رأيتها ذات مساء تقف على ذاك الجرف، وتريد الإنتحار، فاقتربتُ منها وقلتُ لها: انتظري فأنا أريد أن أتحدث معك لدقائق، ولكنها أصرّتْ على القفزِ من على ذاك الجرف وبدأت مستعدة للموت، لكنني استطعت الإمساك بكنزتها الملونة، وجرّها للخلف، فأوقعتها على الأرض، وقلت لها: لماذا تصرّين على الموت وأنتِ تملكين قدّاً رائعا، وسحنة ساحرة، وبإمكان أي شخصٍ أن يقعَ في حُبّكِ، لأنّكَ فريدة بجمالكِ الساحر، فردّتْ بتنهدٍ لمْ أُجرّب الحُبَّ البتّة.. فقلتُ لها : منْ يراكِ يتمنّاكِ، فصمتتْ وسادَ الجُرفُ صمتا رهيبا، ولم تستطع الشّفاه أن تظلَّ صامتة بلا صخبٍ وقت المغيب، وبعد قليل من هدوء مجنونٍ، قالت بصوت ناعم: لم أكنْ أعلم بأنَّ الحُبَّ رائعٌ إلى هذه الدّرجة، ولا أدري لماذا لا أقع في الحُبِّ حتى اللحظة؟ لربما لأنّني عادة ما أكون في مزاج سيءٍ، وكل من يراني يأخذُ عني انطباعا بأنني سيئة في كل شيء أو لأنَّ الحُبَّ عذابٌ رائع، أو لأنّني لم أدرك مدى روعة الحب..
قلت لها وهي تحدق فيّ : الحُبُّ أجمل ما في الكون، وها أنا وقعتُ في حُبِّكِ ليس لأنَّكِ صاخبة في هدوئكِ بلْ لأنني أول مرة أرى امرأة قليلة الخبرة في لجم الشّفاه وقت الثوران، فردّتْ ما أروع الحب الذي يأتي من رجلٍ مشاغبٍ مثلك مع أنكَ تبدو هادئا للوهلة الأُولى ..
على ذاك الجرف وقعتُ في حب امرأة لا تعرف الصمت، فهي صاخبة بمشاغاباتها الرائعة، وتريد الغوص في جنون الحب، لأنها محرومة من الحب في زمن ماتتْ فيه الأحاسيس.. لقد استطعتُ أن أنقذها من الموتِ وفي ذات الوقت جعلتها تذوبُ في همساتي الرائعة..