الانتخابات الإسرائيلية.. صراع على «الصياغة»

201958134341122636929198211223735-1565767256.jpg
حجم الخط

بقلم غسان زقطان

 

 

 


اليوم، يذهب الإسرائيليون إلى صناديق الاقتراع في جولة خامسة خلال ثلاث سنوات، الإسرائيليون الذين يحتلون فلسطين ويعيشون على أرضها منذ إعلان دولتهم في العام 1948.
لا يوجد ما يختلف عليه المرشحون بشكل جوهري كما يحدث عادة في انتخابات برلمانية، ليس ثمة برامج يمكن مناقشتها والحوار حولها وتحليلها في هذه الانتخابات، لا يوجد احتلال ولا يوجد "يسار"، الاحتلال الذي نفذه وعززه اليسار، كل ما بقي صراع عبثي حول تعاليم الفاشية ونظام "الأبارتهايد"، معركة صياغة في أفضل أحوالها، بين فاشية معلنة صاعدة وفاشية مقنّعة تتفكك وتتكشف أكثر مع كل جولة انتخابات.
انتهت منذ وقت طويل الأوهام حول دور اليسار في إسرائيل، سيبدو مثيرا للفزع أن يصدق أحد أو يخوض حديثا عن "يسار" أسّس وقاد دولة احتلال.
لم يملك اليسار الصهيوني الغابر في أي مرحلة برنامجا لحل الصراع مع الفلسطينيين، المرة الأخيرة التي شوهد فيها كانت عشية الانتفاضة الثانية، كان لا يزال يرفع بكثير من التوجس حقبة شعارات ملتبسة حول "السلام"، شعارات لم تكن قادرة على العيش في مجتمع يميني سلفي تأسس على فكر ديني منحه حقوقا إلهية، في الاستيلاء على الأرض واستخدام الناس/الغرباء أو "الغوييم" في تنفيذ العمل الأسود.
تحت مظلة التفوق العنصري وعلى أرضيته، نشأ اليسار في إسرائيل، وواصل العيش في ازدواجية ثقافية تشرعن الاحتلال وتمنحه ألقابا وصفات وأسماء توراتية من جهة، وتتحدث عن العلمانية والليبرالية وحقوق الإنسان من جهة ثانية، ولكنه في كل أحواله كان يشكل حاضنة لليمين، لم يكن أكثر من دفيئة للفاشية.
وبينما كان يؤلف اقتراحاته حول أفضل الطرق لإدارة الاحتلال، كان يغرق في التعالي ونزعة الوصاية، بحيث تحول إلى عبء ثقيل على الفلسطينيين في العقود الأخيرة، تحديدا أولئك الذين صدقوا دوره في الاعتراف بحقوقهم والدفاع عنها.
في الحملة الانتخابية الأخيرة، بدا المجتمع في إسرائيل أكثر تجانسا وأكثر تعبيرا عن حقيقته، اليمين الذي يحكم ويغذي ثقافته الفاشية، واليسار الذي يتذمر ولكن على أرضية برنامج اليمين الفاشي الوحيد.
استعيد هنا ما كتبته قبل سنوات
بقيت تل أبيب عاصمة اليسار حيث يعيش، يأكل ويتنزه ويطلق نظريات "إنسانية" حول البيئة، وتعاليم حول "سلوك" الفلسطينيين تحت الاحتلال.
بينما يستدرك الفلسطينيون، بكثير من التعثر والعناد حكمة الصراع، لا يوجد محتل يساري وآخر يميني، يوجد محتل والمحتل فاشي، هذا ما أعاد الصراع إلى نقطة النكبة، وهو ما يحدث الآن.