فجأة أفاقت إسرائيل مذعورة ...يا للهول بن غفير سيصل إلى أربعة عشر مقعداً!
فاشية تنبت فجأة تشكل خطراً على الدولة، على المجتمع وعلى النظام السياسي، القانون الذي يحضر له سموترتش مجزرة كبيرة على الديمقراطية هذا خطر كبير ..أنقذوا الدولة وإلا كل شيء سينهار.
هذا كان جزءا من الجدال الخائف والمحمل بنكهة انتخابية من قبل مثقفي وسياسيي إسرائيل الذين يقفون في الوسط.
فجأة يكتشفون أن الحل الوحيد لإنقاذ الدولة من طغيان الفاشية هم العرب، وفقط رفع نسبة التصويت لديهم هو ما يضمن الحفاظ على الديمقراطية والعلمانية واستمرار النظام القضائي واستمرار سلاسة المؤسسة بعيداً عن الشعبوية الغبية والدينية الجاهلة.
فإذا ما خرج العرب للتصويت ستزيد نسبة التمثيل ما يضمن عدم حصول كتلة نتنياهو - بن غفير على الحد المطلوب لتشكيل الحكومة والاستيلاء على الدولة وتحطيم كل شيء.
حملة كبيرة تتركز في الوسط العربي لدفعهم للتصويت إلى الدرجة التي يدعو فيها يائير لابيد للخروج للتصويت للأحزاب العربية، مقاطع فيديو وأغانٍ تحذرهم من بن غفير وكأنه بات على العرب مسؤولية إنقاذ الدولة والمجتمع الإسرائيلي من شروره التي أنتجها وهو يزحف نحو اليمين.
العام 2000 كانت إسرائيل تعقد مؤتمر هرتسيليا الأول بهدف البحث عن حلول لزيادة العرب في الدولة باعتبارهم «يشكلون خطراً كامناً» حسب تقرير سرب من مكتب رئيس الوزراء حينها، حيث تشكل زيادتهم العددية هاجساً للدولة.
وفي تلك الفترة كانت القوى الدينية تتمدد بشكل خطر دون أن تقف «اليهودية «العلمانية أمام ذلك الخطر الحقيقي، وكان واضحاً الاتجاه المتصاعد نحو القومية والدين اليهودي والمدارس الدينية والموازنات والمعاهد التوراتية والإعفاء من الجيش والعائلات كثيرة الأولاد. كل هذا ويستغربون من أين جاءت اليمينية الفاشية.
المهم أن العرب باتت مهمتهم التاريخية هي عدم السماح بسقوط إسرائيل تحت حكم الفاشية، والحفاظ عليها وعلى ديمقراطيتها وبالمرة على الاحتلال الحضاري وعلى التمييز ضدهم. وفي المقابل مسموح للمجتمع الإسرائيلي الذي يتم ضخ الميزانيات الهائلة لبلدياته ومدارسه أن ينتج هذا التطرف ويدمر الديمقراطية .. !
على العرب ألا يسمحوا بتمزيق إسرائيل، بل عليهم أن يقوموا بترقيعها، وعليهم أن يغطوا عورة المجتمع اليهودي وأن ينقذوا اليسار الفاشل الذي أودى بنفسه وبدولته ومجتمعه إلى تلك النتيجة، فقد أصبح العرب حراس بقاء إسرائيل قوية وحضارية وعلمانية، ولكن من المؤكد أن هذه ليست مسؤوليتهم مقابل مجتمع يهودي يغرق أكثر في الدين والقومية المتطرفة حد الكاهانية.
ليست وظيفة العرب أن ينقذوا اليسار الفاشل، وليس واجبهم إنقاذ حزب العمل المهترئ الذي وقع اتفاقيات السلام مع الفلسطينيين ثم انتخب شخصاً مهزوزاً مثل شمعون بيريس لم يجرؤ على أن يكون رجل سلام وبعده انتخب إيهود باراك أحد صقور الحزب الذي رفض اتفاق أوسلو فاستدعوه ليطبق برنامج اليمين.
ليست وظيفة العرب حقن بني غانتس بجرعات الشجاعة فهذه أكبر من إمكانياتهم. فقد توفرت له فرصة تاريخية ليشكل حكومة مستقرة لأربع سنوات عندما أوصت الأحزاب العربية جميعها حين فازت قائمته بخمسة عشر مقعداً في الانتخابات المعادة العام 2019 وأوصت به لدى الرئيس الإسرائيلي، لكنه كان جباناً ولم يتصرف كزعيم فهرب من الميدان ليختبئ تحت جناح نتنياهو.
ليست وظيفة العرب حماية حزب ميرتس الفاشل الذي دعم كل تطرف حكومات إسرائيل، وأسقط عن جدول أعماله الحل السياسي مع الفلسطينيين وحل الدولتين، وعجز عن حماية برنامجه أمام الزحف الديني القومي.
تلك ليست مهمة ولا قدر من تم التنكيل بهم لعقود طويلة، وتمت معاملتهم على يد يسار إسرائيل باحتقار لعقود طويلة وتم التعامل معهم بعنصرية، ولم يتوقف هدم بيوتهم وحرمانهم من الميزانيات ونشر الجريمة بين صفوفهم وانهاكهم كمجتمع لم يرفع رأسه لكثرة الضربات حتى يفيق الحريصون على استمرار إسرائيل قوية وديمقراطية استنجاداً بالعرب.
قد يفهم المرء أن الوجود العربي بالكنيست في ائتلاف يبعد الفاشيين ما يضمن فرملة قوانين ضدهم، هذا مفهوم ولكن بالمقابل فإن المطلوب منهم أمام تطور ديناميكيات إسرائيلية لم تتوقف توربينات شحنها نحو القومية والدينية هي مهمة عسيرة بل ليس لهم مصلحة كبيرة فيها.
ليأتِ نتنياهو وبن غفير، وليكن الأخير وزير خارجية بوجه مكشوف، وليأتِ سموترتش وزيراً للعدل وليحطم القانون بما يحضره له فهو يتوعد بالقضاء على استقلاله وتحويله إلى أداة بيد اليمين الحاكم، ولتتهدد الديمقراطية الإسرائيلية فهي ليست بهذا القدر من الكفاءة ويمكن للعرب فيها أن يعطوا تقييماً لجدارتها. أو ببساطة شديدة كيف تكون ديمقراطياً وتسيطر على قومية وشعب آخر بالقوة وتحتل أرضاً للغير بالقوة العسكرية وبالطائرة والدبابة ثم تكون ديمقراطياً حضارياً ؟ فحتى تتكامل الأشياء لا بد من بن غفير وسموتريتش ونتنياهو.
لا بد من صدمة للعالم لن تحدث إلا حين يكون بن غفير وزيراً رئيساً، وعندما يبدأ الكنيست تطبيق ثقافته وعندما ينهار القانون وتشرعن العنصرية ويصبح الأبرتهايد علنياً فتسقط ورقة توته الأخيره ويلاحق اليسار في إسرائيل. أليس من فعل هذا بنفسه؟.
العرب ليسوا خشبة خلاصه ولا خلاص دولة ومجتمع يذهبان نحو الجنون والقضاء على الديمقراطية والعلمانية والقانون ...فليذهبوا وليس بوسع العالم الثالث إلا أن يفسح لهم مقعداً ويقول: «أهلاً بكم في نادي المتخلفين».