الطبيعي في الدفاع عن النفس الفردي أو الجماعي في حالة وقوع هجوم مسلح ضد أحد أعضاء الأمم المتحدة، إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة للحفاظ على السلم والأمن الدوليين. يجب إبلاغ مجلس الأمن على الفور بالتدابير التي يتخذها الأعضاء في ممارسة حق الدفاع عن النفس هذا ولا تؤثر بأي شكل من الأشكال على سلطة مجلس الأمن ومسؤوليته بموجب هذا الميثاق لاتخاذ مثل هذه الإجراءات في أي وقت يراها ضرورية للحفاظ على السلم والأمن الدوليين واستعادتهما."


طالما حاول الاحتلال تشويه صورة النضال والمقاومة الفلسطينية حتى أصبحت المقاومة الفلسطينية من مرادفات "الارهاب" في عيون الكثيرين. وأصبح قطاع غزة مرادفا لـ "حماس والارهاب"، وانضمت جنين والقدس ونابلس الى القافلة حتى تمكنت المقاومة الفلسطينية من إعادة تعريف نفسها بالطريقة التي تتوافق مع حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه.


المطلوب وطنياً فلسطينياً وعربياً اليوم هو نقاش هذه الظاهرة وما تعكسه من صورة للمصالحة والوحدة الوطنية المتجسدة في انتماء تسمو عليه صفة الفلسطيني بغض النظر عن الفصيل أو الانتماء الحزبي. 


يلزم هؤلاء الشباب جناح أيديولوجي سياسي فكري لتعزيز وتمكين المقاومة الفلسطينية والوحدة التي يمثلونها في سبيل الحرية التي يدفعون دماءهم ثمناً لها.   


البعض يتساءل ان كانت هذه الحالة مؤقتة ؟ باعتقادي في ظل تمثيل الشباب وحق الدفاع عن النفس، إن تقديم إعادة لتعريف المقاومة الفلسطينية التي ربطها الاحتلال في عيون العالم بمفهوم "الارهاب" يأتي شباب عرين الأسود لقلب التعريف وإعادة فضيلة المقاومة كحق بشكل قانوني أخلاقي منطقي لا يقبل الانقسام، ومن الصعب دحضه من قبل العالم لسبب بسيط باستهداف الاستيطان وكل ما هو غير قانوني حسب الشرعيات الدولية. 


- دلال عريقات: أستاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الامريكية.