الانتخابات للكنيست الـ 12 أجريت في 1 تشرين الثاني 1988، قبل 34 سنة بالضبط.
قبل يومين من الانتخابات ألقى فلسطينيون زجاجات حارقة نحو حافلة باص قرب أريحا. أم وثلاثة أطفالها، وجندي، قتلوا. الصدمة أحدثت انعطافة في اللحظة الأخيرة في جمهور الناخبين: الليكود، مع 40 مقعداً، تغلب على المعراخ مع 39. فاز شامير برئاسة الوزراء.
العمليات تجتذب الناخبين يميناً. الرد عاطفي، من البطن. وهو متوقع تماماً، مفهوم تماماً.
ليس له صلة بمسألة من يقف على رأس الحكومة وما هي سياسته. العملية في أريحا وقعت عندما كان رئيس الوزراء شامير.
أحداث أيار 2021، بما فيها أعمال الشغب وأعمال الفتك في المدن المختلطة والصواريخ التي أطلقت نحو القدس، وقعت عندما كان رئيس الوزراء نتنياهو.
على الرغم من ذلك، فإنه هو وربيبه بن غفير يقطفان اليوم ثمار الأحداث القاسية إياها.
أفهم لماذا يسارع نتنياهو وبن غفير للرقص على الدم. هذه صهيونيتهما.
أفهم أقل ما الذي تفعله وسائل الإعلام على منصة رقصهما، بما في ذلك «يديعوت أحرونوت».
لدي جدال طويل السنين مع محرري هذه الصحيفة، وليس فقط معهم، حول السبيل الذي تغطى فيها هنا العمليات.
بدلاً من الالتصاق بالحقائق ينشرون الرعب والخوف. في العقد الأخير يوجد انخفاض حقيقي في إحساس الأمن الشخصي. الإرهاب الفلسطيني يأتي على موجات: الموجة الحالية نشبت في نيسان، أساساً في شمال السامرة، ومنذئذ وهي ترفض الاندثار؛ تضاف إلى هذا أحداث محلية عنيفة تمس بإحساس الأمن: في الوسط العربي، في منظمات الجريمة، في داخل العائلات، بين الفتيان، في الممتلكات الزراعية.
«يديعوت أحرونوت» كرست لموجة الإرهاب الفلسطيني عنوانها الرئيس أمس، وفصلت: «رقم قياسي في عدد المقتولين في العمليات منذ 2015»، «25 ضحية».
ظاهراً، عنوان رئيس غير سياسي. إحصاءات، هذا كل شيء. لكن في إسرائيل كل شيء سياسي، في كل الوقت، ما بالك قبل بضعة أيام من الانتخابات.
أعجب باستخدام كلمتي «مغدورين» و»ضحايا». نحو ربع القتلى كانوا جنوداً وأفراداً من الشرطة. سقطوا في أثناء خدمتهم، ولم يقتلوا غدراً. هم يستحقون هذا الشرف.
كل الاستخدام لتعبير «مغدور» عن مقاتلين ومقاتلات في الجيش هو موضوع جديد، بعض من وباء ادعاء الضحية الذي جلبه علينا نتنياهو.
اذهبوا إلى المقابر العسكرية. لا أعتقد أنكم ستجدون هناك الكثير من الشواهد التي كتب عليها «مغدور» (مقتول غدراً).
في 2021 قتل 21 إسرائيلياً في أعمال الإرهاب، قتل في النبأ يوسي يهوش، مراسلنا العسكري. في 2022 قتل 25.
مقارنة أعداد القتلى عندما يدور الحديث عن الإرهاب مدحوض في نظري. فالإرهاب جاء لتشويش الحياة في الدولة: هذا هدفه. في أحداث أيار 2021، وفي وقت حملة حارس الأسوار، تشوشت جداً الحياة داخل إسرائيل؛ الجرح الذي فتح في حينه ينزف حتى اليوم. وهي لم تشوش في 2022.
لا فكرة عندي لماذا اختارت الصحيفة أن تضخم النبأ إلى حجوم تاريخية؛ لا فكرة عندي لماذا فعلت هذا قبل يوم من الانتخابات.
أنا أعرف من الأخطاء التي ارتكبتها في الماضي كم معنى يوجد أحياناً لتوقيت نبأ ولمكانه في الصفحة الأولى.
لا غرو أن نتنياهو، المحب المعروف لهذه الصحيفة سارع لأن ينشر صورة الصفحة الأولى في آلة دعايته. إذا كان هذا لن يساعده، فهو سيساعد شركاءه.
نعم، لا سبيل لتجاهل بن غفير في هذه الانتخابات. نجاحه في الاستطلاعات يعتمد على دائرتي ناخبين متضاربتين. الأولى، إسرائيليون خائفون. بعضهم يؤمنون بأن بن غفير سيفرض النظام في الدولة؛ الثانية، إسرائيليون عنيفون. بعضهم يؤمنون بأن بن غفير سيجعل ميولهم العنيفة شرعية، سيزودهم بالمسدسات وسيدفع بهم نحو العرب واليساريين وكل من لا يأتي لهم بالخير.
على هذا الخليط قامت حركات فاشية في أوروبا: يريدون رجلاً قوياً؛ يريدون رخصة للعربدة. يكثر الناس من القول إن بن غفير وسموتريتش هما الذيل الذي يهز الكلب. أخشى أن هذا القول ليس محدثاً: هما ليسا الذيل – هما الكلب. نتنياهو رباهما ووحدهما إذ رأى فيهما حمار المسيح: هو المسيح؛ هما منفذا قوله، الحمار. ومن شأنه أن يكتشف أنهما هما المسيح وهو الحمار.
ربما على هذا نتوجه للتصويت اليوم: على الحرية لأن نقرر بأننا لسنا حميراً.
في الطريق إلى صندوق الاقتراع يجدر بنا أن نقول بضعة أمور في ثناء سياسي ما لم يرشح نفسه للانتخابات اليوم. اسمه نفتالي بينيت. لقد حصل على رئاسة الوزراء كنتيجة لصدفة لم يكن هو مسؤولاً عنها. تجند للمنصب مثل الجندي الذي يتجند للاحتياط: من أجل القضية، ليس من أجل نفسه. حكومة كانت مشلولة على مدى سنتين وأكثر عادت إلى أداء مهامها.
الميزانية أجيزت؛ الوزراء عملوا؛ العلاقات الخارجية استقرت. هو فعل كل هذا بينما هو وكتلته كانا عرضة لهجمة شخصية بشعة، عنيفة، وقد فعل هذا بروح طيبة، متقبلة. من سينتخب اليوم للكنيست التالية يمكنه أن يرى في بينيت نموذجاً للاقتداء.
عن «يديعوت أحرونوت»
